شرعية الديكتاتور!

08:36 صباحًا الأربعاء 3 يوليو 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

هل تفرح ملايين مصر اليوم بزوال الكابوس الذي أرقها طيلة العام؟

كعادته انتظر الرئيس المصري المنتظر خلعه اليوم، محمد مرسي، منتصف الليل، ليرد على رسالة الشعب المصري التي أعلنها القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبد الله السيسي، وكالعادة جاءت الكلمة المتلفزة تكيل التهم للمعارضة بالتقاعس عن الحوار، وللشعب بأنه مجموعة من البلطجية وفلول النظام السابق الفاسد، وكأن أكثر من 30 مليون خرجوا في شوارع مصر لا يعنون شيئا لرجل قال إنه لن يرحل إلا بالدم، كما أعلن منذ اليوم الأول للرئاسة بأنه لو لم ينجح لكان ذلك على رقبته، إشارة لاستعداده الموت، ونشر العنف، في حال خسارته، وهو ما أفضى إلى نتائج انتخابات يطعن في شرعيتها، وهي الشرعية الوحيدة التي لا يزال يتمسك بها ابن جماعة الإخوان.

قال مرسي إن الشرعية الدستورية والقانونية والانتخابية هى الضمان الوحيد للحفاظ على مصر ومنع سفك الدماء، مضيفا” سأحافظ على الشرعية ودون ذلك حياتي أنا شخصيا.. الشعب اختارنى فى انتخابات حرة نزيهة وكنت ومازلت وسأظل اتحمل المسئولية، ليس عندي خيار الا ان اتحمل المسئولية… انا متمسك بالشرعية واقف حاميا وراعيا لهذه الشرعية… لابديل عن الشرعية الدستورية والقانونية والانتخابية التى افرزت رئيسا منتخبا ، مع بقاء الابواب للحوار…  من يبغى غير ذلك سيرتد عليه بغيه ، لانه سيسلك مسلكا غير الشرعية وبالتالي يخطئ ويجر الوطن لاتجاه سيئ جدا ونرجع للمربع الاول، محذرا من الدخول إلى “نفق غامض وضيق”.

لقد انقلب الديكتاتور نفسه على هذه الشرعية حين قام بعدة خطوات انقلابية ضد الدستور والقضاء وإقراره مراحل الأخونة وتمكين جماعته في مؤسسات الدولة.

أثناء الخطاب الأخير

شرعيتي حمراء سأرويها بالدماء!

 التهديدات المبطنة والعلنية، والكذب المتوالي، والقفز على الحقائق، وتكرار كلمة الشرعية، التي رأى البعض في تحليل لغة الخطاب أنها تعني افتقاده لهذه الشرعية.

فور انتهاء الخطاب، وفى مفاجأة غير متوقعة, أعلنت صفحة مجلس الوزراء عبر موقع التواصل الاجتماعى ” تويتر” رفض مجلس الوزراء لخطاب الرئيس مرسى متهمه بدفعه الوطن لحرب اهلية معلناً انحيازه لارادة الشعب .وهي الوزارة التي شهدت استقالات كثيرة بين أعضائها اختتمت بوزير الخارجية وبعده المتحدثين باسم الرئاسة.

وقال حسام عيسى، أستاذ القانون الدستوري، إن خطاب الرئيس محمد مرسي مفجع ومؤلم، و يؤكد أنه لابديل عن الشرعية، مما يدل بعدم وجود نية لديه بترك السلطة وسيزيد من العنف وسفك الدم المصري، واصفا ذلك الخطاب بالإسفاف السياسي . وتابع في حوار له ببرنامج (العاشرة مساء) أن الخطاب حمل تهديدات صريحة للمعارضين في حالة عدم الرجوع عن موقفهم وإلا ستقوم الجماعات الإسلامية بالانتقام منكم دفاعا عن الشرعية.

وقد بدأ بالفعل الانتقام وكأن الرسالة من الخطاب هي ضوء أخضر للهجوم على الآمنين من المتظاهرين السلميين ومقار الشرطة ، كما حدث من مسلحي جماعة الإخوان المسلمين في 28 يناير 2011.

الإطاحة بمرسي

 يقع مرسي في وضع هو الأكثر اضطرابا منذ توليه السلطة، إذ يتزايد الضغط العالمي المفروض على الرئيس المنتمي للتيار الإسلامي للاستماع إلى مطالب المتظاهرين، حسبما قال خبراء سياسيون محليون.

ويواجه مرسي حاليا موجة من التظاهرات المليونية التي تجتاح مدن مصر للمطالبة بتخليه عن السلطة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة خرجوا إلى الشوارع الرئيسية والميادين العامة في البلاد ، وتعهدوا بعدم العودة قبل الإطاحة بمرسي.

ويوم الاثنين، أمهل الجيش المصري جميع القوى السياسية 48 ساعة لتسوية الأزمة السياسية الجارية وإلا سوف يفرض خارطة طريق لمستقبل البلد الواقع في حالة من الفوضى.

وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أجرى اتصالا هاتفيا صباح الثلاثاء مع مرسي ونقل له قلقه إزاء التطورات الجارية في مصر، حسبما قال البيت الأبيض.

وأوضح البيت الأبيض أن أوباما أبلغ مرسي بأن “الولايات المتحدة ملتزمة بالعملية الديمقراطية في مصر، ولا تدعم أي حزب أو جماعة”.

وشدد أوباما على أن “الديمقراطية أكثر من مجرد انتخابات”، وحث مرسي على اتخاذ خطوات “متجاوبة” مع مطالب المتظاهرين المناهضين للرئيس المصري، معبرا عن “القلق البالغ” إزاء احتمال وقوع أعمال عنف خلال التظاهرات، وفقا للبيت الأبيض.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان روبرت كولفيل يوم الثلاثاء “ندعو الرئيس المصري إلى الاستماع لمطالب ورغبات الشعب المصري”. وبالمثل، حث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مرسي على “الاستماع” لمطالب المتظاهرين.

إدارة مرسي تتهاوى

وصرح صبحي عسيلة، الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، لوكالة الأنباء ((شينخوا)) بأن “الولايات المتحدة على ما يبدو اتخذت قرارها بالتخلي عن مرسي وجماعة الأخوان المسلمين”.

وأضاف عسيلة أن مرسي لا يواجه “ضغطا غربيا” فحسب بل يتعرض أيضا لضغط بسبب “حالة السخط الداخلي من جانب رجاله أيضا، ما اتضح في استقالة عدد كبير من الوزراء والمسئولين”.

كما أعرب عسيلة عن اعتقاده بأن إدارة مرسي “تتهاوى بالفعل”، مشيرا إلى أنه إذا ما عرض مرسي حتى إجراء استفتاء على بقائه في السلطة “فسيكون الأوان قد فات”.

وتابع الخبير قائلا “الطريقة الوحيدة لإنقاذ نفسه وجماعته تتمثل في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، حتى تظل جماعة الأخوان المسلمين جزءا من المعادلة السياسية”.

وتزايدت المخاوف على وجه الخصوص بعد الاشتباكات التي وقعت بين مؤيدي ومعارضي مرسي وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 24 شخصا وإصابة أكثر من 1200 آخرين على مدار أسبوع. واستمرت المواجهات يوم الثلاثاء، وسقط 7 ضحايا على الأقل وأصيب ما يزيد على 200 آخرين فيما يستمر العد التنازلي للمهلة التي طرحها الجيش، وتنتهي عصر اليوم، في الساعة الرابعة بتوقيت القاهرة.

أنا الشرعية اللي … أكثر الكلمات تكرارا في خطاب مرسي

ويرى أحمد الفضالي، الخبير السياسي والمنسق العام لحزب تيار الاستقلال، أن الغرب والولايات المتحدة عادة ما يضعون غطاء الدعم لأي نظام بموجب دعم الشعب له، مضيفا “وعندما يؤدي السخط العام إلى إزالة هذا الغطاء، لا يكون أمام الولايات المتحدة والغرب أي خيار سوى الوقوف إلى جانب نبض الشارع”.

وأضاف الفضالي، الذي يمثل 30 حزبا سياسيا، لوكالة الأنباء ((شينخوا))، في صدى لرأي الخبير عسيلة، قائلا إن مرسي أصبح الجانب الأضعف في المعادلة “وربما خرج من المعادلة إذا وجدت”.

وأوضح الفضالي أنه حتى إذا رفض مرسي التنحي فقد سقطت شرعيته على أيدي الملايين الذين خرجوا إلى الشوارع في 30 يونيو الماضي للمطالبة برحيله.

وشدد الفضالي على أن “المشهد ربما كان سيصبح خطيرا للغاية بدون تدخل القوات المسلحة”، مضيفا أن أفضل سبيل بالنسبة لمرسي أن يتنحى في غضون الساعات القليلة القادمة قبل أن ينتهي إنذار القوات المسلحة.

وأبلغ أستاذ العلوم السياسية ثروت بدوي ((شينخوا)) بأنه يتوقع أن يحاول مرسي الوصول إلى تفاهم مع خصومه وإلا سوف تكون هناك “أنهار أو بحور من الدماء”.

وألقى بدوي اللوم في الصراع الجاري بمصر على ما وصفه بالمخطط الأمريكي – الإسرائيلي للسيطرة على المنطقة وضمان أمن إسرائيل “والذي لن يتحقق مع نهضة بلد عربي مثل مصر”.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات