الاحتجاج بالتعري!

02:58 صباحًا الثلاثاء 4 يونيو 2013
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

آلاحتجاج  بالتعري .. أو الجسد العاري في مواجهة بندقية الجهاديين ؛ قدموا بأفكارهم القروسطية المتطرفة من أعماق كهوف ” تورا بورا ” مع هبوب رياح خماسين الربيع العربي الذي يكاد أن يتحول إلى شتاء نووي على يد اليمين الديني المتطرف الذي أختطف الثورات التي زايدت فيها تيارات الإسلام السياسي على معارضيهم و على بعضهم أيضا ليمتطي الثورة من كان أكثر تطرفا ؛ و في المقابل كان التطرف من القوى المدنية على الجانب الأخر و لو بالأجساد العارية .. لكن من ذا الذي يستطيع إنقاذ أجساد عارية واهنة من قذائف التطرف ؛ و لمنسينصت ضمير العالم إن وجد .. للأجساد العارية أم لطلقات الرصاص و قنابل من يظنون أنفسهم وكلاء الله على الأرض ..

جسدي ليس شرف احد

– بدأت الحكاية عندما أصر التيار السلفي الجهادي المرتبط بتنظيم القاعدة على عقد ملتقاه السنوي بالقيروان .. إلا أن وزارة الداخلية التونسية رفضت بعد أن أصبحت ملتقيات السلفية الجهادية مهددة للأمن العام بما تبثه من أفكار متطرفة و عدم إحترام لمدنية الدولة و قيمها و منها العلم الرسمي للبلاد الذي إنتهك غير ذات مرة ليوضع في مكانه راية تنظيم القاعدة وسط هتافات عنصرية و أخرى مهددة على شاكلة ” أوباما أوباما ..كلنا أسامة ” ؛ و مازال عالقا بالأذهان العرض القتالي الذي قدمته السلفية الجهادية في ساحة جامع ” عقبة بن نافع “بالقيروان ؛ و بطبيعة الحال كان رد الفعل المجتمعي مستنكرا لهذا التطرف الديني في بلد ” جامع الزيتونة ” أقدم جامعة سنية فى تاريخ الإسلام الذي درس لقرون قيم الإسلام الوسطي المتسامحة ؛ فضلا عن ترسخ قيم الدولة المدنية في تونس بما لا يتعارض مع إسلامها منذ عقود ؛ لكن على الجانب الأخر في المجتمع التونسي وقف نشطاء حقوقيون و دعاة للمدنية و الحداثة موقفا متشددا إلى حد التطرف كرد فعل .. و من هؤلاء كانت فتاة في عقدها الثالث فيما يبدو تدعى “أمينة ” و التي أشتهرت “بأمينة فيمن ” نظرا لإنتمائها إلى منظمة ” فيمن ” الحقوقية النسوية ؛ و التي أصرت على مواجهتم في القيروان في يوم ملتقاهم المحظور ؛ و في ذات الساحة الخارجية التي كان مقررا عقد الملتقى فيها .. قيل أنها حاولت التعري من ملابسها و سكبت الخمر و كتبت عبارات بذيئة على الجدران بأسم الحرية ؛ لكن أغلب الظن أن قوات الأمن منعتها من ذلك قبل أن تفعل حيث شاهدها الجميع مقبوضا عليها و تم إقتيادها إلى سيارة الشرطة ليتم عرضها على النيابة العمومية التي أحالتها لمحاكمة عاجلة حدد لها موعد الخميس 30 مايو ؛ و لكن قبل المحاكمة بيوم فوجئ الجميع بثلاث ناشطات أوروبيات ” فرنسيتان و ألمانية ” يقمن بتعرية نصفهن العلوي و معظم نصفهن السفلى أمام المحكمة الإبتدائية بقصر العدالة في تونس و قد كتبن عبارات الإحتجاج على محاكمة “أمينة “و مصادرة حريتها و علت عقيرتهن بالهتاف من أجل الحرية و سباب من يقمعونها سلطات أم أفراد و قد إلقي القبض عليهن من قبل قوات الأمن بصعوبة بالغة حيث كان الحاضرون من تيار اليمين الديني الذين دخلوا في مشادات عنيفة مع الناشطات الأوروبيات أحرص حتى من قوات الأمن على سلامتهن الجسدية و عدم المساس بهن و أغلب الظن أن السبب في ذلك الحرص على عدم إستفزاز أوروبا أو إغضابها .. ربما لنفوذها الكبير في تونس فضلا عن أن درس ” مالي ” ليس ببعيد .

.

– و مع صدور حكم محكمة القيروان في يوم الخميس 30 يونيو بمعاقبة ” أمينة ” بغرامة قدرها مائتي دينار تونسي .. شهدت أزمة أمينة تصعيدا جديدا حيث تجمع عددا من السلفيين و أنصارهم الذين لم يعجبهم الحكم للإحتجاج خاصة و أنها كانت فرصة أيضا للهجوم على القضاء الذي يخوض معركة مع الدولة من أجل إستقلاله .. ؛ و كاد الوضع أن يتأزم أكثر عندما خرجت المحامية و الناشطة ” ليلى بن دبة “رافعة يديها بعلامة النصر بعد صدور الحكم مما أثار حفيظة رافضيه من التيار السلفي و أنصاره .. لكن مساعي التهدئة نجحت في إبعاد المحامية ” ليلى بن دبة ” إلى داخل المحكمة بعد أن واجهت بمفردها مظاهرة السلفيين و مؤيديهم كما فعلت من قبل هي و زميلة لها في مطار ” تونس قرطاج ” عندما تظاهرتا للإحتجاج على زيارة ” محمد حسان” و إستخدامه سيارة رسمية و نجحتا بالفعل في منع مستقبليه في تونس على كثرتهم من إستخدام قاعة ” كبار الزوار” ..

– لعل هذه الأحداث ستكون نهاية فصل المواجهات بين السلفيين و أنصار الدولة المدنية و الذي سيحمل في الغالب أسم ” أمينة فيمن ” .. ؛ لكن تونس فوق صفيح ساخن مثل مصر تماما .. ؛ فقد رفضت وزارة الداخلية منح تأشيرة بالموافقة ” لحزب الله التونسي ” لإرتباطه ” بحزب الله ” اللبناني ؛ كما شهدت تونس تخفيضا جديد في تصنيفهاالإئتماني إلى مستوى BA2

مع إحتمالات تخفيض أخرى قريبة بسبب ضغوط الدول المقرضة لها و إنعدام مؤشرات مستقبلية مبشرة حسب التقرير المصاحب للتصنيف ..

– وأخيرا في مدينة ” سيدي بوزيد ” قامت إمرأة بالإنتحار حرقا على طريقة “البوعزيزي” لكن في هذه المرة لأسباب عائلية كما تقول المؤشرات الأولية .. أغلب الظن سببها إقتصادي ؛ و الإقتصاد تحكمه السياسة التي يرسمها الأن فيما سمي بدول “الربيع المزعوم” تيار بعينه على يمينه من يملكون القذائف فهل تجدي معها الأجساد العارية ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات