مأساة المصريين في ليبيا .. السيسي لازم يبين كرامة

12:30 مساءً السبت 2 أغسطس 2014
خالد سليمان

خالد سليمان

كاتب وناقد، ،مراسل صحفي، (آجا)، تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

” آفة حارتنا النسيان ” .. عاودها مرارا و تكرارا عمنا العظيم ” نجيب محفوظ ” في رائعته الخالدة أولاد حارتنا لكي نتخلص من هذه الآفة اللعينة التي ربما قدمت إلينا مع دخول العرب إلى مصر و الدليل على ذلك أنها أصبحت آفة كل الشعوب التي عربت .. و بناء عليه فأول طريق الشفاء منها هو أن نضع نصب أعيننا أننا مصريون قبل أي تصنيف آخر عرقي أو ديني .. ؛ بدأنا مصريين منحنا العالم فجر الضمير فعرف العالم الحضارة و العمران و الأديان .. لا نتبرأ من إنتمائنا الديني أو العربي لكننا نتذكر و نذكر أننا كنا مصريين أولا

نجيب محفوظ على باب حارته، بريشة الفنان صلاح عناني

الدم يقطر ما بين الوديان

لابد أن نتذكر أن أبناءنا العالقين على الحدود الليبية التونسية يعيشون مأساة حقيقية في منطقة مقفرة جرداء من الصحراء الليبية بلا طعام أو ماء أو دواء تحت رحمة ميليشيات إرهابية تمثل دور الدولة الليبية ؛ لابد أن نتذكر أن هذه الميليشيات قد قتلت و جرحت عدد من أبنائنا مازالت أعدادهم لم تحدد بدقة .. و لابد أن نقتص لهم و أن يقدم من فعلواللمحاكمة أمام المحاكم الدولية لإرتكابهم جرائم ضد الإنسانية .. ؛ كما لابد من تذكير كل من يساند هؤلاء الأوغاد القتلة الإرهابيين أن ليبيا بالكامل مازلت تخضع لإجراءات الفصل السابع لمجلس الأمن و هو ما يتيح إستخدام القوة المباشرة بقرار أممي .. ؛ و قبل كل ذلك و بعده لا بد من أن نتذكر أننا ساندنا الرئيس ” عبد الفتاح السيسي ” و وثقنا به و فوضناه .. و نذكره بأنه عليه التحرك علنا بشكل قوي ورادع لإنقاذ أبناءنالأنه المسئول الأول عن سلامتهم و أمنهم و لقمة عيشهم ..

المطرب الشعبي التونس المبيد اسماعيل الحطاب

أما أن نترك دم أبنائنا ” يقطر ما بين الوديان ” كما تقول كلمات الأغنية التونسية التي إشتهر بها الراحل الكبير المطرب الشعبي ” إسماعيل الحطاب ” فهذا ما لا يمكننا قبوله أو نسيانه يا سيادة الرئيس .. و كأنني أشاهد شريطا سينمائيا لأبناء وطني ” الغلابة ” الذين طحنتهم الحياة و أجبرتهم الظروف على السعي وراء لقمة العيش خارج الوطن ليذبحهم ضباع الإرهاب و يلقون حتفهم غرباء جوعى عطشى مهانون تتخطفهم عصابات قطاع الطرق من أعراب الصحراء .. كأني أرى دمائكم المراقة تسيل قطرة تلو الأخرى حتى تتجمع شلالا هادرا يجتاح ما بين الوديان في بلاد الغربة و كأن ” إسماعيل الحطاب ” كان يشاهد حتفهم و يشعر بألمهم لينعيهم بصوته الرائع المبحوح الذي يسري في أحشاء الروح كسيف ماض ينكأ الجروح العميقة مستحثنا على الثأر .

“لسماع أغنية ما بين الوديان يرجى الضغط هنا اسماعيل الحطاب، أغنية ما بين الوديان

لكن تكون “آفة حارتنا النسيان” و لن نترك جرذان الإرهاب أحفاد حي ” الجرابيع ” يستبيحون دماء أبنائنا دون أن ندرك ثاراتهم .. ؛ ما أعظمك و أروعك أيها العم ” نجيب محفوظ ” حين حدثتنا مبكرا مستشرفا عن ” حي الجرابيع ” و كأنك كنت تحذرنا من أبنائهم الجرذان و سعيهم في خراب الأرض و الحضارة أولئك الأجلاف أنى يؤفكون ..

و لا يزايد علينا أحد و يتحدث عن إهانة شعوب أخرى فنحن لا نتحدث و لا نعني سوى قبيلة الإرهاب و أبنائها في أربعة أركان الأرض مثل الإخوان وتنظيمهم الدولي و القاعدة و من لف لفهم منذ بدء الخليقة مرورا “بالحشاشين و زعيمهم حسن الصباح ” و حتى يوم الناس هذا .. كانت و ستظل مصر حضارة ” فجر الضمير ” و يبقى الإرهابيون ” حي الجرابيع ” أجداد الجرذان إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ..

 شكر مستحق للخضراء

يقول المثل العربي ” جاد الفقير بما عنده ” .. و تونس الخضراء ليست فقيرة لكنها غنية بتاريخها و عراقتها و كريم محتد أهلها رغم الأزمات التي تعنيها في أعقاب ثورتها و هي تتشابه مع الأزمات التي تعانيها مصر إلى حد التطابق .. في الإقتصاد و الأمن و تهديدات الإرهاب إلخ ؛ و قد قدمت تونس العون للعالقين المصريين جهدها و إستطاعتها على كافة المستويات من قبل الحكومة و الشعب و منظمات الإغاثة و المجتمع المدني التي تحاول بذل المساعي مع الجانب الليبي لتوصيل بعض الأطعمة و المياه للمصريين العالقين رغم أنهم موجودون بالفعل على التراب الليبي و خارج التراب التونسي ؛ و نظرا لضخامة أعداد النازحين و عدم إستطاعة تونس السماح لهم بالدخول جميعا في وقت واحد فهي تسمح لهم بالدخول على دفعات بما يتناسب مع إمكانات الدولة التونسية و تنسق في ذلك مع القنصل المصري في طرابلس و الموجود حاليا على الأراضي التونسية و كذلك مع السفارة المصرية في تونس .. مع الأخذ في الإعتبار أن للمصرين ” كوته ” في العدد الذي سيتم السماح له بدخول الأراضي التونسية حيث أن هناك جنسيات أخرى عالقة في معبري ” رأس جدير ” و ” ذهيبة ” منهم نازحون ليبيون و لابد من أن يكون لهم نصيب أيضا في أعداد الداخلين إلى تونس ..

– في كافة الأحوال الجهد التونسي ” حكومة و شعبا ” مشكور و الجميل محفوظ و قد قاموا بالواجب من قبل مع المصريين في 2011 و لم يقصروا ؛ علاوة على مناشدة بعض المسئولين الحكوميين في تونس و من منظمات المجتمع المدني هناك للسلطات المصرية توفير باخرتين أو ثلاث من التي تتسع إلى أربعة أو خمسة آلاف فرد ليتم إجلاء العالقين المصريين على دفعتين أو ثلاثة عبر ميناء ” جرجيس ” التونسي و الذي يبعد عن الحدود الليبية 70 كم فقط بعد التنسيق بين الحكومتين المصرية و التونسية في التفاصيل الإجرائية و هو إقتراح تونسي كريم و ممتاز خاصة إذا علمنا أن المسافة إلى الإسكندرية لن تستغرق أكثر من يوم و نصف بحرا ..

– ولابد من التنويه أن تعاطف الغالبية العظمى من الشعب التونسي الشقيق مع أشقائه المصريين العالقين كان صادقا إلى درجة الهجوم على المسئولين لبذل جهد أكبر مع المصريين العالقين و عبثا حاول المسئولون إقناعهم بأن إمكانات الدولة محدودة في هذه المرحلة الحرجة خاصة و أن تونس تواجه خطر الإرهاب و الجماعات التكفيرية القادمة من ليبيا و بناء عليه لا يمكن فتح المعابر على مصراعيها دون ضوابط صارمة .. ؛ و لعل الأمر الإيجابي في هذه الأزمة هو أنها ساهمت في تفهم الأشقاء الموقف المصري في ضبط معبر رفح و التي إستغلها التنظيم الدولي للإخوان و المتطرفون لإيهام الرأي العام  كذبا و بهتانا أن مصر تغلق المعابر تماما مع غزة ..

و في نهاية الأمر فتح الحدود و غلقها في أي مكان على ظهر الكوكب هو إجراء سيادي لكل بلد لا يحق لغير مواطنيها الإعتراض عليه ..

المصريون الهاربون من الجحيم الليبي على الحدود التونسية

– و مثلما نتذكر بكل المودة و العرفان موقف الغالبية الكاسحة من الشعب التونسي و الحكومة التونسية الداعم لمصر و أبنائها العالقين على الحدود الليبية التونسية .. ؛ فأننا لن ننسى المواقف العدائية لقناة ” حنبعل ” الخاصة من مصر و شعبها .. حيث دأبت تلك القناة على تمرير خطاب تيار بعينه معروف بالعداء لمصر و ثورة شعبها في 30 يونيو ضاربة عرض الحائط بإرادة شعبها ؛ و قد سبق لها أن بثت منذ أسابيع خطبة جمعة هاجم إمامها الجيش المصري و قيادته هجوما حقيرا و بمنتهى الصفاقة و تحدث عن طاغية إلخ .. و هو ما يدفعنا للتساؤل عن الصمت المريب للسفارة المصرية في تونس و هياكلها مثلما يحثنا على إنتقاد الإهمال الجسيم و الصمت المتواطئ لإدارة النايل سات التي لم تتخذ إجراء مع عدة قنوات “خاصة” تونسية و فلسطينية و قناة مثل ” المستقلة ” و المرتبطة بتيار معروف و توجهات بعينها يمليها التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان كما فعلت مع بعض القنوات العراقية .. رغم أن تلك القنوات دائمة الهجوم و التحريض على مصر و قيادتها و إرادة شعبها ..

– كما لن ننسى أبدا مافعلته تلك القناة ” حنبعل ” عندما بثت يوم 31 يوليو برنامجا بعنوان ” يحدث في ليبيا ” و أعادته عدة مرات يوم 1 أغسطس إستضافت فيه ليبي فاشي متطرف وصفته المذيعة المتواطئة بالمفكر و المحلل إلخ يدعى فيما أذكر ” محمد عمر” الذي شن هجوما غاية في السفالة و الحقارة على العالقين المصريين على الحدود الليبية التونسية و على مصر و قيادتها .. ويكفي أن أسوق لكم جملة وردت على لسانه نصا ” ياخدوا المصريين بتوعهم و يرموهم في الجحيم في جحيم القاهرة أو الإسكندرية ” هكذا تحدث الإرهابي القادم من اللادولة .. كان هذا هو حديث أمير الحرب القذرة التي دمرت ليبيا وقطعت أوصالها و ستقسمها .. كان هذا هو حديث الميليشاوي القادم من ” بنغازي ” إلى تونس ليهدد الجميع و يتطاول على مصر وشعبها عبر قناة “سرية ” تبث من تونس  يقال أنها مملوكة لسعودي من أصل فلسطيني .. أيا كان و قد لفتنا نظر المسئولين في السفارة المصرية في تونس غير ذات مرة إلى ممارسات شبيهة ومنذ أمد طويل و مؤخرا إلى ذلك البرنامج تحديدا لكن يبدو أن الحكومة الرشيدة و الخارجية لها رأي آخر ملخصه أنه طالما أن أحدا في مصر لا يعرف فليس مهما كرامة أو مشاعر القلة التي تعرف ..

– أيضا لا يمكن أبد أن تطالنا آفة النسيان و ننسى ما قاله في نفس الحلقة على نفس القناة إعلامي تونسي و صفته المذيعة بالمحلل يدعى ” كمال بن يونس ” الذي رفض بشكل قاطع دخول أي مصري إلى تونس بطريقة توحي بأن المصريين يحملون وباء ما أو إرهابيين مثل الذين صدرهم وكلاء الجماعات الإرهابية إلى سوريا و العراق و الجزائر من أجل تخريبها و تدميرها باسم الجهاد .. ثم أضاف السيد ” بن يونس ” نصا ” هؤلاء ليسوا مسئولية الحكومة التونسية .. بلادهم تجيبلهم بواخر أو أي وسيلة و ينقلوهم من ليبيا ” ؛ و بطبيعة الحال من حق السيد ” بن يونس ” أن يرفض دخول المصريين إلى بلاده و أن يطالب حكومته بذلك رغم أنه ليس صاحب قرار ولا أظن أن أحدا سيستمع إليه و من حقنا أيضا أن لا ننسى موقفه إلى يوم الدين .. لكن ليس من حق هذا ” البن يونس ” و لا كائنا من كان على وجه الأرض كبر أم صغر أن يملي على مصر ماذا تفعل أو حتى مجرد الإشارة إلى ذلك خاصة و أن ” نظام الإنقلاب في مصر ” كما يصفه دائما في وسائل الإعلام الرسمية و غير الرسمية من وجهة نظره ” غير شرعي ” فلماذا يخاطبه ؟أليس كذلك ؟ .. اللهم إن كان يعني بالمصريين الشعب الذي لا يقبل مثل هذا الأسلوب من الخطاب و يجيد رد التحية بأفضل منها يقينا .. خاصة و أنه شعب قديم يجيد قراءة تاريخ البشر و تقلباته جيدا و يتقن الإنتصار حتى في لغة العنف التي يستخدمها البعض مع زملائهم ؛ و لابد من أن نقر حق ” كمال بن يونس ” أيضا في أن يصف تلك الدولة الفاشلة التي كان يزورها منذ أسابيع أو شهور كما قال بأنها واحة آمنة ؟! ” رؤيته و هو حر” .. و للمشاهدين أن يروا ذلك واقعا أو تدليسا

– كانت ” آفة حارتنا النسيان ” يا عمنا و تاج رأسنا ” نجيب محفوظ ” لكننا برئنا عندما تذكرنا ” رادوبيس ” و عرفنا أننا مصريين قبل العقائد و الأعراق التي دخلت في نسيجنا لكي تنهل من ” فجر الضمير ” و الحضارة التي صنعتها مصر ..

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات