الثورات .. تاريخ

09:28 مساءً السبت 2 مارس 2013
رضوى أشرف

رضوى أشرف

كاتبة ومترجمة من مصر، مدير تحرير (آسيا إن) العربية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

ما هى الثورة؟ ما الذى يتطلب قيام ثورة؟ فى العصر الحجرى مثلا, لم تكن هناك ثورات لأنه لم يكن هناك نظام العبيد. مع بداية قيام الدول و الاعتماد على الصناعة و الزراعة و أسر العبيد من دول أخرى, بدأ العبيد فى المطالبة بحقوقهم, و كانت هذه بداية الثورات..

أشهر ثورات التاريخ التى نعرفها هى الثورة الفرنسية بخلاف ثوراتنا المصرية. لكن هل فكرنا فى البحث عن تاريخ الثورات, متى كانت أول ثورة؟ هل كانت بسبب الأحوال المعيشية السيئة؟ هل كانت بسبب حاكم ظالم؟ أول ثورة فى التاريخ كانت قبل الميلاد, قام بها السومريون ليتخلصوا من ملكهم الظالم لوجالاندا و يحل مكانه أوروكاجينا المصلح.

و تلتها هذه الثورات التى تعد أهم الثورات فى فترة ما قبل الميلاد, ثورة البابليون ضد الحكم الأشورى, ثم أول ثورة فى تاريخ مصر القديم قام بها الجنود و مكنت أحمس الثانى من الوصول للحكم و كذلك ثورة الجياع فى عصر الملك بيبى الثانى. ثم بداية الديمقراطية فى أثينا بسبب ثورتان متتاليتان, إحداهما ضد الحكم الفارسى. ثم الثورة اليهودية التى قادها يهوذا المكابى و كانت ضد الحكم السلوقى. طبعا كانت هناك ثورات فشلت مثل ثورة الولايات السبع التى قام بها سبع من أفراد الأسرة الحاكمة فى الصين, و ثورة العبيد الرومانية التى قادها المصارع و العبد المقدونى سبارتاكوس و سميت باسمه, فشلت بسبب عدم قدرته على التواصل مع العبيد الأخرين, و إشتهرت هذه الثورة بشدة حتى الأن, و حاكوا عليها أشعار و أفلام و مسرحيات.

من صعب ذكر كل الثورات التى تلت ذلك و التى بدأت منذ الألف الأولى للميلاد و حتى الأن انتهاءا بثورات الربيع العربى. و لكن من الملحوظ أن فى الألف الاولى للميلاد, معظم الثورات فى تلك الفترة كانت ضد الحكم الرومانى, منها 3 ثورات قادها اليهود. و كذلك ثورات فى الصين ضد الأسرة الحاكمة. و ثورات ضد الدولة الأموية فى العراق و إيران و البربر فى المغرب. و بدأت بعد ذلك عدد من الثورات ضد الدولة العباسية فى شبه الجزيرة العربية و العراق (فيما سمى بثورة الزنج, و يرجع ذلك لمشاركة العبيد الأفارقة فيها). و من الملحوظ أن معظم هذه الثورات كان سببها سوء الأحوال المعيشية و غنى الحكام.

فى الفترات التى تلت ذلك, بدأت إنجازات كبرى تتم على يد الثورات, مثل بداية حكومة الساموراى فى اليابان, تحرر إسكتلندا من قبضة بريطانيا, بداية فترة حكم جديدة فى الصين, و العديد من الثورات فى مختلف انحاء أوروبا, و تكون دول جديدة!

و نلاحظ فى الفترات السابقة كانت معظم أسباب الثورات, سوء الأحوال المعيشية أو الاضطهاد التى تلاقيه طبقة ما, و لكن فى التاريخ المعاصر سيضاف لها سبب جديد و هو, الفساد السياسى و الغش فى الانتخابات.

لندخل حقبة جديدة و هى ثورات التاريخ المعاصر, من أهمها الثورة الفرنسية,  و أدت إلى إنهيار المملكة التى حكمتها لقرون خلال 3 سنوات فقط. المجتمع الفرنسى شاهد التغيرات التى حدثت على يد عامة الشعب و الجماعات الليبرالية الذين حاربوا الأفكار القديمة و دعوا إلى المساواة الاجتماعية و قيام الجمهورية. بالطبع تلك الثورة أدت لخسائر فادحة فى الأرواح البشرية تراوحت ما بين الـ 16 ألف و الـ 40 ألف. و كذلك ولدت الأفكار الاستعمارية و الأيديولوجيات الحديثة و دولة نابليون مع نهاية الثورة.

و تأتى بعدها الثورة الأمريكية, التى قامت بها المستعمرات الثلاث عشر فى أمريكا الشمالية لتتحرر من الحكم البريطانى و قامت بطرد مندوبيها الملكيين و قاموا بتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية. و قامت كل ولاية فيما بعد بعمل حكومة خاصة بها, و عارضت كل القرارات الصادرة من أوروبا. و بعدها الثورة البلشفية أو كما سميت بثورة أكتوبر و هى المرحلة الثانية من الثورة الروسية و التى كانت تهدف كذلك للمساواة الاجتماعية و تحقيق الاشتراكية.

و هنالك ثورات فى أسيا مثل ثورة تايبينغ التى إستمرت حوالى 10 سنوات ضد حكم الامبراطورية الصينية, هذه الثورة قام بها إثنان هونغ و يانغ, أحدهما كان مسيحى و كان يدعى انه الأخ الأصغر للمسيح و الأخر كان بائع و كان يتحدث و كأنه مندوب عن الله و أسسوا ما يسمى ممكلة تايبينغ السماوية. و رغم الشهرة التى إكتسبتها إلا أنها فشلت بسبب عدم قدرتها على الاندماج فى الثقافة الصينية. وهذا بالطبع بخلاف الثورة الصينية نفسها, و التى تعد سلسلة من الاحتاجات إمتدت من 1911 إلى 1949, و التى أدت إلى إنشاء الجمهورية.

و الثورة التركية التى أعلنت نهاية البرلمان العثمانى و رجوع الحكومة, وقد لاقت تشجيع من فئات كثيرة مثل العرب و اليهود و اليونانين و غيرهم أملاً فى أن تكون دولة ديمقراطية. الثورة أعادت البرلمان الذى ألغاه السلطان, و تم بناء تركيا الجديدة تحت قيادة مصطفى كمال أتاتورك بعد المشاكل التى واجهتها البلاد فى الحرب العالمية الأولى.

الثورة الكوبية, هى ثورة أخرى نالت شهرة واسعة فيما بعد, ففى عام 1952 قام الجنرال باتيستا بخلع الرئيس الكوبى و ألغى الانتخابات. هذا أغضب المحامى الشاب فيدل كاسترو, و إستمر من وقتها و لمدة 7 سنين فى محاولات لخلع حكومة باتيستا. و خلال تلك السنين أخذ حكم بـ15 سنة فى السجن و لكنه تم الاعفاء عنه و عاد لهجوماته حتى تمكن من هزيمة باتيستا و أجبره على الهرب, حتى أصبح كاسترو رئيس الوزراء و قام بإعدام 550 من مساعدين باتيستا. و تحول كاسترو نفسه لديكتاتور, قام بالغاء الانتخابات و أعلن نفسه “رئيسا مدى الحياة”.

و هناك الثوة الايرانية أو الثورة الاسلامية و التى قامت عام 1979 احتجاجا على النظام الملكى, و حولتها إلى جمهورية إسلامية تحت حكم الامام أية الله الخمينى, قائد الثورة. ما لفت الانتباه فى الثورة الايرانية, أن معظم الشعب بعد الاستفتاء اختاروا نظام الدولة الاسلامية و الخمينى قائدهم. كذلك سببها كان غير واضح للعالم, فلم تكن نتيجة هزيمة فى حرب, أزمة مالية أو مشكلة عسكرية, و رغم ذلك تمكنت من التخلص من نظام محمى عسكرياً و أمنياً, و تبديل النظام المتحضر نوعاً ما و تحويلها إلى دولة إسلامية و أشبه بالنظام الثيوقراطى.

هناك كذلك العديد من الثورات العربية, أولهم ثورة العشرين فى العراق لمقاومة الاحتلال البريطانى و كان من أشعل شرارتها الشيخ ضارى بن محمود. الثورة الجزائرية و كانت ضد الاحتلال الفرنسى و استمرت 7 سنوات و استشهد فيها أكثر من مليون و نصف جزائرى. ثورة الفاتح فى ليبيا بقيادة القذافى و الضباط الوحدويين و استولوا على السلطة فى غياب الملك.

أما الثورات المصرية فأشهرها ثورة 1919 و كانت ضد الاحتلال البريطانى كذلك و كانت أول ثورة مصرية تشارك فيها النساء و تطالب بعودة قائدهم سعد زغلول. و كذلك ثورة 1952 التى قام بها الضباط الأحرار بقيادة عبد الناصر, و تمكنوا من خلع الملك فاروق, و إقامة الجمهورية.

و طبعا ثورات الربيع العربى غنية عن التعريف فقد بدأت بثورة تونس أو ثورة الياسمين كما تسمى و إنتشرت فى أنحاء العالم العربى, سواء فى مصر, ليبيا, اليمن, سوريا وكذلك الاحتجاجات فى الدول الخليجية كعمان و البحرين و غيرهم.

طبعا الثورات أكثر بكثير و الشخصيات التى أثرت فى التاريخ أكثر, مثل المهاتما غاندى, تشي جيفارا و غيرهم, هؤلاء أثبتوا أن الثورات هى فكرة تنمو على مر التاريخ .. قائمة على العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية!

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات