العرب: مضى ربيع السياسة وجاء شتاء الاقتصاد!

03:54 مساءً الإثنين 6 يناير 2014
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

ما زالت دول عربية ، شهدت انتفاضات شعبية قبل أكثر من سنتين، تعاني اقتصاديا بسبب استمرار الاضطرابات السياسية وعدم انجاز الانتقال السياسي. وبينما تعاني المنطقة عموما من استمرار الأداء الضعيف للاقتصاد العالمي، تشير المؤشرات الاقتصادية للعام 2013 إلي تفاقم التحديات في دول الربيع العربي،وهي تحديات بات التغلب عليها يتطلب ما هو أكثر من تحقيق الاستقرار السياسي، وفقا للخبراء.

مصر: تحديات اقتصادية مرهونة بتحقيق الاستقرار السياسي ووضع برنامج زمني محدد

وبينما تستعد مصر إلى إجراء استفتاء على الدستور، هو أول خطوة في مرحلة انتقالية تتضمن انتخابات تشريعية ورئاسية وصولا إلى استكمال البناء الديمقراطي للبلاد بعد عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو، قال الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إن مصر تواجه الكثير من التحديات الاقتصادية، وهي تحديات طبيعية واعتيادية كأي دولة نامية، وهي لم تتغير منذ فترة، وإن كانت قد زادت حدتها بعد 25 يناير 2011، وتفاقمت المشكلة بعد 30 يونيو الماضي.

وأوضح أن أهم هذه التحديات تتمثل في ارتفاع وتزايد معدلات الفقر والبطالة والتضخم والعشوائيات، وتدني مستوى الخدمات، والتعليم والصحة، وضعف الدخل القومي والفردي، وتراجع مصادر الدخل الأجنبي والاستثمارات الوطنية والاجنبية، وتوفير الطاقة لمواجهة أية توسعات أو تلبية الاحتياجات المطلوبة.

وتؤكد التقديرات المختلفة الصادرة عن مؤسسات اقتصادية ومالية وبنوك عالمية وكذا الصادرة عن المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي أن نمو الاقتصاد المصري خلال العام الجاري يتراوح بين 2.3 في المائة إلى 2.7 في المائة وهو ما يدل على استمرار الاتجاه التراجعي منذ عام 2010.

وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن زيادة معدل الفقر في مصر إلى 26.3 في المائة من إجمالي السكان وفقا لمقياس الفقر القومي خلال عام 2012/2013 مقابل 25.2 في المائة في العام السابق له 2010/2011.

كما أعلن البنك المركزي المصري عن تراجع الاحتياطات النقدية لديه بالعملة الأجنبية خلال نوفمبر الماضي بنحو 825 مليون دولار بنسبة 4.4 في المائة لتصل إلى 17.765 مليار دولار مقارنة بـ18.590 مليار دولار في أكتوبر الماضي. ويعد هذا التراجع للشهر الثالث على التوالي.

وتوقع الدكتور الدسوقي أن يستمر الوضع الاقتصادي الحالي إلى مابعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، نظرا لغياب رؤية إستراتيجية محددة للاقتصاد المصري في الفترة الحالية، واندماج الحكومة في إدارة المرحلة الانتقالية، ومواجهة المشاكل الآنية.

وفيما يتعلق بفرص التعاون الإقليمي والدولي مع مصر لمساعدتها على الخروج من المأزق الحالي، قال الدكتور صلاح جودة المستشار الاقتصادي لمفوضية العلاقات الأوربية ” هذا لن يحدث وإن حدث فلن يكون ذو جدوى كبيرة، وعلى مصر أن تساعد نفسها أولا قبل أن تطلب مساعدة الخارج”.

وأضاف انه “على مصر تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، والقضاء على حالة الانفلات الأمني، ثم إعداد خريطة طريق اقتصادية واضحة المعالم، تتضمن عدة خطط وبرامج محددة وبتوقيتات زمنية معروفة، لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية ، فمن شأن ذلك أن يساعد الاقتصاد المصري على النهوض من كبوته، والمواطن المصري على تحسين أوضاع ومستوياته الاقتصادية والاجتماعية “.

فلسطين: تراجع مطرد للاقتصاد رغم ارتفاع المساعدات الدولية

وواجه الاقتصاد الفلسطيني تراجعا مطردا وقياسيا في نسب النمو خلال العام 2013 مقارنة مع الأعوام الأخيرة على الرغم من التراجع النسبي في حدة أزمة عجز الموازنة الفلسطينية.

وحسب تقارير للبنك الدولي وأخرى فلسطينية رسمية , فإن تقديرات نمو الاقتصاد الفلسطيني لا تتجاوز 4.5 في المائة مع نهاية العام 2013, مقارنة مع نسبة 9 في المائة وصل إليها قبل ثلاثة أعوام.

وقال محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء الفلسطيني للشؤون الاقتصادية إن العام المنقضي شهد مزيدا من التراجع للاقتصاد الفلسطيني بسبب بقاء السياسات الإسرائيلية على حالها من فرض قيود ووضع عقبات أمام نموه.

وشدد مصطفى, على أن تحقيق أي تنمية حقيقية للاقتصاد الفلسطيني مرتبط بشكل أساسي برفع القيود الإسرائيلية المفروضة على المعابر الفلسطينية وحرية الحركة والوصول إلى كافة المناطق الفلسطينية.

وأشار في هذا الصدد إلى أن الفلسطينيين طالما طالبوا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتهيئة الأوضاع على الأرض أمام إنعاش الاقتصاد الفلسطيني بما يسمح بجلب مشاريع الاستثمار الخارجي وتحقيق تنمية شاملة.

ورأى الخبير الاقتصادي من رام الله جعفر صدقة  أنه من المفارقة التركيز على تراجع نسب نمو الاقتصاد الفلسطيني رغم الارتفاع الملحوظ في المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية خلال العام 2013.

وأشار صدقة إلى أن السلطة الفلسطينية تلقت نحو ملياري دولار خلال هذا العام مقارنة مع نحو 750 مليون دولار فقط خلال العام الماضي, غير أن ذلك لم يكن كافيا لإحداث تأثير إيجابي وملموس على الاقتصاد الفلسطيني.

وتظهر الإحصائيات أن 85 في المائة من مجموع الدعم الدولي للسلطة الفلسطينية تم استخدامه في تسديد الرواتب الشهرية لموظفيها البالغ عددهم 148 ألف موظف، من دون أن يساهم ذلك عمليا بإحداث تنمية حقيقية في الاقتصاد الفلسطيني.

وحدد صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له ثلاثة عناصر أساسية لتحقيق نمو في الاقتصاد الفلسطيني تتمثل في استمرار السلطة الفلسطينية بعملية الإصلاح, ووفاء المانحين بالتزاماتهم, والحد من القيود الإسرائيلية بشكل واسع ومستدام.

وحسب حكومة حماس, فإن الاقتصاد المحلي في قطاع غزة يتكبد خسائر بقيمة 230 مليون دولار شهريا منذ أحداث 30 يونيو الماضي في مصر والحملة المصرية لإغلاق أنفاق التهريب.

وكان اقتصاد غزة يعتمد على أنفاق التهريب مع مصر لتغطية 40 في المائة لسد احتياجاته الأساسية من مواد إنشائية ومواد خام ومستلزمات الإنتاج, في مقابل سماح إسرائيل بتوريد ما لا يتجاوز 35 إلى 40 في المائة من احتياجات القطاع, غالبيتها مواد استهلاكية لا يبنى عليها في تنمية وتطوير الاقتصاد.

ويقول الخبير الاقتصادي من غزة حامد جاد , إن اقتصاد شهد تعطلا حادا لكافة قطاعاته الإنتاجية تقريبا خلال النصف الثاني من العام المنقضي.

وأشار حامد جاد إلى أنه ترتب على ذلك ارتفاع قياسي في معدلات البطالة والفقر وهو أمر يقول إنه سيكون مرشحا للتفاقم خلال العام المقبل في حال استمرار أزمة الانقسام الداخلي مع الضفة الغربية وعدم التمكن من إيجاد آليات عمل رسمية لمعابر قطاع غزة.

سوريا: أضرار جسيمة مرشحة للزيادة على خلفية استمرار الأزمة

يعيش الاقتصاد السوري خلال العام الحالي في ظل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ منتصف مارس 2011 حالة من التذبذب والتراجع الملحوظ وانخفاض واضح في سعر صرف الليرة أمام الدولار .

وواجه الاقتصاد السوري أضرارا جسيمة تمثلت في دمار واسع ببني الإنتاج وازدياد معدلات البطالة, وحرمان الخزينة العامة من عائدات الصادرات النفطية, إضافة إلى ضغوط على الليرة السورية أدت إلى تراجع قيمتها.

كما تراجع التبادل التجاري والاستثمار الخليجي في القطاع السياح إضافة لتراجع عدد السياح. ورغم ذلك كله لايزال الاقتصاد السوري يبدي قدرا من المرونة والثبات والقدرة على الاستمرار.

لقد تسبب العنف المسلح المستمر في سوريا بأزمة إنسانية, كما خلّف أضرارا اقتصادية كبيرة من ضمنها الدمار الذي لحق بالممتلكات التجارية والسكنية, والبنى التحتية, ومستلزمات الإنتاج.

كما أن العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على سوريا من قبل كل من الولايات المتحدة الأمريكية, الاتحاد الأوربي والجامعة العربية, كان لها أثرها السلبي على الاقتصاد السوري. فالحظر النفطي تسبب بخسارة عائدات تصدير النفط, والتي بلغت حوالي 4 مليار دولار أمريكي, مما حرم الحكومة من حوالي 25 في المائة من إيراداتها لعام 2012. أما العقوبات المالية فقد شكلت عائقا إضافيا أمام التجارة, إذ أنها عقّدت تمويل التجارة الخارجية ووضعت ضغوطا إضافية على العملة السورية.

وكشف تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) عن انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 45 في المائة، وبلغ عدد العاطلين عن العمل 3 ملايين شخص من بين 5 ملايين يمثلون مجموع القوى العاملة.

وأشارت الإسكوا في مؤشرها لأهداف الألفية الذي يشمل مجموعة من المؤشرات التنموية والاقتصادية, تحت عنوان “ألف يوم من الحرب حولت الواقع في سوريا, إلى أن “سوريا ستتكبد خسائر تعادل 3 عقود من النمو الاقتصادي, وعقدين من التنمية البشرية إذا ما تواصل الصراع إلى عام 2015, متوقعة “انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 57 في المائة وبلوغ معدل الفقر 44.5 في المائة عام 2015, إذا ما استمرت البلاد على هذه الحال”.

وكانت إحدى الدراسات الحديثة لمنظمة الأسكوا أفادت, في شهر أكتوبر الماضي, أن 18 مليون سوري يعيشون “تحت خط الفقر الأعلى”, وسوريا تواجه احتمالات المجاعة لأول مرة في التاريخ الحديث إذ يعيش نحو 4 ملايين سوري تحت خط الفقر الغذائي مقارنة بـ200 ألف سوري في عام 2010.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات