فلسفة الحضارة الهندوسية في التصوير الشعبي الجنوب آسيوي

12:55 مساءً الأحد 23 مارس 2014
د. سماء يحيى

د. سماء يحيى

فنانة تشكيلية وأكاديمية من مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

( الشكل – 1 ) رسوم شعبية جدارية من معبد كيرالا Kerala – الهند – القرن 12م-15م

عرف منذ قديم الأزل أن الفن دوماً كان هو الوسيط الذي يعبر الإنسان من خلاله عن حالته النفسية و مشاعره العاطفية و إدراكه للطبيعة و القيم التي يعتنقها “[1]، ” فقد مضى الفن مع البشرية في رحلة التاريخ الإنساني عبر الزمن معبراً عن أهداف و طموحات الأجيال المتعاقبة على مر التاريخ و في محاولة تحقيق هذه الأهداف التي ربما كانت مشتركة بين  كل الحضارات  فإن كل حضارة رأت تحقيقه من  زاوية مختلفة تختلف باختلاف الرؤية  الثقافية  للمبدع  و الناجمة عن الاختلاف الثقافي و الحضاري بين الشعوب ورغم ذلك وبرغم ارتباط الفن بالثقافة وبالعصر و بالحضارة الذي وجد فيها فإن ذلك لا يمنع من احتواءه على قيم خالدة على مر العصور فارتباط الفن بمنشئه لا ينفي احتواءه على قيم إنسانية و أخلاقية نبيلة و سامية تخاطب الإنسان في أي زمان و مكان فالتعبير عن جوهر الإنسان في إطار حضارة ما هو إلا تعبير عن الإنسانية جمعاء”[2].

 ” ويرى الفيلسوف الغربي جون ديوي Dewey أن لكل حضارة من الحضارات خصائصها الفريدة و المميزة مثلها في ذلك مثل الأفراد فلكل فرد خصائص و سمات شخصية معينة تميزه عن غيره من الأفراد و يمكننا أن نرى هذه الخصائص المميزة للحضارة في الفن الذي ينتج فيها . إن الفرق بين فنون الحضارات المختلفة لا يرجع إلى أسباب و قدرات فنية تقنية بل يرجع إلى هدف تلك الحضارات و عقيدتها و ما ترمي إليه”[3]،  ” فالدين دوماً ما كان مرتبطاً بالفن بل ربما أنهما ولدا و ترعرعا سوياً في ظل نشأة الحضارة أو كما قال هربرت ريد ( أنه لا يوجد فن عظيم أو على الأقل مراحل فنية عظيمة بدون علاقة حميمة و قوية بين الفن و الدين )     فحتى عندما يبدع الفنانين العظام لوحاتهم بمعزل عن أي تأثير ديني فإنه كلما اقتربنا أكثر من حياتهم نكتشف ما لا يمكن أن يطلق عليه إلا إحساس إيماني ديني “[4].

 ” فقيم دراسة الفن ترتبط بقيم الثقافة للشعوب  و أن تركيز وتكثيف الفن هو تركيز و تكثيف للثقافة و من ثم فإن دراسة الفنون ينبغي أن توفق العلاقة بينها وبين الثقافة و ذلك لأن الفنون مرآة حقيقية لها لاعتبار أن الفن ثقافة و الثقافة رؤية”[5].

 “أما ميلكو Milco و يتفق معه العديد من الباحثين فيرى أن الحضارات الرئيسة هي 12 حضارة على الأقل من بينها 7 لم يعد لها وجود، بينما تظل هناك خمس ( الصينية – اليابانية – الهندية – الإسلامية – الغربية ) التي مازالت موجودة إلى يومنا هذا”[6]،”والهندية هي حضارة أو أكثر من حضارة متتالية و كلمة هندو هي المفضلة بالنسبة للحضارة الأحدث و على نحو أو آخر فإن الهندوسية كانت دائماً في المركز بالنسبة لثقافة شبه القارة منذ الألف الثانية ق.م ، و الهندوسية هي أكثر من مجرد دين أو نظام اجتماعي فهي لب الحضارة الهندية و قد استمرت في أداء هذا الدور عبر الأزمنة الحديثة رغم أن الهند نفسها يوجد بها مجتمع إسلامي كبير بالإضافة إلى الأقليات الثقافية الأخرى”[7]، ” فالفن الهندوسي ككل فروع الثقافة الهندوسية الأخرى لم يكن ظاهرة معزولة عن الجوانب الأخرى من الحضارة الهندية فهو انعكاس للحياة الاجتماعية و الأنماط الدينية لهذا المحتوى الحضاري و استوحى منها أعماله و يفسر هذا الارتباط بالفلسفة الهندية في كل جوانب الحياة و الفن في الهند الجوانب الرمزية و السحرية التي مازالت تميز مختلف مناحي الثقافة الهندية في وقتنا الحالي           و تتشاطرها الهند مع جيرانها المتأثرين بثقافتها “[8]

 ” و تتلخص الأهداف الأربعة للحياة طبقاً للهندوسية هي الفضيلة والعفة ، النجاح ، والمتعة ، و التحرر”[9]، ” أما الشروط الأربعة للفلسفة الهندوسية كما يقول شانكارا  فهي :

  • ·   ليس المنطق ما هو الذي يعوزنا و إنما يعوزنا البصيرة النافذة و هي ملكة شبيهة بملكة الفنون تدرك بها دفعة واحدة ما هو حيوي في الأمر الذي نحن بصدده فنميزه مما ليس بذي خطر و نفرق بها بين ما هو أبدي و ما هو زمني عابر و نخرج بها الكل            من الجزء .
  • ·   و الشرط الثاني هو أن نقبل إقبالاً عن طواعية على الملاحظة و البحث و التفكير لا نبغي من وراء ذلك كله من غاية إلا المعرفة لذاتها فلا نريد من ورائه اختراعا أو ثراء أو قوة إنه بمثابة انسحاب للروح حتى لا تتعرض لكل ما يصاحب العمل من استنارة و ميل مع الهوى و استمتاع بالثمرة.
  • ·        و ثالث الشروط هو أن يكتسب الفيلسوف ضبط لنفسه و صبراً و هدوءاً.
  • ·   و رابع هذه الشروط أن تشتمل في أعماق نفسه رغبة في الموكشا و معناها التحررمن الجهل و القضاء على كل الشعور بنفسه الفردية المنفصلة عن سواها و الاندماج السعيد في براهما الذي هو المعرفة الكاملة و الاتحاد اللانهائي “[10]

 و من هذه الشروط الأربعة انبثقت الفلسفة التي قامت عليها الفنون الهندوسية و المتمثلة في :-

أ – المثالية و تكمن مثالية الجمال في الفلسفة الهندوسية في أن الجمال يكمن في نموذج معين من التناغم النفس مع الوجود فالجمال هو كل ما يجلب السعادة دون الإحساس بالمنفعة المادية و هذه الحالة من السعادة تكون باطنية و ظاهرية على حد سواء متولدة عن شعور بالرضا ناتج عن الإحساس بمتعة الجمال للمتلقي و متعة إبداع الجميل للفنان “[11] .

ب- ” اتفقت الفلسفات الهندية مع الأفلوطينية في اتجاه أنه لبلوغ الكمال لابد من التوحد مع المطلق في إطار مبادئ أبدية علوية”[12]، ” و الكون الذي نراه في مخيلتنا و رغم أنه مرتبط بالحياة الخارجية هو في كل مرة خلق جديد هذا الخلق هو المحفز على الإبداع الذي يجعل الفنان في كل مرة يخلق شيء يختلف عن الحياة الخارجية    و هذا الإبداع يعززه أننا نعيش في عالم المايا Maya أي الوجود علـى سـطح الحياة بتخيلنا بما هو تحت هذه القشرة الرفيعة التي نعيش فوقها”[13]، “أو كما قال بودهاجوشا Buddhaghosha إن الفن ليس شيئاً خارجياً بل هو شيء روحي و معرفي لشكل و إبداعات و روح الحدس الداخلي و التعبير الموضوعي هو مجرد ترجمة عرضية لهذا الحدس الداخلي”[14] .

ج- الاحتفاء بالحياة و التعبير عن كيانات الخصوبة فالفن الهندي لم يصور الجسد الإنساني من أجل كونه جسداً عارياً و لكن لأنه في الفن الهندي تعبير عن كيانات الخصوبة “[15] .

د- مفهوم السمسارا Samsara و هو أن مخلوقات الحياة كلها توجد في دائرة من الميلاد ثم الزواج و الحياة فالوفاة في دائرة من التناسخ لا تكسر إلا بالفناء في براهما و الفن الهندوسي يحتفي احتفاء كبيراً بهذه الفكرة “[16]

  ومن هذه المنطلقات أبدع الفنان الشعبي و القبلي الهندوسي أعماله فعندما نأخذ الفن الفلكلوري أو القبلي الهندوسي لابد من الأخذ في الاعتبار أنه فن تنبع روحه من الفلسفة الهندوسية و أسلوب تحليلها و تعاملها مع الطبيعة بالإضافة لاحتوائه على العديد من المفردات الدينية و القيم الروحية و ذلك لما يلعبه الدين من دور حيوي في إشباع حاجة الفنان الشعبي و القبلي من تمثيل للطبيعة بطريقته الخاصة”[17].

” هذا و لابد لتغطية كل التراث الشعبي الهندي من التوجه جنوباً إلى كمبوديا و سيريلانكا و إندونيسيا و بخاصة جزيرة جاوة لأن شعوب هذه المناطق ساهمت في تطوير الفنون الهندوسية و إكسابها مرونة أكثر من خلال إبداعات فنانيها لإيجاد أشكال و أفكار تعبر عن حكمة الفلسفة الأم           ( الهندوسية ) بأساليب مبتكرة ، حيث تنطبق الصفات و الفروق السابقة على الفنون الشعبية والقبلية ذات الثقافة الهندوسية في هذه المناطق فلم يكتفي الفنانين في هذه المنطقة بممارسة الفن الهندوسي النابع من الفن الهندي بنفس الطريقة بل طوروه و عدلوه بحيث أبدعوا أشكال جديدة تعبر بشكل مباشر عن قلب و روح الحكمة الهندوسية”[18].

  ” فعلى سبيل المثال ازدهر الفن الهندوسي في جزيرة جاوة عقب انتقاله من منبعه الأصلي في الهند مع الغزو الهندي لهذه الجزيرة في عهد الجوبتا و البالا منذ ما يزيد عن الألفي عام ، فأصبحت ممارسة الفنون بأسلوبي البالا و الجوبتا تقليداً لدى سكان جاوة المحليين منذ تلك الفترة و لكن تم تطوير أساليب ممارسة هذه الفنون مع الحفاظ على المحتوى الفكري و المضمون الفلسفي الذي تمثله فهي تعبر عن الفكر الهندوسي و لكن مع اهتماماً أكثر بالتفاصيل و أقرب إلى التمثيل الواقعي و بقدر أكبر من النعومة             و الرقة”[19] ، ” و كما هو الحال في جاوة كذلك هو في أندونيسيا و كمبوديا فالعمل الفني هو خليط مذهل من الأشكال الواقعية و التخيلية فاللوحة الواحدة من الممكن أن تضم بورتريهات لشخوص حقيقية بنسب صحيحة    و أخرى للآلهة و مساعديها من الخيال مما يدعم الرؤية الفلسفية لعلاقة البشر بالآلهة في الهندوسية فالهندوسية من الفلسفات التي يمكن أن تكون مرئية أكثر منها مقروءة فهي تعتمد على الصور و الأشكال و الطقوس     و الحركات التي تربط الإنسان و تعزز علاقته الطبيعة و علاقته بالمشاعر الداخلية أكثر من النصوص المقروءة و ربما كان ذلك نابعاً من أن الحقيقة الديناميكية الجوهرية التي قامت عليها الهندوسية هي أن الكون قام على فكرة  البناء و الهدم ، وقوى البناء و قوى الهدم من وجهة نظر         هذه الفلسفة هما النعمتان المتنافرتان التي قامت عليهما الحركة في     الكون ، و الإنسان العادي يدور بين فكي رحى هاتان القوتان ، هذه الفكرة عبر عنها الفن الهندي وفن المناطق التي تتبع الثقافة الهندية روحياً بالجمع بين المتناقضات في العمل الفني الواحد”[20]، ” و يختلف الفن الهندوسي في بالي عنه في جاوة و كمبوديا في أنه أميل للأسلوب الزخرفي و المبالغات الكثيرة في الأشكال و خاصة في فني التصوير و النحت لأنهما استوحيا أشكالهما من فن النسيج و مسرح الظل و الفن البدائي للجزيرة مما جعل الأشكال تبدو أقرب شكلاً إلى الأقنعة فأغلب أشكال الأقنعة من بالي تبدو محرفة و ممسوخة Grotesqe لجوانب الآلهة المسيطرة على الوجود الإنساني مما يعكس صورة أكثر حيوية و تشويق أكثر من الرسوم الهندوسية العادية و خاصة من استلهمها لأشكال و مفردات من الديانة البدائية الأصبية للجزيرة مثل الأم الكونية “[21].

 

” و في وصفه للفنون الهندية التقليدية ( الفنون الشعبية و القبلية ) فإن الفيلسوف الهندي الشهير كابيلا فاتسيايان Vatsyayan ذكر أن العناصر المائية و الحيوانية و النباتية في البيئة هي التي تشكل الجوانب النفسية للإنسان الهندي عبر ال2000 سنة الأخيرة ، و هذه الجوانب أفرزت التصوير و النحت و الأدب و الموسيقى الهندية خلال هذه الفترة و هذه الجوانب سيطرت عليها بالدرجة الأولى العناصر الدينية الجمالية و هذا الرأي بأن هناك ربطاً مهماً بين الفنون الهندوسية لم يقتصر فقط        على فاتسيايان و إنما سبقه إليه فلاسفة هنود كثر “[22]، ” و ليس أدل      على ذلك من الأسطورة التي كانت تحكي على أن ملكاً من ملوك الهند     أراد أن يتعلم النحت فطلب من حكيم أن يعلمه كيف ينحت تمثالاً        للآلهة فأجابه بأن من لم يدرس أسس الرسم لا يقوى على أن يدرس    أسس النحت :

 فقال الملك : فعلمني إذاً أسس الرسم .

 فأجابه الحكيم : أنه ليس من اليسير الإلمام بأسس الرسم دون الإلمام بقوانين الرقص و من العسير استيعاب قوانين الرقص دون معرفة أسس الموسيقى و الآلات .

 فقال له الملك : إذاً فعلمني أسس الموسيقى و الآلات .

 فأجابه الحكيم : وهذه لا يمكن إدراكها دون تعلم موسيقى الأصوات البشرية

 فانحنى له الملك إجلالاً و قال إذا كان هذا شأن موسيقى الأصوات البشرية بوصفها الأساس الأول لكل الفنون فهل لك أن تعلمني أصولها ؟ “[23]

 ” فتكامل الفنون الهندية ينبع من أمرين أولهما أن الغرض الأساسي من كل هذه الفنون هو مساعدة الإنسان على التوحد مع الطبيعة و إيجاد نوع من الانسجام بين الشخص و بين البيئة التي تحيط مما يخلق شعوراً داخلياً بالبهجة و الصفاء الذهني و الثاني هو وحدة الإيقاع Rhythm  بين كل هذه الفنون”[24] ، ” هذا الإيقاع الذي ترجعه الفلسفة الهندوسية إلى الإيقاع الراقص الذي رقص به شيفا ناتراجا في رقصته التي نتج عنها إنشاء العالم و هذه الرقصة نفسها هي التي تمثل الإيقاع الذي ينظم حركة الكون أي أن إيقاع الفنون الهندية مستمد من الإيقاع الكوني نفسه “[25].

 ” ولعل هذه الرؤية الفلسفية هي التي جعلت من السهل على فناني مدرسة الكانجرا الكلاسيكية دمج الموسيقى و الغناء والرقص بالملحمة الأدبية      و الشعرية و فن التصوير فيما يعرف باسم الراجامالات Ragamalas وهي ملاحم شعرية تقرأ على أصوات ألحان موسيقية تتخللها رقصات معبرة جمعت في كتب صورت فيها المواقف الملحمية بأسلوب الكانجرا و هذه الملاحم عبارة عن قصص حب بين أميرات و أمراء وقد عيب عليها أن موسيقاها تبدو مرئية أكثر منها مسموعة مما يعكس عمق الارتباط بين التصوير و الموسيقى “[26]، ” حتى أن بعض النقاد رأى أنه بعزف الموسيقى الموجود إلى جوار الصورة فإن الشخص يدخل في الجو الذي يرغب الفنان أن يوصله إليه دون الحاجة إلى الرقص أو التمثيل أو الشعر حيث أن الفن الهندوسي هو فن التعبير بالدرجة الأولى و الغرض الأساسي من الراجمالات هو التعبير عن نفس الشعور من خلال فنون متعددة “[27].

  ” و لأن العمود الفقري للفلسفة الهندوسية هو الإيقاع كما هو الحال في الرقص فإنه لا يوجد أي نظام للتفكير الهندوسي الفلسفي دونه حيث اعتبر أنه لا يمكن التعرض لأي فن آخر من الفنون مثل التصوير أو العمارة ……….. كاملاً دون التعرض للرقص الشعبي الكلاسيكي فالرقص هو أوضح رؤية للأسلوب الهندوسي في الحياة على الأرض “[28]، ” وهو ما يتفق مع الفيزياء الحديثة في أن أشكال الطاقة تتحول من شكل إلى آخر بصورة لا متناهية و تنوع الأشكال التي تنفذها هذه الطاقة تجعلها تتحول من شكل لآخر لتذوب في بعضها البعض كما تتنوع أشكال الفنون و تتحول من شكل إلى آخر”[29]، ” و لعل أفضل دليل على ذلك رقصة المندالا بهيدا Mandala Bheda والتي ترقصها الراقصة في محور حول نفسها لتشكل شكل المندالا التي ترسم تصويرياً لتأمل و تركيز الطاقة للتوحد مع الطبيعة و تشكل هي نفسها شكل المذبح في المعبد الهندوسي لتشكل في النهاية كل هذه الأشياء شكل المربع البسيط الذي يرمز إلى الأرض ويعكس  الاختلاف في التعبير الشكلي من حيث التعبير بالخامات في التصوير و العمارة و حركة الجسد التي يعكسها الرقص بمفهوم واحد هو الحركة الديناميكية للكون حيث عبر عنها في المرة الأولى بديناميكية الخط المجردة و في المرة الثانية بحركة الجسم حول محوره و كلا الطريقتين تستخدم للتأمل و كلا الأسلوبين يعززان المفهوم الهندي للفراغ المرتكز على الفراغ الروحاني السيكولوجي الديناميكي للزمن الذي يجمد هذه اللحظة فيما دوناً عن غيرها “[30]، ” وعلى الرغم من ارتفاع مستوى الفنون الكلاسيكية و تميزها عن جذورها الشعبية إلا أنها لم تنفصل عنها قط إلى اليم فثمة حوار مثمر متبادل بين الأنماط القبلية و الشعبية من طرف و الفن الكلاسيكي من طرف آخر “[31].

 ” و كذلك العلاقة بين الفنون الشعبية و القبلية و الفن الحديث فتأثير هذه الفنون مازال يفلتر من خلال أعمال الفنانين الحضريين ففي عصرنا الحديث يوجد مجتمعات متطورة تصبـح أكثر اهتماماً و فضولاً اتجاه الفنـون القبلية و الشعبية و خاصة القبلية ذات الطبيعة الإثنية ( العرقية ) “[32]، و من الممكن تقسيم تأثير الفنين الشعبي و القبلي على الفن الهندي الحديث إلى عدة أنواع من التأثيرات هي :-

  1. 1.    أعمال لفنانين ينتمون إلى القبائل و الأرياف و لكنهم انتقلوا إلى المدن ذات المجتمعات المتحضرة .
  2. 2.  الأسلوب الآخر هو الرسامين الذين يستعملون موتيفات أو يستقون مواضيع مستوحاة من البيئات الريفية مثل الفنان مانجيت باوا Manjit Bawa و هذه اللوحات تتبع نفس الأسلوب في التسطيح و التلوين و الألوان البراقة ، و اعتماد على  المساحات اللونية و التجريد و التحريف .
  3. 3.  الأسلوب الثالث هو الفنانين الذين يستوحون روح الفن الفلكلوري   و القبلي و لكن يعبرون عنها بأسلوبهم الخاص و ذلك بدراسة الطقوس و الموتيفات و المفردات الرمزية و إعادة تحويرها        و تطويرها لتناسب أسلوبهم و موضوعاتهم .
  4. 4.  فنانين صوروا مناظر ريفية شعبية و احتفالات و طقوس عقائدية بأسلوبهم الخاص المستوحى من الرسوم الشعبية على الحوائط     و الأسطح مثل مقبول فيدا حسين  .

 ” ولعل اهم رواد إدخال مؤثرات الفن الشعبي و القبلي على الفن الحديث هما اثنان أولهما راجا رافي فيرما Raja Ravi Varma المؤسس الأول لما يعرف باسم الأسلوب القومي الهندي الذي يمارس حالياً في باكستان        و كشمير و الهند فهو أول فنان يستعمل تقنية الرسم بالزيت على توال في الصور الهندوسية ، ولتكوين ما يسمى بالأسلوب الهندي قام برحلات إلى كافة أرجاء شبه القارة الهندية بهدف توفيق القيم الحضارية للتراث مع الأساليب الأوروبية في نمط فني مميز”[33].

  ” و الثاني هو جاميني روي Jamini Roy الذي تأثر بنشأته في قرية بانكورا التي كانت تضم إحدى قبائل غرب البنغال و لذل تميزت أعماله بالأشكال البراقة و غنى الألوان و الخطوط الهندسية أو الخطوط المليئة بالانحناءات “[34].

  مصطلحات :-

 الهندوسية Hinduism :

” منظومة متكاملة من الفلسفة الدينية و الممارسات الثقافية نشأت و تمركزت في الهند حيث تقوم على الإيمان بالبعث بعد الموت و الإيمان بمخلوقات عليا ذات طبيعة و أشكال متعددة وتهدف إلى الإيمان بحقيقة ثابتة واحدة و التحرر من الشرور الأرضية”[36] .

هندو Hindu :

” تعريف حديث يتضمن المحتوى و الفلسفي و النصي للديانة الهندوسية و كذلك المنظومة الفلسفية و الثقافية للهند و جزيرة بالي و مناطق أخرى في إندونيسيا “[37]

فن الهندو Hindu Art :

” هو الفن النابع من الفلسفة الهندوسية و الذي يشتمل على النحت و التصوير و العمارة الهندوسية “[38].

قبلي Tribal :

“هي جماعة مجتمعية تضم سلسلة من العائلات أو السلالات Clans أو أجيال متعاقبة من عائلة واحدة ظلت طريقة حياتهم مرتبطة بشكل عميق مع ما ورثوه من أجدادهم من الأزمان الغابرة من عادات و تقاليد و فنونهم مرتبطة بالفنون البدائية لحد كبير دون تأثر يذكر بالحضارات الحديثة”[39].

 فلكلور Folk :

” تدل على مجتمع ريفي بسيطة بعيدة عن تعقيدات الحياة و ينبع فن هذا المجتمع من احتياجاته المعيشية ويعبر عن جوانب الأنشطة و الطقوس التي تشكل قوام الحياة في القرية و هو فن يتميز عن الفن الحضري بعفويته الشديدة و قربه من الطبيعة و أشكاله البسيطة و ألوانه البراقة “[40].

 الفن الشعبي :

” هو فن تشكله الموروثات و التراث المجتمعي في ثقافة ما لمجتمع معين . و يتم نقله عبر الأجيال حاملاً نفس المقومات و القيم الجمالية و الفلسفية . و هو الذوق مجسداًً في رموز و أشكال و الذي اتخذته ثقافة لها كهويتها الذاتية ، و حقوقها العالمية في منطقة جغرافية ما ، و لموروثات مجتمعية لها أصولها المتجانسة ، و هو لغة الحوار و الحياة في المجتمعات الفقيرة و البسيطة “[41] .


1– Dr Dinanath pathy -Tribal Art primitivism and modern relevance– Published by D.N.Rao – India 1991 – P43 .

2- سماء محمد يحي – القيم الجمالية و التعبيرية لفنون حضارات وسط أسيا كمدخل لإنتاج أعمال تصويرية معاصرة – رسالة  ماجستير – كلية التربية الفنية جامعة حلوان 2005م – ص26.

-[3]محمد عبد الرحمن صالح النملة – فلسفة الفن الإسلامي  و خصائصه  و واقعه بين الفنون المعاصرة – بحوث في التربية  الفنية و الفنون – جامعة حلوان – المجلد الثالث عشر – ديسمبر 2004م – ص195 .

2-Tribal Art primitivism and modern relevance – Ibid – P44

3- محمد حسني الأشقر – أدوار معلم التربية الفنية و مهام التعلم – بحوث في التربية الفنية  و الفنون – جامعة حلوان – المجلد  الثالث عشر – ديسمبر 2004م – ص 255 .

4- صامويل  هيننجتون – صدام الحضارات إعادة صنع النظام العالمي الجديد – ترجمة طلعت الشايب – كتاب سطور-  القاهرة 1998م  – الطبعة الثانية – ص 74 .

1- صامويل  هيننجتون – المرجع السابق – ص 75 .

1- Ananda K.Coomaraswamy –   Folk Art of India –India 1980 -P18

2 -www.atribteto-hindusim-hinduart

1- ول ديورانت – قصة الحضارة – ج1 نشأة الحضارة – الهيئة العامة للكتاب2001 م – ترجمة : زكي نجيب محمود محمد بدران– ص278

2- Surendra Nath Dasgupla -Fundamentals Of Indian Art – Published by Bharatiya Vidya Bhavan 1954 P4. [11]

 3- Kapila Vatsyayan- Art The Integral Vision- D.K.Printworld -New Delhi1994- P84.

 1- Fundamentals Of Indian Art – Ibid – P44.

2- ________________________  -Ibid – P93.

3- سماء محمد يحي – القيم الجمالية و التعبيرية لفنون حضارات وسط أسيا كمدخل لإنتاج أعمال تصويرية معاصرة – مرجع سابق – ص59 .

4- Fundamentals Of Indian Art – Ibid – P59.

[17]– Tribal Art primitivism and modern relevance – Ibid – P46 .

[18]-Heinrich Zimmer-The Art Of Indian Asia -Published by Bollingen Foundation -New York 1960-P 17 .

 _____________ –  Ibid – P135 .- [19]

The Art Of Indian Asia – Ibid – P145-146. -[20]

 ___________________ –  Ibid – P156-157 .-[21]

[22]– Utpal k. Banerjee – Indian Performing arts – Vikas Publishing house PVT LTD –               Delhi1992 – P 22.

2- ثروت عكاشة – الفن الهندي – دار الشروق- القاهرة – الطبعة الأولى 2005م – ص349

[24]– Jyoti Sahi – Indian spiritual art – Indian Institute of Advanced study –India 1989 – P59.

[25]– WWW.Hindu art.com

[26]– Kamal S.Srivastava- A survey of Indian Painting – Published by Sangeeta Prakashan – 1998 – P136.

[27]– A survey of Indian Painting – Ibid – P137.

1- Shanta Serbjeet Singh –  Indian Dance- Ravi Kumar Publisher – India 2000 – P1.

2- Indian Dance – Ibid – P10

 3 – ___________ – Ibid –P13-14.

4- ثروت عكاشة – الفن الهندي – مرجع سابق –  ص 355 ..

  Tribal Art Primitivism and modern relevance- Ibid –P42.-[32]

1- سماء محمد يحي – القيم الجمالية و التعبيرية لفنون حضارات وسط أسيا كمدخل لإنتاج أعمال تصويرية معاصرة – مرجع سابق – ص6

 www.ArtAcre.com-[34]

1-  يوسف خليفة غراب – نجوى حسين حجازي – جماليات الزخرفة الشعبية رؤية لتنمية التذوق و تربية الإحساس – دار   الفكر العربي – القاهرة 2003م – ص137

 WWW. Artlex on Hinduart.htm- [36]

WWW.Wikinedia.thefreeencyclopedia.htm   -[37]

Folk Art of  India – Ibid – P3 .256 -[38]

Tribal Art Primitivism and modern relevance- Ibid –P38. – [39]

 _______________________________________ – Ibid –P38 -[40]

3- جماليات الزخرفة الشعبية رؤية لتنمية التذوق و تربية الإحساس – مرجع سابق – ص44.

1- أيمن السمري – ” المفاهيم الفلسفية و الفنية للحضارات القديمة و ارتباطها بفنون ما بعد الحداثة كمدخل للاستلهام في التصوير” – دكتوراه غير منشورة – كلية التربية الفنية جامعة حلوان 2001م .

1- سماء محمد يحي السيد – ” القيم الجمالية و التعبيرية لفنون حضارات وسط آسيا كمدخل لإنتاج أعمال فنية معاصرة ” – رسالة ماجستير غير منشورة 2005م – كلية التربية الفنية – جامعة حلوان .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات