موتسارت Wolfgang Amadeus Mozartكما يظهر في فيلم توثيقي

خرج الموسيقار النمساوي موتسارت Wolf Gang Amadeus  عن المألوف ضاربا عرض الحائط بالقوالب التقليدية الصماء بتقديمه أوبرا زواج فيجارو The Marriage of Figaro… فقبل موتسارت(1756-1791) كانت الأوبرا تحكي عن قصص الآلهة والعوالم الخيالية البعيدة كل البعد عن المعاناة الإنسانية .. فكانت أوبرا زواج فيجارو  نقطة التحول الحقيقية في مجال التأليف الموسيقي الأوبرالي لتتناول الأوبرات بعدها قضايا وموضوعات ذات صلة مباشرة بالواقع وبمشكلات الإنسان ومعاناته …

فموتسارت في زواج فيجارو يقدم لنا الإنسان بكل تناقضاته وسلبياته وإيجابياته : نزواته , عواطفه , شهواته .. ويمكننا القول بأن زواج فيجارو قد أسهمت كعمل موسيقي أوبرالي متكامل في إشعال جذوة الثورة الفرنسية سنة 1789.

بيير أوجستان كارون 1732-1799 كاتب (زواج فيجارو) المعروف باسم (بومارشيه)

كتب أوبرا زواج فيجارو المؤلف الفرنسي (بيير أوجستان كارون)  1732-1799 والمعروف باسم: (بومارشيه) Beaumarchais وكتبها بنفس شخصيات وأجواء مسرحيته التي سبقتها (حلاق إشبيلية) والتي استلهم فيها أسماء وأماكن إسبانية رغم أنها مسرحية تعكس الواقع والأحداث في فرنسا قبيل الثورة الفرنسية ولاعلاقة لها بإسبانيا ,مستعرضا بصورة رمزية وساخرة الطبقية السائدة في المجتمع الفرنسي والمعاناة الشديدة التي كان العمال والفلاحون يكابدونها , حيث كان الملك يحكم بحقه الإلهي في الملك , ورجال الدين وكلاء الله على الأرض , ومجموعة من النبلاء يمثلون 1% من المجتمع الفرنسي , و20% آخرون يمثلون طبقة الإقطاعيين من ملاك الآراضي .. أما سجن الباستيل الشهير فكان مصير كل من يعترض على تلك المنظومة .

تدور أحداث أوبرا زواج فيجارو حول الشاب فيجارو الذي يلتقي سيده الكونت في إحد شوارع مدينة إشبيلية المظلمة ويشكو كل منهما همومه للآخر , فالكونت يحب فتاة تسكن في المنزل المقابل ويريد الزواج منها لكنه لايعرف عنها شيئا , أما فيجارو المثقف إبن البلد الفقير فيشكو من سوء حظه , فقد كان يكتب في الصحف ويؤلف المسرحيات ولكن رؤسائه في العمل طردوه لأنهم يريدون تابعا مسكينا , وهو يعمل حلاق .. يضحك السيد ويخبر فيجارو أنه وجد له عملا مهما وهو تدبير أمر زواجه من الفتاة التي يحبها , فيخبره فيجارو أن الفتاة اسمها : روزين , وهي يتيمة ومسكينة , وقعت في براثن رجل عجوز يريد الزواج منها .. تولى تربيتها وحينما أينعت يريد أن يتزوجها , يستطيع فيجارو بذكائه وحيله إنقاذ الفتاة وتزويجها من الكونت .

 بعد أن يساعد فيجارو الكونت في الزواج من الفتاة التي يحبها وتدعى روزين يقع فيجارو في حب سيزان الفتاة التابعة للسيدة روزين زوجة الكونت ويعرف منها فيجارو أن الكونت لا يتوقف عن مطاردة الفتيات , فقد طمع الكونت في حبيبة فيجارو .. ومن ثم فقد جاء دور الكونت لينال نصيبه من ألاعيب فيجارو , فجعل فيجارو السيدة روزين ترتدي ملابس خادمتها وتقابل الكونت فيطارحها الغرام , ثم يرى الكونت الخادمة التي تلبس ملابس السيدة زوجته وهي تقابل فيجارو فيشك في سلوكها .. ويكشف فيجارو اللعبة أمام الجميع .. لعبة الذكاء والبطولة الفردية في حل المشاكل وتنتهي المسرحية بعودة الكونت إلى صوابه وتوقفه عن مطاردة الفتيات.

 على الرغم من تصنيف أوبرا زواج فيجارو كواحدة من المسرحيات الهزلية إلا إن هذا الإنطباع سرعان ما يتلاشى لتجد نفسك أمام محتوى شديد المصداقية يتمحور حول حق الإنسان في اختيار مصيره وعدم الإستسلام للظلم واليأس … فنجد الكونت ينصاع في النهاية لرغبة الجماعة من أفراد الشعب لتكون الغلبة في النهاية للحق والخير والقيم الإنسانية السامية .

Tweet