الصورة التي غيرت علاقتي بالشعر وبالعالم

11:16 صباحًا الجمعة 28 يوليو 2023
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بقلم الشاعر الجزائري الكبير عاشور فني

في جويلية 2016 حضرت مهرجان الشعر العالمي بفنزويلا. تجري فعاليات المهرجان اساسا بالعاصمة كاراكاس. ومن تقاليد المهرجان الجميلة توزيع الفعاليات على المدن الداخلية. كان من حظي ان يتم إرسالي الى ولاية أيا كوشو بالأمازون جنوب البلاد على الحدود مع كولومبيا. كانت الرحلة بطائرة صغيرة رفقة ثلاثة شعراء آخرين كل واحد منهم حطت به الطائرة في ولاية. كنت الاخير الذي حطت به الطائرة في اقصى نقطة في جنوب البلاد. في المساء اعادت الطائرة جمعنا في العودة الى كاراكس.

في مدينة أياكوشو لاس امازوناس وجدت نفسي أمام جمع من السكان المحليين رفقة شعراء من المدينة ومنهم الشاعرة يوري باتينيو التي كانت صاحبة الدعوة والمكلفة بمرافقتي والتكفل بي خلال اليوم.

جولتي في الامازون هذه كانت تتويجا لجولاتي العديدة في العالم من قبل. اوروبا وامريكا الشمالية والجنوبية.

كنت قبلها عضوا بحركة الشعر العالمية. اصدرت بيانا لتاسيس حركة الشعر في الجزائر في 21 مارس 2015. كانت الاستجابة للنداء فاترة. بعض الاصدقاء الشعراء لاموني على ما ورد في البيان. بعضهم اعتبرني حالما. نعم. اعترف كنت حالما بجزائر الشعر العالي والافق العالمي. لكن كان ينقصني الكثير.

كان ينقصني زيارة العالم العربي. لم أحظ بزيارة الدول العربية حتى الان. زرت تونس مرة والمغرب مرة. فقط. رغم مهرجانات الشعر الكثيرة. معظم الشعراء العرب التقيت بهم في الجزائر او في الغرب.

لكن ما كان ينقصني اكثر -وما كان يؤلمني بشدة- هو انني لم أكن قد تعرفت حتى ذلك الوقت على معظم شعراء الجزائر ولا على معظم المدن الجزائرية. كنت التقي بشعراء العالم ولم اتعرف على شعراء بلادي. لم اكن يومها حظيت بزيارة اكثر من بضع مدن منها قسنطينة ووهران وبسكرة وغرداية وتامنغست وادرار. بعض المدن وضعت اسمي في قائمة المدعوين الى مهرجاناتها الشعرية لكن الدعوة لم تصلني. كنت اقرأ اسمي في اخبار الصحف. وأتألم. تخبرني ادارة اتحاد الكتاب لاحقا بوجود دعوة باسمي في الاتحاد بعد ان يكون انتهى كل شيء.

عند عودتي الى كاراكاس مساء ذلك اليوم من جويلية 2016 تجمعت تلك المشاعر في نفسي كلها في لحظة واحدة. كان الغروب يعطي لكاراكاس صورة لامعة تحت الغيوم في كنف ذلك الجبل الاسطوري الي يحضن المدينة. كنت في حاجة الى حضن كبير يلم شتاتي. انا العائد من بلاد الامازون الى بلادي التي لم اتعرف عليها بعد. كانت غصة في الحلق. في سماء كاراكاس اخذت نذرا على نفسي: ان ازور 30 مدينة في الجزائر قبل ان اعود الى اية مدينة اخرى في العالم.

بعد ايام من عودتي الى الجزائر التقيت صدفة بالشاعر الكبير سليمان جوادي. تحدثنا قليلا عن الشعر والشعراء وسرعانما اصدرنا نداء لتأسيس بيت الشعر الجزائري. وسرعان ما التف حول النداء شعراء الجزائر وشاعراته. في ظرف خمس سنوات ونصف كنا قد أسسنا بيت الشعر الجزائري ونظمنا اكثر من 200 نشاط في اكثر من 40 مدينة. دون ان نحصل على مقر لبيت الشعر الجزائري ودون موارد تقريبا. فقط نعد البرامج ونقدمها للمؤسسات. نحصل على دعم للانشطة لا للجمعية. كل عملنا تطوعي أساسا. جعلنا من بيت الشعر الجزائري فضاء للمحبة والعمل من أجل ان يكون للشعراء صوت في بلادهم. جعلنا بيت الشعر الجزائري عهدا بين رفاق الدرب الطويل. جعلنا الشعر في صدارة الفعاليات الثقافية ومحركا للثقافية الوطنية بالتعاون مع الشعراء والفاعلين الثقافيين والمؤسسات الثقافية والجامعيين ومخابر البحث. صار الشعر مواطنا كامل الحقوق. اصبح بإمكان الشعراء ان ينظموا أنشطة ثقافية في مدنهم وأن يوجهوا دعوات لحضور الفعاليات باقتراح برامج للمؤسسات الثقافية. لم يعودوا مضطرين الى انتظار الدعوات من أحد. يتوقف الامر على مدى استعدادهم للعمل من اجل الشعر ومن الاخرين. وعلى مدى قدرتهم على اقتراح برامج تلقى دعما من طرف المؤسسات. نجح اصدقاؤنا في ولايات عديدة في تنظيم انشطة رائعة. اصدرنا بعض الكتب. سنواصل العمل معا مع من يجتهد ويعمل. الظروف الصعبة نتقاسمها جميعا. كما نتقاسم النجاح.

من بين الانشطة التي كنا قد نظمنا بالتعاون مع حركة الشعر العالمية (من اجل عالم بلا جدران) وغيرها.

الان وأنا ألبي دعوة لحضور المؤتمر الاول لحركة الشعر العالمية بمناسبة المهرجان العالمي 33 بمدينة ميدلين الكولومبية والمهرجان العالمي17 بفنزويلا أتذكر ذلك الالتزام الذي اخذته على نفسي بكل مسؤولية وبامتنان كبير ايضا.

في المؤتمر تحدثت مرتين في ميدلين ومرتين في كاراكاس. تحدثت عن بداية حركة الشعر بالجزائر سنة 2015 وعن بيت الشعر الجزائري متذ 2017 وعن الفعاليات التي نظمناها وعن الاصدارات وعن البرامج المستقبلية بالتعاون مع المؤسسات الثقافية ومخابر البحث.

وفي الختام أشكر كل الاصدقاء الذين هنؤوني باختياري لعضوية القيادة الدولية لحركة الشعر العالمية. كان ذلك بفضل ما قمنا به معا هنا بالجزائر خلال خمس سنوات ونيف.

واشكر زملائي وإخواني وأخواتي ورفاقي في بيت الشعر الجزائري. فالتزامنا معا كان ثمرة اقتناع أصيل وهو مستمر ايضا. نعم حركة الشعر العالمية في الجزائر بدأت قبل بيت الشعر الجزائري لكنها امتزجت به واصبحت امتدادا له. معا نكون أقوى وأفضل وأجمل من أجل جزائر الجمال والإبداع والأمل. جزائر المستقبل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات