“الطبيب الجيد”: طبيب إستثنائي بقدرات إستثنائية

في عالم الدراما الكورية، ليست هنالك الكثير من الدرامات التي تتعامل مع بطل يعاني أحد الأمراض العقلية الشديدة كالتوحد، بمختلف درجاته. إن كانت هنالك درامات مثل “I Miss You” التي تعاني أحد شخصياتها من مرض نفسي وعقلي أقرب إلى البارانويا والريبة المرضية، ودراما أخرى مثل “White Lie” التي تتعرض لبطل يعاني من التوحد ولكن يظهر بمظهر المخدوع دائماً، فأن “Good Doctor” جاءت لتنصفهم.

دراما “Good Doctor – الطبيب الجيد” هي دراما كورية بدأ عرضها أغسطس 2013 لتنتهي في شهر أكتوبر، بعد عشرين حلقة، محققة أعلى نسب المشاهدة. تدور الدراما حول “سي وون” الذي يعاني من إضطراب التوحد، ويظل محتفظاً بعقلية طفل ذي عشرة أعوام رغم تقدمه في السن، ورحلته في التغلب على التمييز والعنصرية في المجتمع ليحقق حلمه في أن يصبح جراح أطفال، مستغلاً في ذلك قدراته الإستثنائية التي يجلبها المرض.

كانت الدراما قبل بدء عرضها تعرف باسم “Green Scalpel – المشرط الأخضر” في دلالة للمشرط الأخضر الذي تلقاه البطل كهدية في طفولته من أخيه الكبير قبل وفاته. ولكن مع بدء العرض تم تغيير الاسم إلى “الطبيب الجيد”.

الدراما من بطولة نجوم موهوبين وأهمهم جوو وون في دور البطل “بارك سي وون”، موون تشاي وون في دور “تشا إين سوو” و جو سانغ ووك في “كيم دو هان”. بارك سي وون هو ابن عامل منجم وقد شهد عنف والده وضربه له منذ طفولته بسبب معاناته من إضطرابات في النمو والذي يتضح أنه أحد أشكال التوحد، وقد تلقى تعليمه في مركز صحي، حيث يتم تشخيصه بمتلازمة سافانت، التي تظهر في الأطفال وخاصة ممن يعانون من التوحد، ويتميزون بمواهب عقلية فوق العادية. سي وون لديه نزعة عبقرية، وذاكرة خارقة، ومهارة خاصة في تخيل وإكتشاف جسم الإنسان داخل عقله. بمساعدة الطبيب “تشوي وو سوك” الذي سيتكفل بالإعتناء به منذ طفولته حتى تخرجه، ينجح سي وون في أن يصبح جراح أطفال، ولكن تظل شخصيته شخصية طفل ذي عشرة أعوام.

أما تشا يون سوو فهي جراحة أطفال تتمتع بحس عال من المسئولية. وقد إختارت مجال الطب بعد أن تطوعت في مركز للأطفال المصابين بالسرطان أثناء المرحلة الثانوية، ودخلت أفضل كليات الطب في كوريا وأصبحث ثاني أفضل تلميذة في دفعتها. وبفضل ذكائها وعملها الجاد، ترقت في المستشفى في وقت قصير. لا تتردد في إنتقاد مدرائها، ولكن شخصيتها لطيفة حقاً.

أما كيم دو هان فهو أصغر دكتور يصبح أستاذ مساعد في طب الأطفال. وقد كان الأول على فصله أثناء دراسته الطب في الجامعة، وهو شخصية باردة وتسعى للمثالية. ويلوم نفسه على وفاة أخيه الأصغر سوهان، الذي كان يعاني من إضطراب في النمو، مما يجعله يعامل سي وون بحدة، لأنه يذكره بأخيه. وخطيبته يوو تشاي كيونغ، التي تقوم بدورها كيم مين سو، وهي مديرة قسم التخطيط في المستشفى، والابنة الوحيدة لمديرها الراحل، ولكن تثبت أنها أهل للمنصب بعقليتها وتصرفها الهادئ.

تتعرض الدراما لمشاكل كثيرة منها التنمر، والعنف المنزلي، وكيفية تقبل المجتمع لذوي الإعاقات. بالطبع يبدو الأمر جلياً أن تقبل المجتمع يختلف، فبينما أخو سي وون الكبير وأمه كانا يحبانه ويحرصان عليه، كان والده يكرهه لكونه “غبيا” كذلك كان الأطفال في الحي يسخرون منه لأنه “لا يتحدث كثيراً”. حتى يقرر الطفل سي وون أن يصبح طبيباً بعد أن يهديه أخوه الكبير أدوات طبية مصغرة في عيد ميلاده، أهمها ذلك المشرط الأخضر، ليحدث حادث مؤسف لكليهما، يذهب ضحيته الأخ. يكبر سي وون في منزل الطبيب الذي يكتشف عبقريته مبكراً، فقد تمكن سي وون من فهم أسرار الجسم البشري وحفظ كتب الطب قبل إتمامه الحادية عشر، ليصبح بذلك حلمه بأن يصير جراح أطفال ليعالج الأطفال، ليحقق حلمه في إنقاذهم، بعد عدم تمكنه من إنقاذ أخيه.

يكبر سي وون ويتخطى العقبات الدراسية ويبدأ أول عام له من العمل الحقيقي في المستشفى، ليواجه نفس التحديات من الأطباء الآخرين الذين لا يعترفون به كطبيب لأنه رغم عبقريته وذكاؤه في مجال الطب، إلا أنه مازال يعاني أعراض التوحد، منها العزلة وعدم القدرة على التواصل السليم مع زملائه.

تعد هذه الدراما رحلة سي وون في النضج، سواء في نضجه كشخص من خلال تعامله مع الأطباء والأباء، نضجه كطبيب من خلال تعامله مع المرضى والمواقف الطارئة وإجرائه للعمليات الجراحية، ونضجه كرجل من خلال تعامله مع يون سوو وفهمه معنى الحب.

حتى الأن فازت هذه الدراما بجائزة أفضل سيناريو، لكاتب السيناريو بارك جاي بوم في حفل جوائز عام 2013 للدراما الكورية، وهنالك الكثير من التوقعات بفوز جوو وون بجائزة أفضل ممثل بعد أدائه الممتاز وتجسيده لشخصية سي وون.