د. فاروق الباز: إللي عمل ثورة يكملها

10:23 صباحًا الأحد 14 أبريل 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
المحرر: نشرت (آسيا إن) دعوة الأستاذ هاني شكر الله لتبني قضايا تنمية حقيقية للمجتمع المصري، وهي دعوة تصلح لكل المجتمعات العربية التي عانت مخاض الربيع العربي. وقد نشرت مجلة (البيئة والتنمية)ـ بيروت، في منتداها، مقالا للدكتور فاروق الباز بعنوان ( إللي عمل ثورة يكملها)، وجدته (آسيا إن) نموذجا لتلك الدعوة للبناء: 

الدكتور فاروق الباز: إللي عمل ثورة يكملها

لقد أثبت شباب مصر أنهم طاقة لا يستهان بها. خرج الشباب في يناير ٢٠١١ رجالاً ونساء، مسلمون وأقباط، طلبة و عمال، وإجتمعت كلمتهم في كل ربوع مصر. اعتلت أصواتهم مطالبة بتغييرحكم فردى سلطوى تشوبة اللامبالاة ويتفشى فيه الفساد والتركيزعلي استمرار الوضع القائم مهما كان مهيناً للوطن و للغالبية العظمى من الشعب. إتسمت ثورتهم بالسلمية والإلتزام مهما كانت العواقب والتي اشتملت علي إستشهاد عشرات منهم. قد انبهر العالم أجمع بثبات شباب مصر أمام القهر بسلمية وإصرار حتي تهاوي النظام.

 بعد مرور أكثر من عامين علي ثورتهم، لا يجد الشباب ما كانوا يأملونه من وحدة الشعب وحكمة القيادة وصفاء سماء المستقبل. لذلك فهم حيارى بين داعم للنظام الإخوانى و معارض لكل أوصافه. يحيّر الشباب غياب مخطط مقبول وواضح لخلق قيادة رشيدة توصل الوطن إلى الازدهار الذى قامت من اجله الثورة. ولا يجد الشباب مكاناً مؤثراً في التجمعات السياسية التي تتصف بالشجار الدائم دون جدوى.
لذلك علي شباب مصر التوجه إلى وسائل أخرى تؤهل مساراً اّمناً تجاه مستقبل افضل. عليهم أيضاً الإيمان بأن العمل الثوري الحقيقى هو الذي ينتج عنه ازدهار الأمه و الذى يتطلب الإجتهاد في سبيل إرتقاء الشعب بأكمله. هذا يعنى ان على شباب مصر إكمال المسيرة للوصول إلي الغرض المنشود.
لأن طلبة وطالبات الجامعات المصرية كانوا في مقدمة من قاموا بالثورة فعليهم أن يستمروا في القيادة والريادة. عليهم الثبات في المقدمة بغض النظر عن الإمكانيات المتاحة أو الظروف الصعبة. أهم ما يستطيع الشباب القيام به هو العمل الجماعى المجتمعى. لابد ان يكون العمل جماعياً لان عصر الفردية قد اثبت فشله فشلاً ذريعاً، كذلك لابد ان يكون العمل مجتمعيا لان هذا يؤثر على شريحة واسعة من المواطنين وهو أهم ثمار الثورة.
 في كل العصور علي اختلاف ظروفها تكونت جمعيات طلابية في الجامعات المصرية ونجحت هذه نجاحًا باهرًا في تحقيق أغراضها بالمحيط الجامعى. عصرنا الحالى يتطلب إقامة جمعيات طلابية تطوعية للعمل الدؤوب خارج الحرم الجامعىلخلق مجتمع افضل بالعملبين شريحة واسعة من الناس، وعلى سبيل المثال في الميادين التالية:
١- محو الأمية (تحت شعار: إللىإتعلم عليه يعلم)
تدل الإحصائيات علي أن نسبة الأمية في مصر تزداد مع الوقت. من لا يقرأ و لا يكتب لا يستطيع معرفة حقوقه ولا السبل المثلى للحصول عليها، أي لا يستفيد من الحرية و الديموقراطية التي نأملها. لذلك فالمشاركة في محو أمية الصغار والكبار هى احدى ركائز العمل المجتمعى الذي يتطلبه العصر. يمكن لمجموعات من الطلبة والطالبات تعلم كيفية تعليم القراءة والكتابة بمساعدة أستاذة اللغة العربية بجامعاتهم. يأتي بعد ذلك تدبير وسائلللنقل تؤمنها كلياتهم من وإلي الأماكن التي تعج بمن يود التعلم بالمدن والعشوائيات والقرى القريبة منها. نحن “أمّةإقرأ” لان القراءة تؤهل التديّن الصحيح والمواطنة الصالحة. كذلك فإن قرب الطلبة والطالبات من المجتمع يحقق إحترام قدراتهم. اضافة الى ذلكفإنازدياد نشاطهم بين الناس يؤهل تمثيل العامة سياسياً في المستقبل.
٢- تطهير النيل ( تحت شعار: مصر هبة النيل)
ليس هناك من شك ان نهر النيل و فروعه و ترعه هي السبب الأساسي للحياة في أم الدنيا و في ثبات حدودها علي مدى آلاف السنين. الشعار المذكور هو ما أهداه لنا المؤرخ اليوناني “هيرودوت” في القرن الخامس قبل الميلاد بعدان تعرف على تبجيل أهل مصر القديمة لنيلهم. علينا اليوم ان نعيد اهتمامنا بهذا النهر العظيم وتأمين طهارة مياهه وخاصة لأن الكثير من أبناء و بنات مصر يشربون منها مباشرة.
علينا ان نتذكر أن في مصر القديمة لم يكن يتحقق للفرد ما يقابل دخول الجنة إلا إذا أقر:” أنا لم ألوث النهر”. لذلك يعتبرهذا العمل التطوعىبواسطة مجموعات شبابية مشروع حيوى يعيد الاهتمام بمياه النيل و تطهير جوانبه و فروعه و قنواته التي توصل الحياة إلي كل المدن والقرى. لا بد لنا ان نعيد إحترامنا وتبجيلنا لهذا النيل الخالد.
٣- تجميل القرى( تحت شعار: قريتنا هى عنواننا)
تمثل القرية منذ آلاف السنين مصدر الخير في مصر. للأسف الشديد إختفت القرى من خرائط التنمية البشرية و الاقتصادية و البيئية خلال عقود الحكم الفردى الغابرة. لابد من العودة إلي الاهتمام بالقرى إبتدأ بمظهرها. ولا شك في ان كل طالب وطالبةبجامعات مصر (التي تنحصر في المدن الكبري) يمكنهم إعادة تاريخ الأسرة إلي قرية ما. يلزمنا إذاّ مجموعات طلابية تذهب بين آونة وأخرى إلى قرى قريبة من جامعاتهم لإصلاح طرقها أو تحسين مبانيها أو بناء أنديتها و ما إلي ذلك من رفعة شأنها وإعادة مكانتها.
٤- نظافة مصر (تحت شعار: جمال البيئة فى نظافتها)
قد عانت البيئة كثيرا في مدن مصر و قراها من إلقاء النفايات و القاذورات في الشوارع و الميادين وحتي في افنية المدارس والجامعات. عدم اهتمام الناس بمظهر بلدهم ينعكس على مظهرهم. المواطنة الصالحة لا بد ان تعمل بمقولة “النظافة من الإيمان”. لقد أثبت شباب مصر حرصهم علي نظافة الميادين التي تجمعوا فيها اثناء الثورة لإهتمامهم بالبيئة. لذلك فعلى مجموعات طلابية ان تحشد الطاقات لجعل مصر بلداً عنوانه النظافة. هذا امر مهم جدا لجذب السياحة مرة أخري لدعم إقتصادنا.
 هذه المقترحات هي أمثلةفقط لما يمكن أن يفعلة طلبة و طالبات الجامعات المصرية في وقت الفراغ في سبيل رفعة الوطن و رقى أهله. المشاركة في مثل هذا النشاط الجماعى المجتمعى أولاً يزيد من تعرف الشباب على صفات الوطن ومشاكل أهلة، و ثانياً يحقق تعرف العامة على امكانيات الشباب و خبراتهم وغيرتهم على الوطن. هذا يعني أيضاً أنه عندما ينخرط نفر من هؤلاء الشباب في العمل السياسي مستقبلاً يتحقق نجاحهم بدعم من عامة الناس.
 إضافة الى هذا كله فإن العمل التطوعى في سبيل إزدهار الوطن يزيد من الثقة بالنفس و إحترامها. في نفس الوقت يحقق هذا الجهد مستقبل أفضل لمصر وأهلها جميعاً.لقد كان ذلكهو الغرض الأول والأخير لثورة 2011 ومنه ينبع النداء: “إللي عمل الثورة يكمّلها”.
د. فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد  في جامعة بوسطن – الولايات المتحدة الأميركية.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات