تونس: مجزرة جديدة مروعة في الشعانبي

06:36 مساءً الخميس 17 يوليو 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

يبدو أن الجماعات الإرهابية أبت إلا أن تحول الشهر الكريم إلى شهر القتل و الترويع و الإرهاب فقد أصبح التوقيت المفضل لعمليات جماعات الإسلام السياسي الإرهابية هو شهر رمضان الفضيل في مزيد من التشويه للإسلام بعدم مراعاة حرمة الشهر و قدسيته و هو ما دأبت عليه تلك الجماعات في بلدان ما يسمى ” بالربيع العربي ” منذ إندلاع ذلك الربيع المزعوم ..

– مع قرب موعد آذان المغرب و تناول طعام الإفطار قامت مجموعتان إرهابيتان بشن هجومين متزامنين على موقعين للجيش التونسي بإحدى المناطق العسكرية المغلقة بمنطقة ” جبل الشعانبي ” بولاية “القصرين “.. حيث أسفر الهجوم عن أربعة عشر شهيدا و ثلاثة و عشرون جريحا و مفقود واحد ؛ و قد تم نقل سبعة من الجرحى إلى المستشفيات منهم ثلاثة في حالة حرجة .. هذا و قد ذكرت بعض المصادر أن عدد الضحايا و الجرحى مرشح للزيادة حيث أن هناك بعض الإشتباكات المستمرة مع العناصر الإرهابية بحيث لم يتم التمكن من إجلاء كافة الضحايا و المصابين بسبب تعذر الوصول إليهم ..

و قد ذكر متحدث عسكري أن خمسة من شهداء الجيش الوطني التونسي قضوا نحبهم برصاص الجماعتان الإرهابيتان اللتان قامتا بشن الهجوم فيما لقي التسعة الآخرون مصرعهم حرقا داخل خيمتهم حيث كانوا يستعدون لتناول طعام الإفطار فباغتتهم قذائف الأر بي جي الصاروخية و القنابل اليدوية للمعتدين ..

رقيب أول زكي السعيداني أحد شهداء الجيش التونسي أمس

و يعيد ذلك الهجوم للأذهان هجوم مماثل وقع في شهر رمضان من العام الماضي في ذات المنطقة و أسفر عن مصرع تسعة جنود من الجيش الوطني التونسي و هو ما أشعل الغضب الشعبي بسبب تكرار السيناريو الإجرامي فضلا عن شعور قطاع كبير من التونسيين بما يمكن وصفه بالإنتهازية السياسية للأحزاب و المسئولين خاصة و أن القانون الخاص بمكافحة الإرهاب لم يصدر رغم أهميته و حساسية الوضع في الوقت الذي صدر فيه القانون الخاص بمكافأة الشكر لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي بصورة عاجلة ..

جدير بالذكر أن المصادر العسكرية ذكرت أن هناك إحتمال كبير أن يكون قد شارك في تلك العملية الإرهابية عناصر إرهابية أجنبية إلى جانب العناصر الإرهابية التونسية و رجح أن يكونوا من الجزائر ؛ و قد أعلنت جماعة تطلق على نفسها ” كتائب عقبة بن نافع ” تنتمي لجماعة أنصار الشريعة مسئوليتها عن العملية الإرهابية ..

– و لم يغفل المراقبون إحتمالا يقترب من اليقين أن الجماعات الإرهابية التكفيرية تنسق فيما بينها عن طريق جهة بعينها حيث وقعت عمليات مماثلة في شهررمضان في الأعوام الماضية في مصر و بلدان ما يسمى بالربيع العربي ..

صورة الإرهابي الوحيد الذي قتل في هجوم أمس

_ و قد ذكر وزير الخارجية التونسي في تصريح له صباح اليوم أنه تم الإتفاق على تعاون إستخباراتي بين تونس و مصر و الجزائر خلال إنعقاد إجتماع دول الجوار الليبي حيث تعاني تلك البلدان من نفس المخاطر الإرهابية ..

– على صعيد آخر أعلنت الحكومة التونسية تكوين خلية أزمة إعلامية بعد تضارب التقارير الإعلامية بصورة كبيرة بعد وقوع العملية الإرهابية أمس مما تسبب في بلبلة كبيرة في الأوساط الشعبية ؛ و رغم ذلك الإعلان إلا أنه فيما يبدو هناك خلل ما حيث فوجئ المستمعين للإذاعة الوطنية التونسية في فترة ما بعد منتصف النهار في برنامج ” عين على حدث ” بمحلل و صحفي يتحدث حول العملية الإرهابية أمس مستخدما مصطلح ” الجهاد ” و ” الجماعات الجهادية ” و هو ما يشي بخلل كبير على المستوى الإعلامي قد يصل إلى ما هو أبعد من ذلك من تفسيرات ..

– و قد إنتقد المراقبون عدم إنتباه رجال السياسة في تونس للتحذيرات التي أطلقها الرئيس المصري ” عبد الفتاح السيسي ” حول تصاعد خطر الإرهاب في المنطقة بصورة بالغة الخطورة مما يحتم إتخاذ الإحتياطات اللازمة ؛ و في ذات الصدد لا يمكن تجاهل التصريح الخطير للرئيس السوري ” بشار الأسد ” و الذي أكد فيه ” أن من تدخلوا في سورية و صدروا إليها الإرهاب سوف يدفعون الثمن ” و هو تصريح يرجح أنه بني على معلومات إستخبارتية حيث لا يمكن إغفال العدد الكبير من الشباب و المراهقين التونسيين الذي تورطوا في العمليات المسلحة الدائرة على الأراضي السورية و هو ما يشكل خطرا مستقبليا داهما على الأمن القومي التونسي الذي يشهد تهديدا مخيفا خاصة أن الجماعات الإرهابية التي تتحرك في الأراضي التونسية تقوم بعمليات تمويه في إحدى المناطق لتشتيت إنتباه أجهزة الدولة ثم تضرب في منطقة أخرى مما يشي بتطور نوعي و تنسيق بين جماعات الإرهاب العاملة في تونس و هي غير منفصلة عن جماعات تمتد عبر رقعة جغرافية واسعة من اليمن شرقا و حتى مالي غربا و هو ما يجعل تونس في قلب آتون الإرهاب و هو ما أظنه غائبا عن الساسة الذين لا تشغلهم إلا الإنتخابات و حصتهم من كعكتها ..

– و الخاتمة و بالمناسبة هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها أهمها .. هل لتحركات ما يسمى بتنظيم داعش علاقة بما يحدث في المنطقة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ؟ ؛ و هل كان العدوان الصهيوني على غزة إثر تصعيد ” حركة حماس ” فجأة في هذا التوقيت مصادفة ؟! .. قنابل الدخان كثيرة و التنسيق بين الكيان الصهيوني و ” أعدقائه ” لا يمكن إغفاله إلا عند من فقد عقله ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات