النقطة الأولى
عندما بدأت بالتفكير في مشواري مع مركز الحسين للسرطان ، ما استطعت أن أجد تعبيرا مناسبا يصف ما نقوم به ، ولا أقول ” أقوم به ” على انفراد . فعندما نذكر كلمة عمل تطوعي عناية رعاية مساعدة ، أخشى ما أخشاه أن يكون الانطباع بأنه هنالك طرفين :
طرف يأخذ
وطرف يعطي
وهذا بعيد كل البعد عن نكهة مشوارنا . إنني أؤمن وأدافع عن إيماني بأننا جميعا في أعماق الأعماق لدينا الرغبة والدافع القوي للتواصل ولتقديم المساعدة والرعاية والعطف والحنان . إننا محكومون بتلك الغاية ، سواء أكنا على درجة عالية من الوعي لذلك أم لا .
من منا لم يصادف حادثا ما ، ولم يشاهد كيف الناس يهرعون بكل طاقاتهم وعواطفهم للمساعدة والعون .
نحن دائرة من العطاء ، سواء كانت عبر ابتسامة نزرعها أم حديث نسمعه ونستمع إليه . إننا نتواصل وهذا هو السبب الحقيقي والأجمل لوجودنا . نتلقى ا لمساعدة ونساعد في الوقت نفسه ، ولكن
هذه ال لكن لها عدة مستويات وأبعاد لا مجال لذكرها لأنها استطاعت في أغلب الأحيان بأن تبعدنا عن جوهرنا الحقيقي بأننا كائنات محبة مرحة مساعدة .
النقطة الثانية
أود أن أشرح كيف كانت حياتي مع مركز الحسين للسرطان . أنا لا أنكر أني تعرفت على المكان عبر رحلة صديقتي سلام مع المرض ، والتي غادرت أيضا بسلام واطمئنان . هذه البداية أخذت طريقا آخر ومسارا أبعد وفهما أعمق .
فلقد عشت حياتي مجددا بإحساس جميل وبمذاق آخر ، فمنذ اللحظة الأولى التي جمعتني مع هؤلاء السيدات والأطفال والرجال عبر جلسة المقاومة بالضحك ، رأيت وشعرت تلك الجسور غير المرئية التي تجمعنا وتربطنا . فكانت نسائم الثقة تملأ المكان . هذه النظرات ما بين العيون وهذه الثقة هي التي أعادت الثقة لعوالمي . وأن هذا الطريق قد فتح لنا الأبواب لكي ندخلها . كانت الثقة وهي من أهم الكنوز الأخلاقية فتقاسمناها ، وتشاركنا في أعباء المرض فاستطعنا تكوين مسبحة ، مسبحة ذات أحجار جميلة متلونة براقة من كل سيدة وطفل . كان القرار لأرواحنا هو أننا لسنا أسرى المرض ولسنا أسرى ظروفنا . فكان أن كان لنا الطريق والهدف بآن واحد وهو أن نبني الأمل . ليس الأمل بمفهومه الضيق تحقيق الأماني ، وإنما الأمل الذي يعزز إنسانيتنا ، وان الفرح والسكينة الكامنة في جذورنا هما أصل طبيعتنا .
النقطة الثالثة
إن النقطة الجوهرية التي استندنا عليها في مشوارنا أن هنالك فرقا جوهريا بين عملية التداوي وعملية الشفاء .
فالتداوي يعالج المرض بحد ذاته ، أما الشفاء فانه يدخل في الملف الروحي والعقلي والجسمي . ولقد مارسنا عدة أدوات وأساليب لتعزز قوة الحياة والرغبة فيها .
ومما هو واضح وجلي أن تلك الوسائل مهما تعددت أسماءها واختلفت في طريقة عملها ، إنما تؤدي بالنهاية إلى نتيجة واحدة .
إنها انتباه قوي . إنها جرس ذو رنين متواصل بنغمات مختلفة ،يخبرنا بأنغامه المختلفة عما يحصل داخل عوالمنا الروحية – الجسمية – العقلية – العاطفية.
هذا الانتباه وهذا الرنين باستطاعته أن يساعدنا على التحرر والانطلاق من الذات المقيدة ( ego ) إلى المحيط الحيوي الذي نعيش فيه . فكان باستطاعة كل سيدة من هؤلاء السيدات العظيمات أن تغير الذي تستطيع تغييره ، وأن تقبل الذي ليس باستطاعتها تغييره .
فكان لنا جميعا ابتسامة داخلية أضاءت عوالمنا وعوالم من حولنا .
أدواتنا للترابط ما بين
الروح العقل الجسم
التأمل – الاسترخاء – التنفس – التخيل – الأحاديث الجوانية – سماع الموسيقى – ترديد الأصوات Ah – الهمهمة – التصفير – تمارين المناعة – الضحك – تقنية تحرير العواطف – الغناء – الرقص.
ماذا أقول في النهاية ؟
هل كنت أنا التي تطوعت في هذا العمل ؟
تلك الابتسامة الداخلية التي تنامت واستقرت في قلوب هؤلاء السيدات العظيمات ، هي من صنع
إنها يا أصدقائي
إنها خميرة التواصل الحقيقي ، الذي وضع كل وجع التسميات والتصنيفات جانبا ، ليؤكد أننا هنا جميعا نصنع الأمل عبر العطاء المتوازن وعبر تناغم خفي مابين القوس والقيثارة .
فلقد كان وما زال لنا دائما وأبدا احتفالنا الخاص بالحياة .
الإنسان هو جزء من الكل الذي نسميه الكون . جزء محدد بالزمان والمكان . وعندما يعيش الإنسان حياته أفكاره ومشاعره كشيء منفصل عن الآخرين ، فان ذلك مثل الخداع البصري لوعيه . هذا الخداع هو نوع من السجن . انه يقيد رغباتنا الشخصية ، ويخفف من مقدرتنا على التعاطف مع الناس المحيطين بنا . فمن الأجدى التحرر من هذا السجن بتوسيع دائرة التعاطف ، لتعانق كل المخلوقات ا لحية والطبيعة جمعاء ، بكل جمالياتها .
اينشتين
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.