إرهاب أورومتشي

09:16 صباحًا الجمعة 2 مايو 2014
شينخوا

شينخوا

وكالة أنباء، بكين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بقلم غزوان بريك

مرة أخرى، يُطل الإرهاب بوجهه البشع في الصين، ويكشر عن أنيابه ليضرب المدنيين الآمنين دون شفقة أو رحمة.

ثلاثة قتلى وأكثر من 79 جريحا، كانت حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مساء الأربعاء الماضي منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم بشمال غربي الصين، ليتعالى صوت ناقوس الخطر بشكل أكبر هذه المرة، ويطلق تحذيراً للصينيين وللعالم أجمع، بأن مكافحة الإرهاب واستئصال جذوره ستكون عملية طويلة الأمد ، في وقت ربما يكون المحرضون بعيدين عن أرض الوطن.

لم يكد الصينيون يستفيقون من وقع صدمات الإرهاب الذي ضرب عدة مناطق في شينجيانغ ومدينة كونمينغ بالإضافة إلى بكين منذ النصف الثاني من العام الماضي، حتى تعرضوا لصدمة دموية جديدة أوقعت 3 أشخاص و79 جريحا في الهجوم العنيف الذي استهدف محطة السكك الحديد في مدينة أورومتشي، حاضرة منطقة شينجيانغ، وبينما ما زالت العشرات من أسر الضحايا والأمة الصينية بشكل عام تلملم جراحها، لتواصل ثقافة الحياة الآمنة ، ها هم يتعرضون مجددا للإرهاب الذي فتح جراحا جديدة، وأعاد إحياء ذكريات أليمة أخرى.

السيناريو القبيح المكرر، المتمثل باستهداف المدنيين بشكل إرهابي يتكرر بنفس الطريقة الوقحة البعيدة كل البعد عن أبسط مبادئ وقيم الإنسانية واحترام الذات البشرية، لكن الأكثر قبحاً هذه المرة كان في التصريحات الفاضحة التي أدلى بها المحرضون على هذه الجريمة الإنسانية ، والذين كشفوا عن وجوههم البشعة ونواياهم الخبيثة لضرب الاستقرار الذي ينعم الصينيون به، وخلق حالة من الإرهاب والفوضى والشعور بعدم الأمان لدى الناس، على أمل أن يتمكنوا من تحقيق أوهامهم.

زفاف قرب أورومتشي

لم تستطع الوجوه القبيحة الانتظار كثيراً، فبعد ساعات من وقوع الهجوم الإرهابي ، أطل ديلشات راكسيت المتحدث باسم ما يسمى “مجلس الويغور العالمي” الذي يتخذ من ألمانيا مقراً له، ليدلي بتصريحات تفوح منها رائحة الخيانة والتآمر على أبناء أمته قائلاً بدم بارد :” إن مثل الحوادث من الممكن أن تتكرر مرة أخرى وفي أي وقت”، فهل هناك فُجر أكبر من المجاهرة علنا بالوقوف وراء هذه الجريمة الإرهابية النكراء، وجرائم سابقة بطبيعة الحال، ودون أن يكلف نفسه عناء التعتيم على الدماء التي سفكها؟ .

“الفتنة أشد من القتل”، وإن كل من يدعو لقتل الناس أو يهدد أو يحرض على القتل هو في حقيقة الأمر “القاتل الحقيقي”، لأنه يستخدم أدوات ووسائل جبانة لتحقيق أهدافه الدنيئة، فيما يبقى مختبئاً كالجرذ في مكان بعيد.

إن الحد الأدنى بين العنف والبراءة لا يمكن أن يكون أوضح من ذلك، حتى إن عين الأطفال لن تخطئ الحكم والتفريق بينهما، إن خلط الإرهاب مع البراءة هو أكبر أنواع التواطؤ والتآمر.

إن من واجب الحكومة أن تحمي الشعب ضد الإرهاب ، وعليها أن تضرب بيد من حديد ونار كل معقل من معاقل الإرهاب ، وإن كل من يرتكب أي فعل إرهابي مهما يكن، يجب أن يعاقب وفقا للقانون وبغض النظر عن منصبه أو خلفيته.

“الإرهاب لا دين ولا وطن له” لأن الإرهاب بأي شكل، وبأي عذر، ولأي غرض ، ومن قبل أي كان، هو فعل تجب إدانته وضربه دون أي تردد بدلا من التسامح أو حتى التحريض، فالمنطق والفطرة الإنسانية يعتبران أي عنف يستهدف المدنيين جريمة ضد الإنسانية ، وأمرا يجب مقاومته ومعاقبته دون أي تهاون.

لقد حاول ديلشات راكسيت ذر الرماد في عيون الناس، قبل أن تصدر نتائج التحقيقات التي تقوم بها الشرطة، وادعى بكل وقاحة القلق حول وضع شعب الويغور في منطقة شينجيانغ بعد الهجوم الإرهابي ، لكن ذلك جعله يبدو أكثر عنصرية ممن يحاول زرع الشقاق بين المجموعات العرقية، ويفتري على أبناء مجموعة عرقية معينة يدعي بأنه يمثلها.

لقد خاضت الأمة الصينية وعايشت كوارث أصعب مما تشهده اليوم بكثير، لكنها لم تستلم ولم تنحن يوماً، بل نهضت من تحت الركام، وسطرت تاريخاً ومجداً جديدا ألقى بظلاله على العالم، ومما لاشك فيه أبداً، أنها لن تنكسر أمام هذه المحاولات الخبيثة مهما استمرت.

لكن جرائم الإرهاب التي تضرب الصينيين دون تمييز، تستوجب جهودا أكبر لتجفيف منابع الإرهاب في العالم كله، وليس في بلد دون آخر، لأن محاربة الإرهاب بشكل جماعي ، مهمة دولية وإنسانية بالدرجة الأولى ، تستوجب إرادة دولية صادقة وجهودا حثيثة للقضاء على كل أشكال الإرهاب ، أينما وجدت، بدلا من استخدام الوجه القبيح للإرهاب لضرب استقرار الدول، ومحاولة التأثير عليها لتحقيق أهداف شخصية أنانية ومصالح ضيقة.

التاريخ لا يكذب أبدا، ولا ينفك يؤكد ويقول : ” إن السحر دائماً ما ينقلب على الساحر”.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات