هل الرئيس مرسى جاسوس؟

10:21 صباحًا الثلاثاء 23 أبريل 2013
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

قبل انتخابات الرئاسة ظهرت فجأة كتابات عن إحدى عمليات المخابرات المصرية، والتى عرفت باسم «الكربون الأسود». لم تظهر مثلاً عبر كتابات نبيل فاروق كاتب الجاسوسية الشهير الذى يتعامل مباشرة مع جهاز المخابرات، ولم تظهر ضمن تصريحات صحفية، أو حتى فى الفيلم الذى تحدث عن بطولات جهاز المخابرات، وإنما ظهرت هكذا.. فجأة، وكأنها برزت من العدم، أو كأنها تم تسريبها، وتتحدث عن عالم صواريخ مصرى هو د.عبدالقادر حلمى الذى زرعته المخابرات المصرية بعملية كان يشرف عليها المشير -اللواء آنذاك- أبوغزالة والذى كان يشغل وقتها منصب مدير المخابرات الحربية، واستطاع «حلمى» الحصول على مواد تستخدمها أمريكا لزيادة مدى الصواريخ وتعمية الرادار فى الوقت الذى كانت مصر تطور فيه صواريخ باليستية بالتعاون مع العراق من جهة والأرجنتين من جهة أخرى، وعلى الرغم من تعقيدات العملية فإن من يكتب اسمها على google سيفاجأ بتفاصيلها، وبالاسم الحركى لضابط العملية حسام خيرت، والذى كشفت عنه التفاصيل، وعن كونه الفريق حسام خيرالله وكيل جهاز المخابرات الأسبق والمرشح الرئاسى السابق، والذى كان رجل مخابرات محترفا استطاع إيهام الجميع بأنه لقى مصرعه فكفت الـ«سى آى إيه» عن مطاردته، ورغم أن كشف الأمريكان العملية كما فى التفاصيل ينسب لحسام خيرالله لاستخدامه اتصالا غير مؤمن مع د.عبدالقادر حلمى، فإن هذا لا يهمنا.

ما يهمنا هو أن زميل عبدالقادر حلمى الذى وشى به للأمريكان، وتعاون معهم، وفق التقارير المكتوبة، والمستباحة، أو المسربة، أو حتى المفبركة على الإنترنت هو د.محمد مرسى العياط رئيس مصر الحالى.

حسناً.. يمكنك أن تقول إن هذا الكلام مفبرك، وعارٍ من الصحة، ولا يستند إلى مستندات أو تقارير، أو وثائق، لكن منذ متى كان عمل المخابرات يستند إلى كل ذلك؟ ولماذا يخرج الفريق حسام خيرالله فى لقاءات إعلامية بلغت ثلاث لقاءات تقريباً فى أسبوع واحد -رغم أنه بعيد عن الأضواء- ليثار عرَضاً فى الحوارات مسألة العملية، وتأتى سيرة مرسى، فلا يجيب الرجل، ولا يتحدث، بل يلمح بذكاء لا يستطيع أحد أن يمسكه عليه إلى تورط مرسى فى العملية؟

لو أن الكلام صحيحاً، فكيف سمحت المخابرات المصرية لرجل مثل محمد مرسى أن يترشح، وهم يعرفون بسابق علاقته وتعاونه مع الأمريكان، ولماذا لم يظهر الأمر حينها؟.. هل كانت هناك رغبة فى (السيطرة) مثلاً على مرسى بعد أن يصبح رئيساً لكنها فشلت؟

ولو أن الكلام غير صحيح، فكيف تسربت تفاصيل العملية، ولماذا يثار اسم مرسى فيها بين الحين والآخر، ويتم الدفع بإعلاميين أو ضيوف ليتحدثوا عن هذه العملية تحديداً، والتأكيد على أن مرسى كان معتقلاً فى 25 يناير فى قضية تخابر؟

حسام خيرالله يلمح، والإعلاميون يلمحون، وشبكة الإنترنت مليئة بالتأكيدات، لكن إعلاميا صديقا قابل عبدالقادر حلمى قبل عدة أشهر سأله صراحة عن مرسى، وكانت الإجابة من الرجل أنه لا يعرفه، وأنه ليس طرفاً فى القضية!! فهل هذا حقيقى، أم تسريب آخر، أم خوف من الرجل.

ينظم القانون 100 الشهير عمل جهاز المخابرات المصرية التى لا نعرف طريقة عملها وفق قواعد السرية المتاحة والمباحة لها، لكن ألا يمكن اعتبار الأمر فصلاً من (اللعب) المتبادل بين المخابرات والإخوان المسلمين التى طالما هاجمت المخابرات، وطالبت بملفاتها من الجهاز، واتهمته كجهاز وطنى بتكوين ميليشيات من 300 ألف بلطجى فى إهانة بالغة وكسر لهيبة الجهاز، لا سيما بعد أن أصدر مرسى قراراً جمهورياً بنقل 19 فرداً من العاملين بالمخابرات العامة، وهو الذى لا يعرف -المفترض- عنهم شيئاً، ولا نعرف بواعث قراره ولا مبرراته ولا أسبابه، لدرجة أن هناك قضية بدأت تتحرك لإلغاء قرار مرسى الغريب وغير المبرر.

من الآخر: من صاحب المصلحة فى إشاعة الفوضى والعداء بين الأجهزة السيادية للدولة، وهل نحن بهذا الرخص لكى يلعب بنا الإخوان والمخابرات والرئاسة، والجيش أحياناً، الكرة، وهم يصفون حساباتهم مع بعضهم البعض؟

وهل يحكمنا جاسوس، أم أن المخابرات تريد إسقاط مرسى؟

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات