المهوّلون

06:08 صباحًا السبت 9 مارس 2013
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أصفهم أنهم “مهولون”، ولا أقول “الناعقون”.. فبعض المهولين ليسوا بالضرورة ناعقون، وقد تكاثروا في عصر الواتس أب وأخوته على هواتفنا الذكية التي تبدو أنها كاشفة لعدم توفر هذه الخصلة في كثيرين يجدون في كل صيحة.. عليهم.

يستقطون الأخطاء للبدء في برمجتها حسب عقدهم النفسية، إحباطاتهم، مستويات فهمهم، يحللونها، ويطلقون نيران التحريم والتجريم في كل حدب وصوب، ليس لأنهم على قدر هائل من النقاء والطهارة، بل لأن بينهم من يجد في تهويل أخطاء الآخرين غفرانا لأخطائه، وتبريرا لمستوياتها داخل نفسه، طاهرون (جدا) حدّ الغيرة على بنات المسلمين (في حادثة سابقة) وأنقياء (جدا جدا) حدّ وصف صرح حضاري ووطني بأنه لممارسة الدعارة، وحسبي أن أحد الذين أرسلوا لي بهذه العبارة يعرف مواقعها في دولة مجاورة، حينما يترك بيته وأهله من أجل تلك البقع (الدنسة والمدنسة).

رائع أن نكون غيورين على أخلاقياتنا، والتمسك بإيماننا بعظمة ديننا، قولا وفعلا..

والأروع أن نرى سيماء هذه الغيرة منعكسة على سلوكياتنا، فالكذب والافتراء ليسا وسيلة علاج ما نعتقده أنه ممارسات خاطئة.. والرد عليها، أخطاء أو اجتهادات بسيطة جرى تحويلها إلى عقد كونية تطالب باجتثاث كل شيء إلا ما تراه وحدها مناسب للمجتمع، كأنما كياننا قشة يمكن أن تطيّرها هبّة ريح طارئة، أو قشرة بيض قابلة للكسر بمجرد فعل بسيط يمكن نسفه سريعا بتهميشه والقفز عليه نحو ما نؤمن به حقا، حيث الإيمان والعمل، لا الكذب والافتراء وتوزيع الإشاعات كخبر مقاطعة دول خليجية للمنتجات العمانية لمجرد اجتهاد رجل مسلم (وليس يهوديا) قرأ الفاتحة في مكان غير مناسب في وقت غير مناسب (ولم يتبول في مسجد) كحال الحكاية الشهيرة التي رويته عن علاج الرسول الكريم لما قام به الإعرابي، إنما أين هؤلاء من فكر الرسول عليه السلام ورؤيته؟!.

دعوات متطرفة ساقتها عقول لا ترى إلا من زوايا ضيّقة، وأظن بوجود سلفية متطرفة في السلطنة يمكنها أن تكون نموذجا مختلفا في العالم الإسلامي حيث أن منطلقاتها ليست من متدينين (بالضرورة) بل ممن يريدون القفز على حصان الدين كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا، والمطالبة عبر صراخ وعويل بهدم وحرق وتحطيم، ويتركونه هذا الحصان إذا لم يجدوا فيه مصلحة لتحقيق مآربهم (المتطرفة) كونهم غارقين في ملذات الحياة، طولا وعرضا.

ماذا يمكن أن يقول سماحة المفتي عن دار الأوبرا؟

بديهي أن المنظور الديني لا يتلاقى بالضرورة مع المدني أو (المديني) وعبر تاريخ الأمة الإسلامية (وسائر الأمم) لم يوجد زمن اختفت فيه دور التسلية (من موسيقى وغيرها) كما لم يخفت دور علماء الدين، هي حكاية البشرية المستمرة في مساراتها.

شخصيا، أزور الأوبرا مرة كل شهر أو شهرين، وأدخل المسجد خمس مرات في اليوم، ولي من الأفكار ما يلتقي مع البعض ويهاجمني عليه البعض، إنما.. كل نفس ما كسبت.. رهين.

إنما، نحتاج إلى صدق حينما نتداعى إلى نصرة الدين، صدق مع أنفسنا، قبل أن يكون مع.. لوحة مفاتيح.. على الحاسوب، أو على الهواتف، ذكيّها وغبيّها!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات