(قِدِّيسٌ يُحلق بعيدًا) في ورشة الزيتون

08:53 مساءً الثلاثاء 1 أكتوبر 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

استضافت ورشة الزيتون، قراءات لترجمة إلى العربية ـ وللمرة الأولى ـ  لقصائد الشاعر والراهب الكوري الأشهر تشو أو ـ هيون، في ديوانه (قِدِّيسٌ يُحلق بعيدًا)، بترجمة الشاعر اشرف أبو اليزيد.

ا

المترجم يتحدث في مستهل الأمسية بجواره الشاعر شعبان يوسف والناقد د.محمد طه إبراهيم والشاعر مصطفى الدويك

لأمسية قدمها الشاعر شعبان يوسف الذي تحدث في أكثر من إضاءة عن الديوان والمترجم وعالم الترجمة والثقافة في مصر والعالم.

تعددت الأصوات النقدية التي تناولت الترجمة، بين الباحثين الأكاديميين د. محمد طه إبراهيم ود. حسام عقل، والأديب أسامة ريان والروائي حسين عبد الرحيم والكتاب : محمد الشافعي (رئيس تحرير مجلة الهلال) وصلاح البيلي وحسن الحلوجي  ومحمد محمد مستجاب، والشعراء: بشير عياد ومصطفى الدويك ومحمود الشاذلي والمخرج والكاتب احمد محمد حسن، والإعلامي عمرو الشامي (البرنامج الثاني)، والمبدعات: المخرجة والكاتبة فاطمة الزهراء حسن، والكاتبات ولاء فتحي وسامية ابو زيد، وسومية التركي  وثريا عبد البديع.

أشرف أبو اليزيد يتلو بعض قصائد (قِدِّيسٌ يُحلق بعيدًا) في ورشة الزيتون (عدسة : حسن الحلوجي)

في البداية تحدث مترجم الديوان الشاعر أشرف أبو اليزيد عن علاقته بالشرق الآسيوي ، عامة، وكوريا الجنوبية، على وجه خاص، بعد انضمامه إلى جمعية الصحافيين الآسيويين (مقرها سيول) ، مما اتاح له زيارات كورية متعددة والالتقاء بأعلام الأدب والفن جنوب شبه الجزيرة الكورية. “الأشعار التي يمكن أن تبدل حياة بأخرى، وتصنع عالمًا من الحكمة يعيش بها المرء، حين يقرأ، وحين يتذكر، وحين يتأمل”، كان ذلك هو وصف أشرف أبو اليزيد الذي ترجم القصائد عن الإنجليزية، بعد أن نقلها من الكورية شاعر مرموق آخر هو تشانج سو كو.
تجربة نقل الشعر الكوري إلى القاريء العربي هي الثانية لأشرف أبو اليزيد ، الذي نشرت له سلسلة كتاب دبي الثقافية أنطولوجيا الشاعر الكوري الكبير المرشح لنيل جائزة نوبل في الأدب: كو أون، التي حملت عنوان (ألف حياة وحياة). وقال أشرف أبو اليزيد انه استفاد كثيرا من اللقاء بالراهب الشاعر الذي غير وجهة نظره عن الرهبان إذ كان يمزج حكمته البليغة بسخريته البالغة.
وقال شعبان يوسف ان الثقافة بحاجة إلى رافد جديد، خاصة وان من حكمة الديوان المترجم  (قِدِّيسٌ يُحلق بعيدًا) انه قد يجمع العالم كله في فقرة واحدة. كما المح إلى إضافات شعرية من عنديات المترجم أكسبت النصوص عمقا وبعدا جديدين.
ورأى د. محمد طه إبراهيم ظهور خاصيتي التأمل والانحياز للطبيعة في معظم نصوص الديوان، واستشهد بمقاطع كثيرة تبرز إحساس الشاعر بانه مجر علقة عالقة في ريشة
وتناول د. حسام عقل قصائد الديوان رابطا بينها وبين سيرة بوذا التنويرية، كما أفاض في تبيان تأكيد الشاعر على تقزمه وانحيازه لاتجاه الزمن العكسي، إذ بينما يتوجه القرويون إلى الحقول عند مشرق الشمس، يولي الرهبان وجوههم نحو غروبها. واكد عقل على الكلفة الباهظة التي يجب ان يدفعها المصلحون، وهو ملمح متكرر بشكل خالص.

جانب من الأمسية التي تفتح بابا باتجاه الشرق

وأبحر أسامة ريان  بين مفهومي الراهب والقديس، اللذين يتقاسمان الظهور عبر قصائد الديوان، كما ثمن تجربة الانفتاح على تلك الثقافة النوعية، كما شكر المترجم على المتعة التي قدمها لقراء (قِدِّيسٌ يُحلق بعيدًا)

وحاول حسين عبد الرحيم مجادلة د.عقل في رأي الأخير ان الراهب الشاعر قد تجاهل الاخر ، وحرص على الربط بين تلك النصوص الكورية ونصوص المتصوفة في الشرقين الإسلامي والعربي.
وأسهب بشير عياد في بيان أهمية الترجمة عن الشرق، مستحضرا تفاصيل ترجمة رباعيات الخيام الفارسية، وأعلى من بلاغة الترجمة ، وثمن منهج المترجم في الاتجاه شرقا.
ونادى محمد الشافعي بضرورة الانفتاح على تلك الثقافات النوعية، وانه يرحب بنشر سلاسل مماثلة عن دار الهلال إذا وجد من يمولها، وقال انه يهدي هذا الديوان، الذي ألفه راهب ناسك، إلى دعاة الإسلام السياسي، في مصر، ليتعلموا منه الحكمة والسماحة والصلح مع الذات، وهي صفات يعتقدها هؤلاء.
وقرأت سامية ابو زيد مختارات من قصائد الديوان ، وتوقفت بالنقد واستقصاء الصور الجديدة عند أكثر من قصيدة، والمحت إلى حضور المخزون الثقافي للمترجم، مما يجعل من بعض قصائد (قِدِّيسٌ يُحلق بعيدًا) مطابقة او موازية لرباعيات صلاح جاهين ، على سبيل المثال.

الشاذلي يبحر في ضباب الراهب

كما ألقى الشاعر محمود الشاذلي قصيدة ضباب (المختارة أدناه )

وأشارت سومية التركي إلى جدة الصور الفريدة في الديوان، مثل تشبيه حب الجدة لحفيدتها بنضوج صلصة الطماطم، وحب الجد لحفيده بنضوج ثمرة اليوسفي، فضلا عن تشبيهات عديدة مماثلة.
ولد القديس الشاعر تشو أو ـ هيون في العام 1932م وأصبح راهبًا بوذيا سنة 1958، ثم بدأ مسيرته الأدبية في 1966، ليكون اليوم واحدًا من الأسماء المرموقة في عالم الشعر. نال تشو أو ـ هيون عدة جوائز رفيعة في كوريا، فحصل عام 2007 على جائزة تشونج شيونج الأدبية عن ديوانه المترجم (قدِّيس يُحلقُ بعيدًا)، وهو الآن مدير معبد (بائيكتام) في شمال غرب كوريا الجنوبية، حيث يلقب في المعبد باسم (ماناك)، بينما يحتفظ باسمه البوذي (موسان).

في الديوان تعريف بنمط الشعر الذي يعتمده القديس الشاعر تشو أو ـ هيون، بقلم: بارك تشول ـ هي، يحمل عنوان (شعر سيجو في الأدب الكوري)، وفيه يرصد كيف يعد سيجو نوعا شعريا له تاريخ هو الأطول في الأدب الكوري، حيث تمتد جذوره إلى الشعر الكلاسيكي الكوري وقد تطور من جيل إلى آخر ليكون الشكل الأنسب والأكثر استخداما في التقاليد الشعرية لدى الشعب الكوري. والأكثر من ذلك، وبغض النظر عن التاريخ الطويل للشعر لكوري، فإن سيجو وحده ظل يستخدم على نحو متواصل  منذ العهد الأخير لأسرة كوريو بينما نجد أن أشكالا شعرية أخرى عديدة تأتي وتذهب. وأصل كلمة سيجو يعني (أغنيات الزمن)، أو الأغاني الشعبية لحقبة معينة؛ ومن هنا، فالكلمة تمثل مصطلحًا موسيقيا أكثر من كونها إصطلاحا شعريا. وقد أصبح وتشو أو ـ هيون من الشعراء الأبرز لهذه الأشعار، وقد عبر عن فلسفته البوذية في أشكال شعرية بديعة.

ابتسامة من سامية ابو زيد بانتظار نسختها الموقعة من الديوان

وفضلا عن صدور الديوان عن بيت الغشام للنشر والترجمة في مسقط ، يذكر أن الديوان  نشرته مجلة الشعر في باب “الديوان الصغير”  ويضم الديوان 41 نصًّا شعريًّا و يأتي في إطار مشروع رفد الساحة الأدبية بإصدارت منفتحة على ثقافات العالم، باختيار غير المطروق والنادر والمتميز.

صورة تذكارية لمجموعة من المبدعين حضور الأمسية

 من قصائد ديوان (قدِّيس  يحلق بعيدًا):
هذا هو جسدي
صَعَدْتُ أعاليَ جَبلِ (نامسان)،
راقبتُ الشمسَ وهْيَ تأفلُ غاربةً.
كانت مدينة (سيئول) سربًا
من زبدٍ أحمر داكن يتغرغر.
هذا هو جسدي؛ لم يكن أكثر من مجرد عَلقةٍ
عالقةٍ في ورقةٍ طحلبٍ في هذا السرب.
نظرية الزمن
هناك نِساءٌ لسْنَ كمثل النِّساء
حتى تُسَمَّى إحداهن امرأةً.
عليك أن تشبهَ وترًا في آلة “كومنجو”،
متى مَا جئْتَ، وأيْنَمَا حللتَ.
ولكن بعْدَها
يجب أن يكون هناكَ رجلٌ
ينتظرُ في ثنايا دهْرٍ لا نهاية له.
(آلة “كومنجو” الموسيقية، هي “قيثارة” كورية لها ستة أوتار).
مسافة حب
يتنوّعُ الحبُّ.
الحب الحقيقي
عليه أن يشيِّدَ على الأقل
جِسْرًا من الحَجَر
فوقَ تيَّار متدفقٍ.
على أنْ تصلَ مسافةُ العودةِ للقاءِ
بين ذلكَ الجسْر والعالم الآخر.
ضباب
لا سَبيل للتقدُّم،
لا سَبيل للتراجُع.
أنظرُ حولي، فلا أجدُ
إلا سماءً خاوية وجرفًا لا نهاية له.
إنها سخافة:
أن أطوِّفَ طيلةَ حياتي
فقط كيْ أصلَ إلى حافةِ هذا الجرفِ.
يهبطُ الضبابُ حولي ليزيدَ ارتباكي
هذا الجرفُ هنا
حيث يجبُ أن أحطَّ الرحالَ لذاتي أخيرًا
بالحياةِ والموتِ معًا.
إنه عبثٌ:
أنَّ كلَّ ما قبضتُ عليهِ طيلةَ حياتي
ليس سوى الضباب.
فزَّاعات
ألوِّحُ بيديَّ، حتى لأسرابِ الطيور التي تحلقُ بعيدًا،
ألوِّحُ بيديَّ، حتى للمارِّين بي،
نحن الفزَّاعاتُ التي تبتسمُ وهي تَعْمَلُ
في حقولِ أرْز الآخرين.
أقفُ بساقين منفرجتين فوق ضفافِ حقل الأرز
في سنواتٍ حصادها سخاء،
وفي سنواتٍ حصادها ضنين،
ناظرة إلى حقل الخريف،
حقلي أو حقل سواي،
لا أتقاضى أجرًا،
وأقول أنا الفزاعة البسَّامة.
رغم قول البشر إني فزاعة،
يحدث حين أفرغ رأسي، وأفرد ذراعيَّ،
أن كلَّ شيءٍ، حتى السَّماء،
يأتي إلى فضائي الحميم.
حين يجتمعُ الغسق
هناك، ينضجُ حبُّ الجدِّ لحفيدِه
مثلَ ثمرةِ يُوسُفي.
ويَكْبُرُ حبُّ الجدّةِ لحفيدتِها
مثل صلصة الفلفل.
وفي خاتمة اليوم أدركُ
فجوة ريح الصباح.
صوتُ بكائي
لنصفِ يوم أستمعُ لأغنياتِ الطيور
في الغابة.
لبضْع ساعاتٍ قربَ البحر
أستمع لموجات البحر.
متى سيحينُ لي أنْ أسْمعَ
صوتَ بكائي؟

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات