وكأنني كنت على موعد معها … موعد مفتوح … متسع باتساع الأفق ورحابة الشعر .. انتهي لأبدأ هو عنوان قصيدة فلسفية لفدوى طوقان من أروع قصائدها وكأن الصلة التي تربطني بها لطالما كانت تنتهي لتبدأ…
سافر والدي الباحث بمركز تحقيق التراث التابع لدار الكتب المصرية والشاعر الشاب وقتئذ إلى مدينة مشهد بإيران في منتصف السبعينيات، للعمل كأستاذ للغة العربية في كلية الآداب والدراسات الإنسانية بجامعة الفردوسي ، وكان الباحث الدكتور يوسف بكار يترأس قسم اللغة العربية، فنشأت بينهما صداقة قوية امتدت حتى بعد مغادرتهما لمدينة مشهد 1978…
كان الدكتور يوسف بكار قد قدم موضوعا في مجلة البيان – الكويت – العدد 36- آذار 1969 بعنوان : فدوى طوقان ودورها في أدب المقاومة في الأرض المحتلة . وكان والدي مولعا بأدب فدوى طوقان وكان قد قطع شوطا كبيرا في رسالة الماجستير بعد عودته الى مصر حول شعر المقاومة في ادب فدوى طوقان، لكن الأقدار كانت لها تصاريف وحسابات أخرى ..حيث كان الفصل الأخير من رحلة والدي في صيف 1982.
على ضفاف نيل مصر الخالد وفي مبنى ماسبيرو حيث كنت أعمل في مجال الإخراج التلفزيوني وكنا في اجتماع تحضيري مع الإعلامي الكبير الشاعر جمال الشاعر والذي كان يترأس قناة النيل الثقافية – أول قناة عربية متخصصة في الثقافة في الوطن العربي ضمن مجموعة قنوات النيل المتخصصة – كان كعادته مشرقا متوهجا يبث فينا روح الفريق ويمنحنا الثقة كشباب واعد في قدرتنا على الإبداع ، قبيل الإجتماع وجدت عددا من ملحق الأهرام (كتاب في جريدة) بعنوان : فدوى طوقان .. مختارات شعرية \ نوفمبر 2001، وكنت قد انتهيت من قراءة السيرة الذاتية لفدوى طوقان : رحلة جبلية .. رحلة صعبة وطلبت منه الإطلاع على العدد لكنه أصر أن يهديني إياه … شعرت بالإمتنان … وبأن الشاعرة الكبيرة ترافقني في رحلتي … ومازلت احتفظ بهذا العدد حتى اليوم .
في الذكرى الستين على نكبة 1948 أصدرت مجلة العربي الكويتية في عددها الصادر في شهر مايو 2008 ملفا خاصا عن الأرض المحتلة والقضية الفلسطينية وكنت قد انتقلت للعيش في مدينة الكويت بعد زواجي من الكاتب الروائي والصحفي والشاعر أشرف أبو اليزيد، والذي كان يعمل وقتئذ مديرا لتحرير مجلة العربي، كان من بين موضوعات الملف موضوع عن الشاعرة فدوى طوقان بقلم الشاعرة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوشي وكان من بين الأسماء التي وردت في الدراسة اسم الدكتور يوسف بكار والذي كان قد قدم كتابا عن طوقان عام 2000بعنوان: فدوى طوقان الرحلة المنسية وطفولتها الإبداعية، وكانت الفرصة الذهبية لاسترجاع الذكريات والحكايات حول الصداقة التي جمعت بين والدي وبين الدكتور بكار مع الشاعر أشرف أبو اليزيد وكنا في حيرة شديدة أي اسم نختار لمولودتنا القادمة بعد أربعة أشهر .. وكانت البداية مجددا.. مع فدوى أشرف أبو اليزيد.
أنتهي لأبدأ … نعم إنها سنة الحياة ودورتها الأزلية بين الوجود والعدم .. في ملتقى مجلة العربي الثالث عشر كان محور الملتقى الرئيسي (الثقافة العربية على طريق الحرير) وكان الدكتور يوسف بكار مشاركا في ابحاث ودراسات الملتقى … وكان اللقاء في مدينة الكويت بعد سنوات طويلة ، بين الميلاد والغياب : فدوى أشرف ، الدكتور بكار، الشاعر أشرف أبو اليزيد، ابنتنا الكبرى هدى أشرف التي اخترت لها اسم امي لتحمله بكل ما يعني لي ولها هذا الإسم … وكانت امي حاضرة معنا على الهاتف من القاهرة لتسترجع عقودا من الذكريات بين مشهد والقاهرة وإربد …
كان أشرف أبو اليزيد يقدم الجزء الثاني من برنامجه الثقافي الكبير حقا : الآخر … وقدم للتلفزيون الكويتي حلقة مميزة استضاف فيها الدكتور بكار تشعب فيها الحديث بين طوقان ورباعيات الخيام.
كانت من أجمل وأغلى مفاجآت القدر هذا اللقاء المؤجل بيننا من عقود ، وحينما عدت إلى القاهرة في خريف 2015 شاهدت تسجيل الحلقة مع أمي … وفدوى وهدى .
لم أكن أعلم ان نهاية جديدة قد شاءت الأقدار أن تسطرها برحيل أمي في خريف 2016 ولكنني كالعادة وعلى إيقاع القصيدة أنتهي لأبدأ … في حب الشعر والفن وفي ساحة النضال من أجل الحرية تكون فدوى طوقان حاضرة لتبدأ معها القصيدة الجديدة.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
Khaled soliman
11 أغسطس, 2020 at 7:41 م
حديث ذو شجون عبق بعطر الأحباب و نضارة فدوى و رقتها