حدائقُ الغبطة

06:32 مساءً الإثنين 18 مارس 2013
نجوى الزهار

نجوى الزهار

كاتبة من الأردن، ناشطة في العمل التطوعي

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

امسكي القلم جيدا . فاليوم عليك ان تتدربي على نسخ حرف الغين

(غ)

حرف الغين يا صغيرتي له يا صغيرتي ثلاثة احوال واشكال .

في بدايه الكلمة, في الوسط, في نهاية الكلمة.

ما بك ؟

أراه يا خالتي يشبه قمرا كبيرا حمل على كتفيه قمرا أصغر.

سنرى. اما الآن فحاولي أن تتمسكي بالقلم أكثر,

ليكون حرف  الغين او قمرك جميلا . اتذكرين كم كانت علاماتك ممتازة بحرف الالف , فلقد وضعت النقطة المتمرسة على السطر , ثم انطلقت بها للأعلى بيد لم ترتجف. حرف الباء اضحكنا كثيرا ,عندما شعرت به سريرا مستلقيا على السطر.

ماذا تفعلين ؟ ما بك؟

احاول  احاول وضع المخدات فوق بعضها البعض للوصول الى مفتاح النور . فإني اريد ان اصحو باكرا باكرا ,ولا اريد ان ازعجك فما زال حرف  (غ) مستعصيا علي .فتلك الاستداره لم اتكمن منها بعد .

ثم ان المعلمه طلبت منا ايضا ان نكتب ونفهم ثلاث كلمات تبدأ بهذا الحرف ما هي الكلمات التي تبدأ به ؟ هل لك بمساعدتي

نعم نعم سوف افعل ,و لكن عليك المحاوله اولا .

حرف غ حرف غ اين الكلمات التي تبدأ به ؟ لا أجد اياً منها

و لكن لماذا يا خالتي عندما نبحث عن الشيء لا نجده

حاولي

ها انا احاول .

اتذكرين عندما ذهبنا الى نبع بقين.

نعم أذكر ذلك

كان هنالك قطعة هاربة من السيل .ما أسمها؟

أني اتذكر الان .كان اسمها غدير ,فلقد قلت لي احتفظي بهذا الاسم جيدا انه غدير .

هاهي الكلمة الاولى. ما هي الكلمة الثانية؟

نعم نعم بالامس و ان تمشطي لي ضفائري ,قلت لي انظري الى تلك الشرائط البيضاء ,التي تتزين بها غدائرك كم هي جميله .

ها نحن لدينا كلمتين يا خالتي لدينا غدير        غدائر

ماهي الكلمة الثالثة ؟

الكلمة الثالثة هي غبطة

ماهي الغبطة يا خالتي؟مالي اراك لا تجيبين ؟لماذا تبتعد عيونك عني اهي كلمة حزينه ؟

لا يا صغيرتي ليست بالحزينه و لكني بالحقيقة لا اجد التعبير المناسب الذي استطيع ان اصفه بها

رن جرس المدرسة عاليا منبئا بانتهاء اليوم الدراسي .و انا في محاولة للابتعاد عن فيض البنات .لا اريد .. لا اريد ان يراني احد و انا اتجهة لباب المقام الملازم لمدرستنا .بالامس سمعت البنات يتضاحكن .

قالت صديقتي ريا …………… لعل بها بعضا من الجدبة احيانا اكلمها فاشعر بها لا تسمعني ولا تراني .

ها انا اقف على باب المقام .تمتليء عيوني بالدموع .انا لا ابكي انما هي عيوني انا لا اتلو صلاتي انما هو قلبي

امسح بكفي دموعي .في محاولة مني للبحث بين ثنايا القماش الاخضر الموشح بالذهبي عن طاقات من النور كنت قد رايتها بالامس.تمتد يدي الى جيوبي باحثةً عن فرنكي ,لوضعه في السلة الموجودة في زوايا المقام .لا اجده ,لعله في حقيبة المدرسة لا اجدة .امسك بحقيبتي ,ثم القي بكتبي على الارض لا اجده. لا ارى الا حروفي المتناثرة

أ   الفة     ن   نور     م   محبه     ج   جود     ز   ز ين

لعلة في المقلمة لا اجدة

ابكي بكاء الضائعين.اريد ان اضيء شمعتي اريد ان ابتهل .

ثم يمتد الحنان الى كتفي قائلا

ما بك ؟

نظرت الية من خلال ستارتي الدمعية ,لقد اضعت فرنكي ذاك الذي اريد ان اهبه لمقامي هذا ,ليكون دعائي المستجاب .

لا يهم  لا يهم اغمضي عيونك ثم ابدأي بالدعاء المستجاب ,فانت قد وهبت ما تملكين حتى لو اضعتة .

ماذا ؟

ثمة ضباب من عدم الفهم يحيط بي

فلنعد للبداية قال لي…

اهو حرف اخر في بداية الكلمة ؟

لا يا بنيتي ,انما ما اعنية ما اسمك ؟

اسمي نجوى

هل تعرفين معنى النجوى ؟

شيء ما شيء ما يذكرني بجزع شجرة الكباد , عندما لم تستطع خالتي ان تقطف الثمرة العالية جدا .امسكت بالغصن ثم بدأت بتحريكة بكافة الاتجاهات .الى ان جاءت جدتي مسرعة جدا ,طالبة منها ان تكف عن هذا فأنين شجرة الكباد يملأ الاجواء كلها ثم اعطتها عصا طويلة للمساعدة في التقاط الثمرة.يا الهي من يساعدني لالتقاط المعنى الغائب عني .ما معنى النجوى؟ لكن اداري اداري عجزي فقلت ..انني اعرف معنى غدير و غدائر ولكن لا اعرف معنى النجوى و ايضا الغبطة ساعدني يا الهي .

كانت الابتسامة.ثم قال:لا يهم لا يهم يا ابنتي ان كنت تعرفين المعنى

 ام لا ,فالمعاني ياللمعاني ؟كم تتغير بفعل اصحابها لعلك يوما ما سوف تعطين اسمك معنى اخر .

أداري أدراي عدم فهمي لما يقول ,فاتجهت للاسئلة المتراكمة في قلبي

بالامس كان لدينا درسٌ عربي عن حرف الغين ,ثم طلبت المعلمة ان نكتب ثلاث كلمات عن ذاك الحرف .تساعدني خالتي دائما فانا اليوم اكتب ثم افهم غدير غدائر ,الا الغبطة لم تستطع اعطائي جواباً.. ماهي الغبطة يا صديقي أهي كلمة حزينة             أغنيه            شروقٌ         غروب

أحيانا يقول لي خاطري انها نجمتي .

صمت طويلاً,خلع حذائه خارجاً,اقترب مني,امسك بيدي لنتجهة الى مواجهة المقام معاً.

مر زمن أي زمن,ثم عاود قوله الم اقل لك الم اقل لك؟

ماذا ؟

لا تدعي اي من المعاني يستقر في وجدانك الجميل .

عاودتني اهتزازت شجرة الكباد,فانا افهم تماما ولا افهم ايضا ما يقول,وما من عصا اتكيء عليها .لعل ما اصابني ,استطاع الوصول اليه.

تعالي تعالي قال لي لربما اثقلت عليكِ اغذريني ,ولسوف اساعدك الان .

نعم نعم اريد ان افهم تماما ما تقول و لنبدأ بالغبطة

قليلا قليلا من التمهل قال.ثم علينا يا صغيرتي ان نبدأ اولا بهذا القماش الذي يرتدية المقام

لنبدأ بهِ قلت

تماسكت نظراتنا, انتشرت عيوننا على المقام، الى ان سالني ما لون المقام ؟

لونة؟ أخضر.. أخضر بلا شك. لتعاودني بعضاً من اهتزازات شجرة الكباد فهاهو يقول : أهو نفس اللون الذي نظرت الية بالامس؟

تماسكت بعضاً من اغصاني,لاستطيع البوج لة بازدياد حيرتي و ارتباكي .

انا لا اقصد هذا ,و لكني احاول فقط .

تحاول ماذا ؟

احاول ان اجعل اللون الاخضر      المعنى الاخضر  لا يستقر في قلبكِ بشكل ما بمعنى ما               بلون ما .

ماذا ؟

انا لا انتظر ايا من الاجوبة ,فقط حاولي حاولي النظر مجددا لقماش المقام المسمى بالاخضر . و تاكدي ان كان له نفس اللون الذي كان لة بالامس.

انك محقٌ   محقٌ جدا . بالامس كان هنالك طاقات من النور بين ثنايا القماش  لعل هذا ما تقصده .

لم يستطع      لم يستطع   ان يقول لي انة لا يقصد شيئا. فلقد انبأتني بذلك ابتسامتة التي تشبة نهاية ضحكة

الى ان امسك بالهواء المحيط بزوايا المقام ليكتب على سطوره  غ   غبطة

غ  غبطة . انتِ اليوم غبطةً لنهاري الشاق الطويل

أسيرُ باتجاه دارنا . احاول ان اشغل بالي  بوجبة الغذاء , جدتي تجعل طعامنا ملوناً محباباً .

طبق من الجبن الابيض مع اوراق النعنع الخضراء

الارز مع حبات البزيلاء الخضراء

ماذا ؟ ماذا تعاود الاسئلة الخبط من جديد . خبطٌ جبطٌ في راسي دوائر دوائر  خضراء تتراقص امامي .ليعاودني السؤال ؟ماذا هل اللون الاخضر له نفس احوال و اشكال الاحرف. بداية    وسط   نهاية    . و لربما هنالك ايضا عشبٌ اخضر في بدايتةِ ، عشبٌ أخضر في وسطةِ ، عشبٌ أخضر في نهايتةِ. ماذا قال لي ؟مالذي كان يريد قولة ؟

أعاودُ أعاودُ من جديد. لعل ما يقصده هو ان ارتب اللون الاخضر كما ارتب حروفي. لا لعله يقصد شيئاً اخر

لا يهم   لا يهم   و لكنِ ساحاول ترتيب اللون الاخضر ,كلما شعرتُ او رايتُ او سمعتُ    اخضراراً .ساحتفظ بة في ورقة خاصة

هاهي الياسمينة البيضاء امامي اوراقها خضراء , و اشجار الليمون ثمارها صفراء أما اوراقها في الخضراء .

و لكن مهلا  مهلا ايتها الياسمينة البضاء ذات الاوراق الخضراء ساعود اليكِ غداً فانتظريني . و لسوف تخبريني عمن ياتي اليكِ ليلا ليستعير بعضاً من الوانك

اما هو فانني اذا ما قابلته غداً ,سوف اصرح له بكل حيرتي .و لن نخفي عنه شيئاً اليس كذلك يا ياسمينتي .و لسوف اساله و عليه ان يعطيني جواباً.

لماذا لا نستطيع ان نمسك الالوان بايدينا

 لماذا لا نستطيع ان نخبئها تحت جائني صوت خالتي ملونا راقصاً..اين انتِ ؟ فالغذاء جاهز والكل بانتظارك.انني قادمةٌ يا خالتي فانا استطعت ان افهم معنى الغبطة . و انتِ و انتِ يا خالتي غبطةً لسنوات عمري .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات