رواية (نادي السيارات) الصادرة قبل شهور عن دار الشروق، كانت مفاجئة في اختيار زمن الحكاية، ولم يكن مفاجئا تطور السرد فيها ولا نضوج أدوات الأسواني الإبداعية، ولا حتى قدرته البارعة في رسم ملامح شخصياته بشكل دقيق كما يليق بكاتب يدخلنا لنادي السيارات المزدحم بالتناقضات والإسقاطات والمفارقات، لنكتشف أن ما يحدث اليوم هو امتداد لما حدث بالأمس.
بعد (شيكاغو) الرواية الجريئة المحكمة الصنع، الصادرة عام 2007، لم أتوقع أن يكتب الأسواني عملا بهذا الزخم والتنوع الإنساني، جذوره متغلغلة في عوالم الأسواني المفضلة في الكتابة، مستخدما مهارته في تسليط الضوء على الطبقية والعنصرية والاستبداد وفساد السلطة. وهي الموضوعات التي تناولتها جميع أعماله، مع التركيز على الايروتيكية والعزف على ثنائية الفقر والثراء.
المذهل في (نادي السيارات) استخدام الأسواني مجاميع من الشخصيات المختلفة المتنافرة والمتجاذبة، الرئيسية والهامشية، الغالبة والمغلوبة، وسيرها بدقة وتمكن نحو نمو أدوارها، محافظا على لياقة عالية في إعطاء كل شخصية حقها من السرد والاهتمام، تفوقه المعتاد في عنصر التشويق رغم أنه عمله الأضخم بعدد صفحات تجاوز الستمئة يحسب له.
كقارئة كنت مستمتعة بمهارة الكاتب في خلط وصف وعرض كل ما رصدته عينه الثاقبة وما رغب في إيصاله لنا من مخزن الماضي، وتقديمه بذكاء شديد مع بعض الرمزية، لمتلقى يداهمه شعور أنه يشاهد فيلما ملحميا بالأبيض والأسود، قادرا على كسب تعاطفه وشد انتباهه منذ اللقطة الأولى إلى مشهد النهاية المذهلة، الذي جاء حاسما و بطوليا ومستحقا.
(نادي السيارات) رواية مصرية خالصة، شبيهة في عمقها وتعدد الشخصيات فيها بثلاثية نجيب محفوظ، وبجرعة التشويق الهائلة فيها وشجاعتها و تبنيها لموقف بالدراما التلفزيونية (ليالي الحلمية) لأسامة أنور عكاشة، وبحس التمرد فيها بفكر وكتابات الأسواني.
هل ستتحول لعمل سينمائي؟ هل ستتعدد طبعاتها؟ هل ستحصل على البوكر؟… لن تكون جميع الإجابات نعم!