إيران والشرق الأوسط الجديد

09:14 مساءً الإثنين 6 مايو 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أصبحت إيران الآن قوة كبرى ذات نفوذ في منطقة الشرق الأوسط منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وذلك بسبب عوامل عدة أهمها أسعار النفط التي عادت بربح عال على الإيرانيين كما أن الإطاحة بصدام حسين من حكم العراق مسح المنافس الرئيسي لإيران من الوجود وأيضا وصول الشيعة إلى الحكم في العراق يصب في صالح السلطات في إيران بالإضافة إلى أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي يتسم بالتشدد يريد أن يؤسس دولة إيرانية أكثر إستقلالا عن طريق ضمها إلى النادي النووي الدولي وإستخدام الطاقة النووية الإيرانية لأغراض سلمية .

نجاد، الرئيس الإيراني ونتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال، هدفهما موحد : شرق أوسط جديد، صورة من معرض ألماني ، كولونيا

وتدور أسئلة كثيرة ومتشعبة عن مستقبل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت أكثر سخونة من أي وقت مضى فالصراع أخذ يحتدم من أجل فرض الهيمنة وبسط النفوذ على منطقة هي الأغنى في ثرواتها الطبيعية : النفط والغاز الطبيعي اللذان يشكلان العصب المحرك للإقتصاد العالمي .

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية (بعد مرحلة ما بعد الحرب الباردة) في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي تعمل من أجل فرض مشروعها الذي يهدف إلى بسط النفوذ والتحكم بالبترول والغاز الطبيعي في المنطقة وضمان أمن إسرائيل واستقرارها  ومستقبلها ومن أجل هذا الهدف راحت الإدارة الأمريكية تعبد الطرق وتزيل كل ما يعترضها من معوقات وبالتالي تم إحتلال العراق والإطاحة بصدام حسين .

أما الخطوة الصعبة في طريق المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط هي كيفية التعامل مع الملف الإيراني وتحديدا ما يتعلق بالمفاعل النووي وإمكانية قيام إيران بتصنيع القنبلة الذرية .

وإيران التي تعاني من حصار إقتصادي وعقوبات قاسية هي الأخرى تواصل المكابرة بإجراء مناورات عسكرية وتجارب صواريخ بعيدة المدى وتهدد بإغلاق مضيق هرمز وفي تحديها للولايات المتحدة تعمل على تعزيز مواقعها في منطقة الشرق الأوسط من خلال تحريك الأذرع الشيعية المرتبطة بها مصيريا كحزب الله في لبنان والأحزاب الإسلامية الشيعية في العراق والاحساء والبحرين والكويت والحوثيين في اليمن وغيرها .

كما تسعى إيران لسد الفراغ العراقي في ظل الغياب العربيفالنظام الإيراني كان من أبرز المستفيدين من احتلال العراق وفشلت الدول العربية في القيام بمسئولياتها ولم تكن إيران تحلم خلال تاريخها بمد نفوذها داخل العراق مثلما يحدث الآن بعد احتلال الولايات المتحدة للعراق حيث تقوم إيران وأكثر من أي وقت مضى بموازنة مصالحها الإستراتيجية والإقتصادية من خلال الواقع الجديد .

وقد لعبت إيران دوما دور المدافع الرئيسي عن الأقلية الشيعية التي تنتشر في أغلب دول الخليج العربي وبعض الدول العربية الأخرى في الشرق الأوسط وإتخذت هذا الدور كذريعة للتدخل في الشئون الداخلية لهذه الدول وبالأخص الدول التي يشكل الشيعة فيها نسبة كبيرة مثل الكويت والبحرين ولبنان والعراق وتنظر إيران إلى الدول العربية على أساس التقسيم الطائفي فيها فهي مناصرة للأقلية الشيعية المحاطة بأغلبية سنية .

ولكن ما يعوق الطموحات الإيرانية هو الطروحات الغربية حول الشرق الأوسط الكبير فوفقا لذلك ستظل إيران طرفا عاديا من أطراف الشرق الأوسط الكبير المقترح إلى جانب أطراف فاعلة أخرى وليس لها ميزة على الآخرين وتتجلى التحديات التي تواجه إيران في أمور أربعة :

-1- وجود إسرائيل الذي يمثل تحديا للطموح المتعلق بالدور الإقليمي الذي ترغب إيران في لعبه على صعيد الشرق الأوسط المزمع تشكيله .

-2- ظهور تركيا كدولة تريد فتح أسواق جديدة لإقتصادها عن طريق تصدير سلعها وعمالتها إلى الأسواق العربية خاصة الأسواق الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي والعراق .

-3- أعطت دول المجلس موافقتها الواضحة للدخول في نظام الشرق الأوسط الكبير وقد تعزز ذلك نتيجة لغزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003

-4- تركيا وإسرائيل وبعض دول آسيا الوسطى القريبة من الحدود الإيرانية تعتمد على دور أمريكي- أوربي فاعل في مضمارإعادة تشكيل النظام الإقليمي الجديد للشرق الأوسط وتشكل هذه الأطراف تحديات عسكرية بارزة لإيران في المنطقة .

ولا شك أن ثورات الربيع العربي التي لم تتحدد ملامحها النهائية بعد قد سببت إرتباكا واضحا في سياسة إيران لا سيما عندما امتدت إلى حلفائها في الإقليم وعلى رأسهم سوريا للدرجة التي لا يمكن معها الحديث عن سياسة إيرانية واحدة بل سياسات متعددة وربما متناقضة في بعض الأحيان فبعد أن بدت إيران مرحبة بالنتائج التي فرضتها الموجات الثورية الأولى التي نجحت في الإطاحة بالنظامين التونسي والمصري ودعمت الإحتجاجات التي شهدتها البحرين بإعتبارها تدخلا في إطار “نصرة المستضعفين” تبنت موقفا مغايرا تجاه الأحداث التي شهدتها سوريا منذ مارس / آذار عام 2011 حين وصفتها بأنها “شأن داخلي” واعتبرتها نواحي خارجية لتقويض دعائم النظام السوري وهذا التناقض يظهر أن إيران تنظر إلى تطورات الإقليم بمنطق الدولة التي تعي مصالحها .

وفي ظل هذه المعطيات الخطيرة التي تشهد صراع إسرائيل والولايات المتحدة مع إيران على بسط النفوذ والهيمنة نجد أن بلدان الشرق الأوسط باتت هدفا للإستحواذ عليها ولقمة مستساغة لإبتلاعها.

 

One Response to إيران والشرق الأوسط الجديد

  1. أحمد محمد حسن رد

    10 مايو, 2013 at 1:57 م

    هذا المقال انا كتبته يوم شم النسيم وهو يستعرض الحلم الفارسي في الشرق الأوسط الجديد…

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات