أحمد سراج يكشف فساد مطبوعات وزارة الثقافة المصرية

09:08 مساءً الخميس 6 فبراير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يقود الشاعر والكاتب أحمد سراج حملة ضد الفساد المستشري في جسد الثقافة المصرية ، سواء عبر مقالاته التي ننشر أحدها ، نقلا عن جريدة التحرير القاهرية، أو من خلال تعقيباته الساخرة والساخنة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي : فيسبوك

 

أحمد سراج

جريدة التحرير، مقال أحمد سراج:

الإرهاب ابن الفساد عندما تتحول الثقافة إلى وسايا وإقطاعيات

فيما يثور المحللون رافضين أن تكتفي الدولة بالحلول الأمنية، ويدعون إلى تنمية شاملة، وفيما يتساءل الكتاب في كل الصحف عن كيفية وجود هذا العدد الكبير ضمن تنظيمات إرهابية… يفوت الجميع أن سبب ما نعانيه هو استشراء الفساد، وغلبة الإحباط و زيادة عدم تكافؤ الفرص، وشيوع انفراد بعض ذوي النفوس الضعيفة بكل شيء.. والمحصلة هو ما نرى؛ أساتذة جامعة لا يجدون إلا هذه التنظيمات لتحقيق وطن ولو وهمي، عدالة ولو مبتسرة، بإيجاز أنه لن يكون نجاح لثوراتنا إلا بالتطهير المنهجي الشامل، وليس بالانتقام، بالخطط الحقيقية وليس بالكلام البراق

وكل باب تدخل منه في مصر، تجد الفساد وإخوته، لكنني سأختار أشد الأبواب خطرًا، لأنه إذا صلح فأثره سيمتد إلى مجالات عديدة، كما أن فساده صار يحجب الرؤية، كما أن الأمر سيكون بالأسماء والتواريخ؛ فلمن أراد التحقيق أن يفعل، ومن أراد كشف الأشباه – وما أكثرهم – فهذا أول سهم في نحر الفساد.

أقلب في يدي عددًا من مجلة إبداع التي تصدر عن الهيئة العامة للكتاب، ولا أجد إلا سؤالا واحدٍا: هل مطبوعات وزارة الثقافة ومؤسساتها عزبًا وإقطاعيات؟ ناهيك عن عدد من التساؤلات الملحة، ليس عن دور الإبداع في مواجهة التطرف، ولا عن دوره في دعم الثورة، وإنما تساؤلات كلها تؤدي إلى إجابة واحدة: نعم، كأن لم تقم ثورة.

العدد هو الرابع والعشرون| خريف 2012، نزل إلى الأسواق متأخرا خمسة أشهر، فموعده هو أول ديسمبر وليس قرب منتصف أبريل؛ فإبداع مجلة فصلية تصدر كل ثلاثة أشهر، إلا أنها منذ مدة غير منتظمة الصدور ليس لأسباب مالية وإنما لأسباب تدعو إلى الدهشة والعجب، منها أن الملحق وهو كتيب عن أبي العلاء المعري طلب معده إرجاء العدد حتى ينتهي منه، والسؤال الأول: ماذا فعل المعد؟ والإجابة: كتب صفحتين مقدمة، وأتبعها بمختارات من ديوان أبي العلاء، ويأتي السؤال الثاني: من معد الكتيب؟ والإجابة: إنه نائب رئيس تحرير المجلة حسن طلب، الذي له مقال داخل العدد، وهو معد ملحق العدد السابق أيضًا، وعلينا أن نؤكد أن مواد العدد الذي بين أيدينا الآن نفسها جاهزة منذ ثلاثة أشهر، والدليل أن المقال الوحيد الذي تحدث عن الإبداعات الجديدة يتناول نصوصًا صدرت عن دار الأدهم حتى ديسمبر 2012.

من المهم أن نذكر أن عدد إبداع الحالي يطالعنا بمحافظته على نظام ابتدعه القائمون عليه من قبل الثورة؛ فلا بد من مقالة نقدية على الأقل عن نائب رئيس التحرير – والمهيمن على المجلة – فنجد مقالا عنه بعنوان: “يكتب الباء… يقرا الجسد” لحسن طلب، وتأمل كيف أن من كتب المقال أصر على أن يذكر اسمه في العنوان، ثم اقرأ الفقرة الأولى في الدراسة التي عن طلب تجد الباحث يكتب بالنص: ” إن حسن طلب كإله من آلهة الأولمب”!

في صفحة 108 يطالعك مقال عن الفن التشكيلي، تقريبًا في نفس المكان في كل مرة، والغريب أنه لنفس الكاتب في كل عدد، وكأن الإبداع التشكيلي ليس له إلا شخص واحد يكتب عنه.

في صفحة 222 تجد مقالاً بعنوان ” لوحات الشعر في ديوان فاروق شوشة”… ما معنى ألا يخلو عدد من مجلة فصلية لمقال للدكتور العلامة محمد عبد المطلب؟ وما معنى ألا يكون المقال إلا عن أحد أعضاء بيت الشعر الذين استقالوا من لجنة الشعر بالمجلس الأعلى – ومنهم محمد عبد المطلب- لأن بقية أعضاء اللجنة لم يختاروا حجازي رئيسًا لها؟! ثم تواصل إبداع الفصلية مفاجآتها وتنشر مقالاً عن الدكتور محمد عبد المطلب صفحة 69، ويكفي فقط قراءة عنوان المقال: “صديقي محمد عبد المطلب…”

وكما عوَّد طلب السادة المسؤولين وأصحاب المواقع المهمة في الأماكن الثقافية، فمكانهم في المجلة محفوظ، وفيما يلي مسرد بسيط لبعض هذه الأسماء والأماكن التي تعمل بها، وأشدد على أن من هذه الأسماء قامات عالية في مجالها، لكن ساحة الإبداع والنقد لا تقتصر على هؤلاء، ويحول بالطبع أن تتكرر أسماؤهم في مجلة فصلية:

1- سعيد توفيق أمين- عام المجلس الأعلى للثقافة مقاله في صفحة 14.

2- عبدالناصر حسن- رئيس دار الكتب والوثائق (وقت صدورالعدد) مقاله في صفحة 184.

3- مصطفى عبد الله- الصفحة الثقافية صحيفة الأخبار رسالة عن معرض الشارقة الذي أقيم منذ ستة أشهر على الأقل في صفحة 298.

4- المنجي سرحان – سكرتير اتحاد الكتاب وقت إعداد العدد، ومدير بالهيئة العامة للكتاب في صفحة 49.

5- في صفحة 100 نجد قصيدة لسمير درويش- مدير بقصور الثقافة وعضو مجلس تحرير الثقافة الجديدة ومدير تحرير مجلة ضاد التي صدر تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات في مارس 2012 يؤكد على أنها تهدر 45 ألف جنيه وقررت عمومية اتحاد الكتاب وقفها حتى هيكلتها، لكن رئيس الاتحاد ما يزال يتجاهل وما تزال تصدر.

هذا استعراض سريع لعدد إبداع (خريف 2012) الصادر في (ربيع 2013) الذي لم يحتو على عمل لمبدع تحت سن الأربعين عدا قصيدة لصاحبة صالون ثقافي يرد لها طِلب الجميل، فيستضيفها في بيت الشعر الحكومي، وفي مؤتمر الشعر الفاشل (الحكومي)، ثم ينشر لها قصيدة في مجلة إبداع (الحكومية)

حالة المثقف هي ترمومتر الحياة بكاملها، ويكفي أن ننظر إلى حالة مجلة إبداع، وما يفعلها فيها القائمون عليها حتى حولوها من مطبوعة ثقافية تستطيع أن تدعم مسيرة الثورة المصرية في مواجهة كل الأخطار التي تحيط بها إلى بوق دعائي لمجموعة من الكُتًّاب يصرون على استمرار آليات الحظيرة التي أنشأها فاروق حسني دون أن يدروا أن النظام الذي ابتدع الحظيرة قد انهار… أو ربما يعرفون لكنهم لا يستطيعون مغادرة ما اعتادوا عليه.

سيقول قائل: إن هذا الأمر عارض، ولا يستحق التركيز عليه في ظل ما تعانيه الدولة من أزمات ومشكلات، وردي ببساطة على محورين؛ الأول- تكلفة صدور عدد واحد من إبداع يكفي لمنع ثلاث حوادث قطارات، وما دامت تصدر لخدمة الأخ حسن طلب وحده فالأولى أن تخدم أرواح هذا الوطن التي تزهق نظرًا لقلة الموارد، أو أن تصدر بشكل يحقق هدف الثقافة الآن: تحصين العقول من الانخراط في الجماعات الإرهابية وإزهاق أرواح أبناء هذا الوطن.

أما المحور الثاني؛ فإن المسألة ليست مجلة إبداع وتجاوزت القائم عليها، بل إن هناك سلسلة من التجاوزات تهدر مال الدولة بشكل سرطاني، وتعيد إلى أذهان الناس ما كان يجري في عصر الاستبداد المباركي بنفس الوجوه تقريبًا وإليكم الأدلة:

1- تم إعادة تشكيل لجنة الشعر وإخراج من لم ينتخبوا حجازي، وتمت هذه العملية على يد حسن طلب.، الذي لم يكتف بهذا بل جعل مقرر اللجنة بالتعيين وليس بالانتخاب كما كان يجرى.

2- يقوم حسن طلب بإدارة بيت الشعر، وتنظيم ندواته، ويمكن مراجعة ملف المكافآت الموجود في في صندوق التنمية الثقافية.

3- قام المجلس الأعلى بإصدار كتابٍ عن عبد الغفار مكاوي بتقديم حسن طلب، والمفاجأة أن كل ما فعله السيد حسن هو وضع مقدمة هي في الأصل مقال منشور عن عبد الغفار مكاوي صفحة 142 في عدد خريف 2012م، والمخالفة هنا هو النشر في مكانين حكوميين، وستكون كارثة إذا تطوع شخص وبحث واكتشف أنه أخذ مكافأة من المكانين.

4- لم توزع دواوين حسن عن الثورة في هيئة الكتاب، ومع ذلك طبع أحدها في المجلس الأعلى، والمفاجأة أن المجلس الأعلى يستعد لإصدار الأعمال الكاملة لحسن طلب، أي أنه في أقل من عامين سيصدر لهذا الشخص وحده ستة كتب على الأقل.

5- قرر الأخ حسن طلب أن تصدر لجنة الشعر مجلة تحمل عنوان شعر، وستنضم إلى أخواتها في إعادة نشر نصوصه كما يحدث في إصدارات وزارة الثقافة مثل مجلة الخان ومجلة إبداع.

كيف تدار الثقافة المصرية؟ وكيف يصبح أشخاص لا يعرف القارئ العام عنهم شيئًا مسيطرين على الثقافة المصرية نشرًا ونقدًا وترجمة وحضور مؤتمرات؟ من حسن طلب إلى جوار عفيفي مطر أو عبد الصبور أو ألفريد فرج أو يوسف إدريس، كي تطبع له الدولة كل يومين كتابًا ثم تطبع له الأعمال الكاملة؟

أيها المحللون والكتاب، لا تنقدوا من يعمل، بل من لا يعمل، بل من يترك السرطانات تمتص قوى دولتنا.. يا سادة، ما يقوم بهذا الشخص يقوم به مئات ينخرون في عظم الدولة التي تحاول أن تتجاوز محنها.. يا سادة، ليقف كل منكم على ثغره محاولاً الإصلاح، قاوموا هذا التشويه، وطالبوا بمعايير واضحة لشغل المناصب، وبقواعد بينة لإدارتها، فما يجري الآن لا ينبئ بخير، ولكم الخيار في أن يصبح هذا البلد أسوأ مما كان عليه قبل ثورة يناير، أو أن يصبح كما أراده شهداء يناير.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات