سباق التسلّح في آسيا

11:10 صباحًا الجمعة 9 مايو 2014
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

منطقة شرق آسيا أو ما يُعرف بحوض الباسيفيكي يقطنها أكثر من نصف سكان العالم ، وفيها ثاني وثالث اقتصاد في العالم ( الصين واليابان على التوالي ) وبها تكتلات اقتصادية إقليمية ( مجموعة دول جنوب شرق آسيا : الآسيان تأسست عام 1967 ) ودولية ( مجموعة الدول المطلة على المحيط الهادئ : ابيك تأسست عام 1989 ) وفيها ملفات خطرة مفتوحة منذ عقود ( نهاية الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية ) مثل قضية تايوان والصين ، تصفية ملف الحرب العالمية الثانية بين كل من الصين وكوريا الجنوبية من جهة واليابان من جهة ثانية ، قضية تقسيم كوريا والصراع بين الكوريتين ، والتوترات الدبلوماسية بين الهند وباكستان .

الصين، غواصة عسكرية

في عام 2012 وللمرة الأولى في العصر الحديث انفقت الدول الأسيوية على الدفاع أكثر مما أنفقته الدول الأوربية فمن الهند إلى كوريا الجنوبية ومن فيتنام إلى ماليزيا تكثف الحكومات في المنطقة الإنفاق الدفاعي حتى اليابان المسالمة التي قامت لسنوات بخفض النفقات الدفاعية بدأت في الآونة الأخيرة المسير عكس هذا الإتجاه .

وهناك العديد من العوامل التي تدفع سباق التسلّح في آسيا أهمها القوة المُتنامية للصين التي تقود دولاً مثل الهند وفيتنام والفلبين إلى التفكير بجدية أكبر حول الدفاع .

أحد أكثر الزيادات اللافتة للإنتباه في هذا النشاط حدثت في الهند التي أصبحت في العام الماضي أكبر الجهات الأجنبية المشترية للسلاح الأمريكي واتفقت الهند مؤخراً مع فرنسا على صفقة لشراء مقاتلات ” رافال ” تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار .

وفي ماليزيا تضاعف الإنفاق على الدفاع منذ عام 2000 كما تُعتبر سنغافورة من بين أكبر عشرة مستوردين للسلاح في العالم مع أنها أصغر دولة في جنوب شرق آسيا إلا أن لديها أكبر قوة جوية .

بعد تفكك الإتحاد السوفيتي عام 1990 وانهيار العالم المتعدد الأقطاب ، وتحكّم الولايات المتحدة بمصائر دول العالم ولعبها دور الشرطي الدولي مستخدمة فائض قوتها العسكرية وتفوقها التكنولوجي كان لابد من ظهور قوة آتية من شرق آسيا لتهدد عرش واشنطن بل وتشكّل تهديداً جدياً عليها ألا وهي الصين ، فالطفرة التي شهدتها جمهورية الصين الشعبية في المجالات كافة وفي مقدمتها الإقتصاد وازاحتها بجارتها وغريمتها اليابان عن مركز ثاني أفضل اقتصاد في العالم أذهلت العالم وأثارت قلقه ، ولكن ما يقض مضاجع واشنطن فضلاً عن الإقتصاد هو التسلح الصيني والتطور الذي يطرأ على القدرات العسكرية الصينية ويبدو أن ” التنين الصيني ” قادم بقوة لاحتلال مراتب متقدمة في المنظومة العسكرية العالمية ، وتمتلك الصين حاملات الطائرات وطائرات الشبح الصيني كما أنها تسعى لتحويل بحريتها إلى قوة عالمية بحلول أواسط القرن الحالي .

نجاح الهند في صواريخها يلقي تبعات إضافية على سباق التسلح النووي

وكانت الهند قد اختبرت بنجاح صاروخاً من نوع أرض- أرض قادر على حمل طن من المتفجرات النووية وتقول مصادر هندية أن سرعته تفوق سرعة الصوت بنحو ست أو سبع مرات ، ولا شك أن نجاح الهند في إطلاق هذا الصاروخ سيلقي بتبعات إضافية على سباق التسلح النووي والصاروخي الثلاثي القائم في جنوب آسيا والذي يشمل الصين والهند وباكستان إذ تسعى الهند لتطوير قدراتها التسليحية غير التقليدية للحاق بالصين التي تحاول هي الأخرى اللحاق بالولايات المتحدة بينما تعمل باكستان بكل دأب لإحداث التوازن مع الهند .

كما أن روسيا أبدت رغبتها بإثارة الإهتمام بالأسلحة الروسية في بلدان جنوب آسيا فالتعاون الروسي الهندي في مجال التقنيات العسكرية لم يعد يُدهش أحداً اليوم ولكن صفقة السلاح بين موسكو وبنجلاديش أثارت اهتماماً كبيراً ، وهناك دول أخرى في آسيا ترغب في الحصول على الأسلحة الروسية ولكنها لم تستطع ذلك بعد لأسباب اقتصادية أو جيوسياسية .

وترى الكثير من الدول الأسيوية نموذج الصين والهند وباكستان وتطويرهم وانفاقهم على الأسلحة نموذجاً يحتذى وهذا يزيد السباق في التسلح بشكل واضح .

ومن المخاوف الواضحة بشأن حدوث سباق تسلح متزايد السرعة وبخاصة في البلدان الفقيرة مثل الهند وفيتنام والصين حيث لا يزال هناك مئات الملايين من الفقراء ويجري تبديد الأموال العامة على المشتريات العسكرية الباهظة التكلفة مع عدم وجود أية قيمة اجتماعية لها بالنسبة لهؤلاء الفقراء .

ويهدف سباق التسلح في العالم إلى ضمان الأمن القومي واستغلال الثروات والتطور التكنولوجي في مجال الأسلحة ، ولكن بماذا ينعكس هذا السباق المحموم على الحروب القادمة في العالم..؟

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات