أطفال سورية بين جحيمين

08:16 صباحًا الأحد 17 مارس 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بلغ عدد النازحين من سورية إلى خارج الحدود مليون شخص، بينما لجأ 3لا3ة ملايين آخرين إلى مناطق أكثر أمنا داخل سورية

دمشق : تشير تقديرات أممية قد أشارت إلى أن نحو مليون سوري فروا بسبب المعارك إلى مخيمات اللجوء في دول الجوار، كما نزح نحو 3 ملايين سوري داخل سوريا نحو مناطق أكثر أمنا. وبين جحيم الحياة خارج الوطن وجحيم البقاء فيه، يبدو مستقبل الأطفال في سوريا مجهولا.

بالأمس تواصلت الانفجارات والاشتباكات العنيفة بين القوات السورية النظامية والمقاتلين المعارضين في الجيش الحر  بعدد من المناطق بطول وعرض البلاد، فيما دان النظام السوري الدموي دعوات باريس ولندن الى رفع قرار حظر توريد الاسلحة الى قوات المعارضة .

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، والذى يتخذ لندن مقرا له، ان عددا من قذائف الهاون سقطت يوم السبت على بلدة جسرين بريف دمشق، ما ادى الى احداث خسائر في الارواح والممتلكات.

كما بات الحديث عن سقوط العشرات يوميا أمرًا اعتياديا بعد استخدام البسار للسلاح الجوي في قمع المعارضة، والتي فتحت شهيتها هي أيضا تمكنها من إسقاط عشرات الطائرات، حتى أنها أعلنت عن سقوط ما مجموعه 100 مروحية.

وقال المرصد ان القوات الحكومية ايضا قصفت بلدات زملكا والزبداني ودير العصافير وشبعا ووقعت اشتبكات كثيفة صباح السبت قرب اللواء 39 قرب مدينة عدرا.

وفي دمشق أيضا، أشار المرصد الى وقوع اشتباكات في حي تادمون الجنوبي ومخيم اليرموك المجاور للاجئين الفلسطينيين.

من ناحية اخري، قال التلفزيون الرسمي ان ” ارهابيين “فجروا يوم السبت سيارة مفخخة تحمل أكثر من طنين من المتفجرات قرب مبنى التأمينات فى الحسينية وحاولوا فى وقت لاحق اقتحام المبني.

وقال التقرير ان الافراد القائمين على حراسة المبني قتلوا واصابوا العشرات من المهاجمين، نافيا ما رددته تقارير اعلامية بأن الارهابيين استولوا على المبنى تماما.

وفي حى دير جوبر بدمشق، قال الاعلام الرسمي ان الجيش قتل العشرات من “الارهابيين” وأعاد الأمن والاستقرار الى مناطق دوار البرلمان والمركز الثقافي وقسم الشرطة ومبنى البلدية في حي جوبر بريف دمشق.

وقرب الحدود السورية- اللبنانية، عززت القوات الحكومية التعزيزات الامنية في النقاط الحدودية، على ما ذكر شهود عيان في منطقة وادي خالد اللبنانية يوم السبت.

واعلنت دمشق ان قواتها لن تتردد في اطلاق النار اذا واصلت “العصابات الارهابية” التسلل الى سوريا عبر الاراضي اللبنانية.

جنوب شرق العاصمة اللبنانية، وفي إحدى خيام النازحين من جحيم الحرب في سورية، بعض الأطفال السوريين أمام مصيرهم المجهول

وجاء في برقية وجهتها الخارجية السورية الى نظيرتها اللبنانية أن ” مجموعات إرهابية مسلحة قامت خلال الـ36 ساعة الماضية وبأعداد كبيرة بالتسلل من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي السورية “.

وشددت على أن ” القوات السورية لا تزال تمارس بضبط النفس بعدم ضرب تجمعات العصابات المسلحة داخل الأراضي اللبنانية لمنعها من العبور إلى الداخل السوري ، لكن ذلك لن يستمر إلى ما لا نهاية”.

ومن جانبه قال الرئيس اللبناني ميشال سليمان يوم السبت ان” لبنان اعتمد سياسة النأي بالنفس والحياد حيال الاحداث السورية .وشدد على أن ” لبنان لن يسمح أن يكون ممرا للسلاح والمسلحين عبر حدوده كما لن يسمح بإقامة قواعد عسكرية او بؤر أمنية للمسلحين على أرضه من كل الاتجاهات.

وأضاف الرئيس سليمان ان “الجيش اللبناني تقع على عاتقه منع تسلل السلاح والمسلحين عبر الحدود بين البلدين”.

وسط ذلك الجحيم من النيران يتعرض أطفال سورية لأشوأ كارثة إنسانية، تقول المؤسسات الدولية إنها ستمتد لأجيال قادمة.

فمع دخول الأزمة السورية عامها الثاني يبدو أن مشهد العنف هو العنوان الأبرز وسط تعثر الجهود السياسية والدبلوماسية التي تحاول احتواء الأزمة وإطلاق عملية سياسية عبر الحوار بين السلطة والمعارضة.

ومرت الأزمة السورية بعدة محطات منذ منتصف مارس عام 2011 إلى أن انتشر العنف على نحو واسع وراح يهدد بنية المجتمع السوري وتركيبته الاجتماعية والسياسية.

بعد فشل المراقبين العرب في لجم وتيرة العنف، وما شاب عملهم من ملاحظات وانتقادات، دعت دول عربية ومنظمات دولية إلى تعيين مبعوث دولي وعربي مشترك إلى سوريا، وهو ما تم فعلا، إذ عين كوفي أنان لهذه المهمة، وتم إرسال بعثة مراقبة دولية إلى الأراضي السورية للحد من موجة العنف المتنامية.

ولم تتمكن البعثة الدولية من إحراز أي تقدم لوقف العنف، وهو ما دفع بالمبعوث الدولي أنان إلى الاستقالة ليحل محله الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي الذي يواصل جهوده منذ أشهر لاحتواء الأزمة من دون أن يحقق أي اختراق ملموس، وهو يقر بأن مهمته “صعبة وشاقة”.

وفي هذا السياق، قال ماهر مرهج أمين عام حزب الشباب الوطني السوري المعارض إن “تجربة السنتين الماضيتين أكدت أن هناك مؤامرة كبيرة تحاك ضد سوريا”، مشيرا إلى أن “الخيار الأمني والعنف لا يفضيان إلى حل سياسي”.

وأضاف مرهج في تصريحات خاصة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن “الموضوع السوري لم يعد يختزل في المطالبة بالحرية وإسقاط النظام، ولا بمزاعم النظام إجراء إصلاحات شكلية”، مشددا على أن الموضوع “بات موضوع وطن، وكيفية إنقاذ هذا الوطن من أتون حرب طائفية أو أهلية تهدد مستقبل البلاد”.

ورأى مرهج أن سوريا “تحولت خلال العامين الماضيين إلى مسرح للفساد والخطف والقتل”، مشيرا إلى أن “العنف أصبح هو العنوان الأبرز للأزمة في ذكراها الثانية”.

وطالب المعارض السوري الجميع “بالجلوس إلى طاولة الحوار الحقيقي ونبذ جميع الخلافات والنظر إلى مستقبل سوريا وإعادة الأمن والاستقرار إليها”.

وأوضح مرهج أن “العنف أبعد أي بارقة أمل لتطبيق الحل السياسي، وفاقم الأزمة وبات الأمر معقدا أكثر فأكثر”، لافتا إلى أن “قضية اللاجئين أصبحت ورقة رابحة بيد بعض الدول للمتاجرة بها”، محملا “النظام والمعارضة المسلحة مسؤولية ازدياد تلك الأرقام والهجرة القسرية للسوريين من بيوتهم”.

ودعا مرهج إلى “رفض التدخل الخارجي ومكافحة الإرهاب، ووقف إمداد المعارضة المسلحة بالمال والسلاح، كي يفسح المجال أمام الحلول السياسية”، محذرا من أنه في “حال استمرت دائرة العنف فإن الوضع سيتفاقم أكثر وستذهب البلاد إلى المجهول”.

ودعا مرهج إلى “محاسبة المسؤولين عن العنف”، مطالبا “ببذل كل الجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عبر إعطائهم ضمانات حقيقة، وتأمين مراكز إيواء مناسبة لهم”.

وفيما يخص فرص الحلول السياسية، قال مرهج إن “الحل السياسي لا يزال يشكل المخرج الوحيد للأزمة السورية”، مطالبا “الدول الغربية والعربية بالتوافق على إيجاد صيغ مناسبة توقف نزيف الدم السوري”.

ورأى حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق السورية المعارضة، أن “أفق الحل السياسي خلال الفترة الماضية كان مسدودا بوجود جناح في النظام يؤمن بالحل العسكري والأمني، وكذلك وجود التشدد من قبل المعارضة المسلحة وبعض التيارات السلفية التي استغلت عنف النظام”.

وأضاف عبد العظيم في تصريحات خاصة لـ((شينخوا)) أن “المعادلة التي تكرست تتمثل في أن النظام يريد القضاء على المعارضة المسلحة، والجيش الحر المعارض يعمل بدوره على إسقاط النظام”، لافتا إلى أن “الرهان على ذلك كان خاطئا، وبالتالي كان هناك المزيد من إراقة الدماء وتصاعد وتنامي وتيرة العنف”.

وأوضح عبد العظيم، الذي يعد أحد أبرز أقطاب معارضة الداخل، أن “العنف لم يعد مقتصرا على النظام والمعارضة المسلحة بل دخلت على خط الأزمة عناصر قادمة من دول إقليمية وعربية وأجنبية بحجة نصرة الثورة السورية ليصبح هناك قوى متطرفة تمارس أبشع أنواع القتل والعنف بحق الشعب السوري وتحاول القضاء على الحراك الشعبي السلمي”.

واعتبر المعارض السوري أن “صوت السلاح طغى على صوت الحوار، الأمر الذي أدى إلى تعثر الحلول والمبادرات السياسية”.

ورأى عبد العظيم أن “ثمة قناعة تشكلت لدى الدول المعنية بالملف السوري، وخصوصا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مفادها أن مستويات العنف في سوريا وصلت إلى مراحل خطرة، وأنه لا بديل عن الحل السياسي”، مشيرا إلى أن “التوافق الروسي – الأمريكي نحو إيجاد صيغ للحل السياسي بدأ ينعكس على مواقف الدول الغربية التي باتت تطالب بحل سلمي وانتقال سلس للسلطة”.

وطالب عبد العظيم السلطات السورية بتوفير “البيئة المناسبة لتطبيق الحل السياسي”، مؤكدا أن “هذا الحل لا يتحقق بأيدي السوريين وحدهم لأن القضية أصبحت متشابكة بعد تدخل أطراف إقليمية ودولية، ولا بد من وجود توافق دولي لحل الأزمة السورية”.

وأعرب عبد العظيم عن أمله في أن تكون هناك “إرادة حقيقية لدى النظام”، مشككا في أن يكون لدى الحكومة السورية “النوايا الصادقة في إجراء الحوار”، مبينا أن “الحل الأمني والعسكري لا يزال قائما وسط حملات الاعتقال الواسعة لمعارضة الداخل”.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد طرح مطلع السنة الجارية مبادرة لحل الأزمة في بلاده تضمنت الدعوة إلى حوار وطني ووضع دستور جديد تمهيدا لإجراء انتخابات عامة في البلاد.

وأكدت السلطات السورية على لسان كبار المسؤولين أنها مستعدة للحوار مع مختلف قوى المعارضة السورية في الداخل والخارج بما في ذلك المعارضة السورية المسلحة ، لكنه أمر يبدو شكليا، إذا لا يعد سوى وسيلة للماطلة وزيادة العناء للمقاومة. حيث  أن  أي حوار بين السلطة والمعارضة يشترط  وقف ما يسمونه بالعنف للتفاوض وتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة”، معربا عن تفاؤله بالحل السياسي، فبعد سنتين من الدوران في حلقة مفرعة، فإن هناك جهود دولية حثيثة تبذل لإيجاد حل سياسي.

وحذر عبد العظيم من أن “العنف واستمرار الصراع المسلح سيقودان إلى صراعات أهلية وطائفية لها مخاطر كبيرة تهدد النسيج الوطني الاجتماعي في سوريا”، لافتا إلى أن “الدول المهتمة بالملف السوري بدأت تستشعر الخطر وتسير في اتجاه تكريس الحل السياسي”.

لهو بري في مقاومة حرب شرسة لنظام ديكتاتوري لا يرى محنة هذا الجيل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات