المقاومة بالمعنى

06:47 مساءً الثلاثاء 17 مايو 2016
نجوى الزهار

نجوى الزهار

كاتبة من الأردن، ناشطة في العمل التطوعي

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
مركز الحسين للسرطان

مركز الحسين للسرطان

النقطة الأولى
عندما بدأت بالتفكير في مشواري مع مركز الحسين للسرطان ، ما استطعت أن أجد تعبيرا مناسبا يصف ما نقوم به ، ولا أقول ” أقوم به ” على انفراد . فعندما نذكر كلمة عمل تطوعي عناية رعاية مساعدة ، أخشى ما أخشاه أن يكون الانطباع بأنه هنالك طرفين :
طرف يأخذ
وطرف يعطي
وهذا بعيد كل البعد عن نكهة مشوارنا . إنني أؤمن وأدافع عن إيماني بأننا جميعا في أعماق الأعماق لدينا الرغبة والدافع القوي للتواصل ولتقديم المساعدة والرعاية والعطف والحنان . إننا محكومون بتلك الغاية ، سواء أكنا على درجة عالية من الوعي لذلك أم لا .
من منا لم يصادف حادثا ما ، ولم يشاهد كيف الناس يهرعون بكل طاقاتهم وعواطفهم للمساعدة والعون .
نحن دائرة من العطاء ، سواء كانت عبر ابتسامة نزرعها أم حديث نسمعه ونستمع إليه . إننا نتواصل وهذا هو السبب الحقيقي والأجمل لوجودنا . نتلقى ا لمساعدة ونساعد في الوقت نفسه ، ولكن
هذه ال لكن لها عدة مستويات وأبعاد لا مجال لذكرها لأنها استطاعت في أغلب الأحيان بأن تبعدنا عن جوهرنا الحقيقي بأننا كائنات محبة مرحة مساعدة .

النقطة الثانية
أود أن أشرح كيف كانت حياتي مع مركز الحسين للسرطان . أنا لا أنكر أني تعرفت على المكان عبر رحلة صديقتي سلام مع المرض ، والتي غادرت أيضا بسلام واطمئنان . هذه البداية أخذت طريقا آخر ومسارا أبعد وفهما أعمق .
فلقد عشت حياتي مجددا بإحساس جميل وبمذاق آخر ، فمنذ اللحظة الأولى التي جمعتني مع هؤلاء السيدات والأطفال والرجال عبر جلسة المقاومة بالضحك ، رأيت وشعرت تلك الجسور غير المرئية التي تجمعنا وتربطنا . فكانت نسائم الثقة تملأ المكان . هذه النظرات ما بين العيون وهذه الثقة هي التي أعادت الثقة لعوالمي . وأن هذا الطريق قد فتح لنا الأبواب لكي ندخلها . كانت الثقة وهي من أهم الكنوز الأخلاقية فتقاسمناها ، وتشاركنا في أعباء المرض فاستطعنا تكوين مسبحة ، مسبحة ذات أحجار جميلة متلونة براقة من كل سيدة وطفل . كان القرار لأرواحنا هو أننا لسنا أسرى المرض ولسنا أسرى ظروفنا . فكان أن كان لنا الطريق والهدف بآن واحد وهو أن نبني الأمل . ليس الأمل بمفهومه الضيق تحقيق الأماني ، وإنما الأمل الذي يعزز إنسانيتنا ، وان الفرح والسكينة الكامنة في جذورنا هما أصل طبيعتنا .

image
النقطة الثالثة
إن النقطة الجوهرية التي استندنا عليها في مشوارنا أن هنالك فرقا جوهريا بين عملية التداوي وعملية الشفاء .
فالتداوي يعالج المرض بحد ذاته ، أما الشفاء فانه يدخل في الملف الروحي والعقلي والجسمي . ولقد مارسنا عدة أدوات وأساليب لتعزز قوة الحياة والرغبة فيها .
ومما هو واضح وجلي أن تلك الوسائل مهما تعددت أسماءها واختلفت في طريقة عملها ، إنما تؤدي بالنهاية إلى نتيجة واحدة .
إنها انتباه قوي . إنها جرس ذو رنين متواصل بنغمات مختلفة ،يخبرنا بأنغامه المختلفة عما يحصل داخل عوالمنا الروحية – الجسمية – العقلية – العاطفية.
هذا الانتباه وهذا الرنين باستطاعته أن يساعدنا على التحرر والانطلاق من الذات المقيدة ( ego ) إلى المحيط الحيوي الذي نعيش فيه . فكان باستطاعة كل سيدة من هؤلاء السيدات العظيمات أن تغير الذي تستطيع تغييره ، وأن تقبل الذي ليس باستطاعتها تغييره .
فكان لنا جميعا ابتسامة داخلية أضاءت عوالمنا وعوالم من حولنا .
أدواتنا للترابط ما بين
الروح العقل الجسم
التأمل – الاسترخاء – التنفس – التخيل – الأحاديث الجوانية – سماع الموسيقى – ترديد الأصوات Ah – الهمهمة – التصفير – تمارين المناعة – الضحك – تقنية تحرير العواطف – الغناء – الرقص.
ماذا أقول في النهاية ؟
هل كنت أنا التي تطوعت في هذا العمل ؟
تلك الابتسامة الداخلية التي تنامت واستقرت في قلوب هؤلاء السيدات العظيمات ، هي من صنع
إنها يا أصدقائي
إنها خميرة التواصل الحقيقي ، الذي وضع كل وجع التسميات والتصنيفات جانبا ، ليؤكد أننا هنا جميعا نصنع الأمل عبر العطاء المتوازن وعبر تناغم خفي مابين القوس والقيثارة .
فلقد كان وما زال لنا دائما وأبدا احتفالنا الخاص بالحياة .
الإنسان هو جزء من الكل الذي نسميه الكون . جزء محدد بالزمان والمكان . وعندما يعيش الإنسان حياته أفكاره ومشاعره كشيء منفصل عن الآخرين ، فان ذلك مثل الخداع البصري لوعيه . هذا الخداع هو نوع من السجن . انه يقيد رغباتنا الشخصية ، ويخفف من مقدرتنا على التعاطف مع الناس المحيطين بنا . فمن الأجدى التحرر من هذا السجن بتوسيع دائرة التعاطف ، لتعانق كل المخلوقات ا لحية والطبيعة جمعاء ، بكل جمالياتها .

اينشتين

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات