الكاتب اسماعيل الأمين يواجه المؤامرة العالمية لإفشال حبه

09:15 صباحًا الأحد 6 يونيو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

الحديث مع الكاتب اللبناني اسماعيل الامين متعة تشبه نغمة وراء نغمة مفعمة بنسمة وخيال فوار. ولأن لكلامه صفة التواصل الذي لا يجوز مقاطعته،فارتأيت أن أوجه له جرعات من الاسئلة دفعة واحدة ،على امل أن تأتي إجوبتها من الامين بتواصل واستمرارية لا تشوبها عثرة السؤال،وكانت وقائعها كالتالي:

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه


١ ماذا تكتب اليوم الى اين اوصلك التنقيب في التاريخ؟
٢ تاريخ العرب في كتاباتك مختلف عن سواك من المؤرخين، لك تأريخك ولهم تأريخهم؟
٣ لماذا اتعبت نفسك بالسباحة عكس التيار.ووصل بك الامر الى نفي المنقول والمكتوب ولا سيما بمجاهرتك ان العرب لم يغزو الاندلس؟
٤ اين انت اليوم، كيف تعيش في هذا الزمن الذي يطوق البشر بالحروب والصراعات وليس اخرها كورونا الذي نقل البشرية الى مناخ اكثر تفجرا؟
٥ كيف تتوقع استمرار كورونا والى سيأخذ الحياة؟
٦ كيف ترى مسيرة الاعلام والصحافة خصوصا انك عملت واشرفت على محطات وبرامج اعلامية متنوعة؟
٧ هل تخوض غمار الكتابة الادبية الروائية من باب التأريخ؟
٨ علاقتك بكتابة الشعر والقصيدة؟
٩ الحب، الانسان، الموت، الوجود.. ما زالت كأنها أجوبة غير مكتملة.كيف وماذا يقول اسماعيل الامين عن هذا القلق المحير؟


السؤال الاول:
قبل بضعة أسابيع انهيت كتابا تحت عنوان ” الاستلاب الفني” (الدين..الثورة..الفن ..ضد الفن). وفيه محاولة لتفسير النقد الجذري لمحاربة الاديان الثلاثة والثورات خاصة السوفياتية في بدايتها للفن. ثم مواصلة النقد الجذري لاعتبار الحركة الدادائية حركة تدمير و الغاء للفن. والاديان والثورة تقول انك لست بحاجة للفن لتحقيق ذاتك لانك تحققها من خلال السلوك الإيماني لجهة الدين، والسلوك الثوري لجهة الثورة.
ومن ذلك الحين انا منكب على كتابين. الاول رواية حول حياة أليس أو أليسار مؤسسة قرطاج باعتبارها اعظم إمرأة في التاريخ الإنساني بعد ليليت زوجة سيدنا آدم الأولى. والثاني حول الحضارة الفينيقية باعتبارها أعظم حضارة في التاريخ البشري و حتى الآن.
حتى الآن لم تنتج البشرية حضارة أخرى لا تبيد الشعوب ولا تستعمرها ولا تستغلها باستثناء الحضارة الفينيقية العظيمة التي سيطرت على شرق و جنوب وغرب ومعظم شمال المتوسط الذي كان في حينها مجرد بحيرة فينيقية، أو مسبح عملاق في الحدائق الأمامية التي تزنر الممالك الفينيقية المتحدة من طرابلس الى جبيل و بيروت وصيدا و صور. وفينيقيا هي التي أسست حقلا ثقافيا واحدا يمتد من شرق المتوسط وشمال شرقه الى تخوم الأطلسي حيث انتشرت فيما الحضارة الاسلامية.
اما لماذا كتابين في وقت واحد؟ ذلك لأن رواية أليسار وتأسيس قرطاجة بعد رواية ” أليس و الكاهن” التي صدرت قبل عامين تطلبت و تتطلب قراءة عشرات الكتب والمراجع التي تحدثت باقتضاب او بالتفصيل حول فينقيا و الفينيقيين.
أما كيف هي أعظم امرأة في التاريخ فلأن عظيمات اليونان مثل هيلين التي اندلعت من أجلها الحرب بين أثينا و سبارطة لم تكن سوى اسطورة اخترعها هوميروس في إلياذته أما نساء الاغريق فكن أشبه بنساء الحرملك.وكذلك نساء الرومان اللواتي عاصرنا أليسار الفينيقية فلم يكن مسموحا لهن بالتعاطي بالسياسة. يبقى أن كليوباترا فقد ورثت العرش عن والدها و تقاسمته مع أخيها. أما حبيبتنا أليس فقد تخلت عن عرش صور الذي ورثته مع أخيها وأسست عرشها الخاص في شمال افريقيا حيث بنت أمبراطورية هزمت روما عدة مرات.


الثاني والثالث:
لم ينتشر الاسلام بقوة السيف إنما انتشر بما يمكن و صفه بالفكرة/القوة. أي الفكرة التي تصبح محركا للتاريخ حين تستحوذ على عقول الجماهير(كما يقول ماركس. فقد كانت الأوضاع السياسية و الإقتصادية و الثقافية مهيأة لاستقبال الفكرة/ القوة التي جاءت بها الدعوة الاسلامية بعدما انهكت آخر الحروب الفارسية- الرومية كلا الامبراطوريتين بعد وصول الفرس الى تخوم القسطنطينية عام 628 م حين كان الرسول الأعظم يستعد مع عشرة آلاف من المسلمين لفتح مكة بعد عامين على وضع الحرب اوزارها بين الفرس و الروم. هذا على المستوى السياسي و الاقتصادي اما على المستوى الثقافي فقد تمكن الاسلام حل معضلة السجال الفكري حول الطبيعة الالهية بين قائل بالتوحيد الثلاثي و قائل بالتوحيد الأحادي وحسم النقاش لصالح الاله الواحد الأحد “(1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ”. وبالتالي لعب المسلمون، أو الذين بادروا قبل غيرهم الى اعتناق الاسلام كفكرة، فقد لعبوا دور المحفز على الثورة ضد الأنظمة التي فشلت في حل قضايا العصر آنذاك. أما خرافة الفتوحات العسكرية فقد اخترعها المؤرخون اللاتنيون لأنهم فضلوا الهزيمة العسكرية امام فرسان بالغوا بوصف قوة الواحد منهم و اقباله على الموت طلبا للشهادة مقابل الهزيمة الحضارية.هزيمة في معركة عسكرية أقل خطورة من هزيمة حضارية فكرية. والحديث عن المعارك التي خاضها الفاتح الاسلامي مثل معركة اليرموك لم تكن سوى حروب أهلية بين مسلمي البلد نفسه و انصار النظام الحاكم. تلقف المؤرخون المسلمون الخرافة لأنهم كانوا في حينها بحاجة ماسة للبطولات والاستشهاد دفاعا عن ممالكهم التي بدأت مرحلة التدهور. أما الانتشار الفعلي فقد تم من خلال ثورات هنا وهناك تعلنها أحزاب المسلمين التغيرية لانقاذ البلاد من تداعيات الحروب الفارسية الرومية التي استمرت عشرات السنين ، تعلنه ضد حكوماتهم في العراق و فارس وسوريا و مصر و شمال افريقيا وشبه الجزيرة الإيبيرية.
أما الحديث عن حملات عسكرية قام بها مسلمو مكة و المدينة فهو حديث، وفق المعطيات العلمية التي يمنحنا إياها التأريخ الحديث، حديث عن استحالة كاملة. كيف يمكن لبضعة آلاف من المقاتلين تدبير حملة عسكرية من منطقة تعتمد بغذائها اليومي على الاستيراد والرعي و المياه النادرة.أقول مقاتلين و ليس فرسان لأن الخيل لم يكون موجودا في الصحراء الا بصورة نادرة ذلك لأن الحصان الواحد يحتاج الى نحو اربع مئة ليتر مياه يوميا حين يكون في حالة سفر..اما الرحلة على سنم البعير فهي رحلة بطيئة تحتاج الى مؤنة هائلة لا تتوفر في الصحراء و لا يتوفر لنقلها ما يكفي من الجمال. هل كان بامكان هؤلاء فتح بلدان عامرة بالسكان مثل العراق و فارس؟
أما تشكيل حزب اسلامي في العراق مع فقهاء من مكة و المدينة ثم اعلان الثورة فيبدو أمرا ميسورا..


الرابع:
حين اندلعت الحرب الاهلية مساء الاحد في 13 نيسان شعرت انها حرب دًبِّرت ضدي أنا شخصيا. قد كنت عصر السبت قد نعمت باعلان رفيقتي حبها وأمضيت معها سهرة العمر ليلة الأحد و من يومها لم أرها إلا بعد بضع سنوات ومصادفة في باريس ومع زوجها.
لنتجاوز المزيد الذي لا لزوم له.
وحين أعلن عن اول وفاة بكورونا في شباط العام الماضي شعرت على الفور ان هذه الجائحة الارهابية المرعبة قد جاءت خصيصا للقضاء على أحلامي اولاً و على كينونتي ككائن اجتماعي ثانياً.
قضت الجائحة على الثورة و لم تقض على أي من الحكام الذين لا أجسر على توصيفهم لأنني أربأ بنفسي أن أكون بذيئاً.
فقد كان عيد ميلادي في الخامس عشر من تشرين/ أوكتوبر. وفي السادس عشر اندلعت الحرائق الشهيرة التي أجهزت على الأخضر في معظم مناطق الوطن. وفي السابع عشر اندلعت الثورة لانقاذ ذلك الوطن المحترق من براثن من استباحوا كل شيء حتى العواطف النبيلة و حولوها الى تجايش طائفي دميم.ومع تعاظم الآمال جاءت الجائحة لتقضي على أي حلم سوى النجاة من جحيمها. إنكفأت مع من أنكفأ الى المنزل و توقفت عن التركيز في القراءة على اخبار الثورة ونظيراتها بما سمي بالربيع العربي الذي لم ينتج سوى التدمير و الآلام – اذا استثنينا تونس – الى التركيز على أخبار الجائحة بحيث أقرأ الصحافة اللبنانية و الفرنسية و البريطانية و بعض الاميركية. وأشاهد الأخبار( أو أحضرها وفق اللهجة اللبنانية) في المحطات اللبنانية اضافة الى الفضائيات و السي إن إن و بي بي سي االعالمية. ولم يعد متسع من الوقت لقراءة قصيدة لعباس بيضون.
انحجرت مع من انحجر بحيث لم أتمكن من المشاركة في عزاء اربعة أصدقاء. ثلاثة منهم يمكنني أن أضيف ال التعريف على كلمة أصدقاء لانه لم يكن لدي اصدقاء غيرهم.
ومع حجر الثورة واستقرار أنباء الجائحة الخبيثة على رقمين اثنين. واحد للاصابات و آخر للوفيات عدت للقراءة والكتابة بوتيرة لم اعهدها من قبل . فأنا متفرغ بصورة كاملة للقراءة و الكتابة.
الخامس.
ربما من حسنات الجائحة انها قضت على أحلام و نوايا ترامب و نتنياهو الشريرة. فقد بدأت الجيوش الأجنبية بالانسحاب من المنطقة و بدأ الميل ألى التهدئة بحيث تمكنت غزة في حربها الاخيرة مع الاحتلال البغيض من إحداث تغيير عميق في الرأي العام والاعلام العالميين.
فقد أحدثت الجائحة تغييرا جذريا إيجابيا في المزاج الانساني على امتداد الكوكب الجميل. هذا التغيير شهده العالم عام 1382 ميلاديا حين تمكن العلماء تهدئة الموت الأسود أو الطاعون. في العصر الحديث تغير المزاج العام بعدما قضت الانفلونزا الاسبانية على نحو خمسين مليون في العالم ودزينة من الضحايا يوميا في قريتنا شقرا في جنوب لبنان.وقد صادف انتشار هذه الانفلونزا خلال الشهور الستة الأخيرة من الحرب العالمية الأولى مما ساهم في انهاء الحرب.
ولكن من المشكوك به اننا سنعود الى الحياة الطبيعية: أي نعانق الاحبة و ربما الاحفاد ونرتاد دور السينما و المسرح والمسابح وحفلات الموسيقى و الطرب. والاهم من كل هذا هل سنقرأ صحفا خالية من أي خبر عن كورونا؟ الأمر ليس مؤكدا لأن الفايروس سيظل بيننا لفترات طويلة و طويلة جدا..و ألآمال الكبيرة ستظل معلقة على تصنيع علاج سريع للإصابة.
ومن المؤكد ان هذه الجائحة أحدث تغييرا ملحوظا ليس في المزاج فقط انما أيضا في سلم الاوليات لدى الشعوب و بالتالي لدى الحكومات و المستثمرين..هل سيظل الاستثمار في صناعة الأسلحة أكثر من الاستثمار في الدواء و المستلزمات الطبية؟ هل ستظل السياحة وبالتالي سبل التثاقف بين الحضارات على ما كانت عليه قبل الجائحة. وماذا عن متع الدنيا؟ واذا كانت الاجابة عن هذه الاسئلة المصيرية صعبة جدا لكن من السهل ملاحظة ان تغييرا ما حدث لدى الانسان.
وإذا كان الملايين في الغرب يموتون سنويا جراء أمراض القلب، السرطان، الحوادث، الانسداد الرئوي المزمن، التجلّطات، الألزهايمر، السكّري، الفشل الكلوي، الإنفلونزا/ الالتهاب الرئوي، والانتحار ثم كورونا ومستجداته كيف و وفق أي معايير سيختار الناخب مرشحه للسلطة. الامر شديد التعقيد و مصيرنا نحن في العالم الثالث شديد الغموض.

السادس:
لما كان الاعلام العربي ” بطيخ يكسر بعضه” سأقتصر الحديث على الاعلام اللبناني.. اذا كان الاعلام يمول نفسه من خلال مبيعاته و اعلاناته هل يمكن لصحيفة ان تمول نفسها في بلد لا يزيد عدد سكانه عن الاربعة ملايين؟ كم هوعدد قراء الصحف في لبنان؟ وكم هو عدد من يقرأ صحيفة كل صباح؟ إذا أجبنا عن هذه الاسئلة بالارقام المعروفة للجميع يمكننا الجزم ان صحافة لبنان حرة ازاء السلطات اللبنانية التي بدورها ليست حرة ازاء الممول الاقليمي و ربما الدولي. اعلام و اعلاميين لا يعرفون طعم الحرية جراء هيمنة وديكتاتورية الممول الاقليمي و وسيطه المحلي الذي لا يقل عنه ديكتاتورية.
عال العال اعلام مأجور قد يمر- أو يقطع وفق اللهجة اللبنانية الحديثة- لكن اعلام غير مهني مشكلة. يقول الكاتب الصحفي اللبناني بمنتهى الجرأة: أجمع الأعلام الغربي على كذا وكذا..يعني الاستاذ العبقري المتابع قرأ جميع صحف الغرب بلغاتها العشرة على الاقل، وشاهد- اوحضر وفق اللهجة البنانية -جميع الفضائيات الغربية كافة و بلغاتها غير القليلة.والا كيف سمح لنفسه ان يقول أجمع الاعلام الغربي. وهذا الذي يجمع لديه الاعلام الغربي يظل أقل عنجهية و افتراء عن ذلك الذي يقول: اجمعت الدوائر الامنية في الغرب على كذا و كذا.. أو زميله الذي يجزم ان الادارة الاميركية بدأت منذ أشهر بالتفكير في قرار كذا. مرة حدثني متعاطي بالشأن العام شهير عن قمة كلنتون الاسد في جنيف واورد خلال ساعة كاملة ما قال الاول وما أجابه الثاني..ومرة حدثني سائق تكسي عن العملية الشهيرة التي كمن فيها المجاهدون في انصارية لجنود العدو و قضوا على عدد كبير منهم. وخلال اكثر من ساعة استغرقتها الرحلة من صور الى بيروت ابلغني السائق تفاصيل الاتصالات بين ضباط الحزب- على حد قوله- وبين اقرانهم من أمل و كأنه كان يعمل على جهاز استماع و مراقبة. وحين سألته كيف علم كل ذلك اجاب انها معروفة للجميع. هذا هوالاعلام اللبناني اعلام ” تشبيح” و ادعاء.
أما محطات التلفزة السبعة أو أكثر، والتي يستحيل تمويلها من أعلانات السوق اللبنانية، فهي من الناحية المهنية على درجة عالية من سوء الفهم و التجربة حد امكانية القول ان التلفزة اللبنانية تجهل اصول اعداد خبر او تقرير حتى و لو كان من ثلاثين ثانية.
واي مشاهد يمكنه تقدير ذلك لو علم ان الكتابة التلفزيونية هي
” الكتابة لصورة” اي هناك تآلف و توليف وتبادل بين الصورة والكلام..مناسبا للصورة فهو اعداد ناجح. وفي النشرات المسائية لجميع المحطات لا يمر خبر واحد صيغ كلامه وفق أصول “الكتابة للصورة” انه في المنظار المهني مجرد لت و عجن. حتى المحطات التي اجريت فيها تديبات مكثفة على سبل الكتابة للصورة لا يلتزم مجرروها و مراسلوها بالسبل التي تعلموها لانها تتطلب جهدا ولا يوجد من يطالبهم بالالتزام بها. نحن في لبنان نواجه كل صباح في الصحف كارثة و في المساء كارثة أعقد..على كل حال من أهم أدبيات الاعلام اللبناني ماينقل عن سعيد فريحةاحد أبرز الصحفيين اللبنانيين قوله: الصحافة مهنة من ليس له مهنة.وثاني اعظم الادبيات الاعلامية قول الصحافي العظيم سليم اللوزي: الكاتب الصحفي الحصيف هو من لا يكتب ما يعتقده انما ما يود القراء قراءته. كذلك ينقل عن اللوزي حكمة حول الموضوعية و الحيادة مفادها انك إذا أردت مهاجمة شخص و طرف اوجهة من المفضل ان تكتب نحو الف كلمة من المدائح الثانوية و تمرر جملة او جملتين فيهما من أخطر فرية سياسية و اخلاقية.القاريء سيقبض الفرية دون جدال لانه يرى في مقالتك موضوعية واضحة فقد مدحته حيث يستحق المدح واتهمته حيث يستحق الاتهام.

7- لا ابدا.. بل ربما العكس. اول مجموعة قصصية جاءت تحت عنوان” عام 2084″ وتجري أحداثها في ذلك العام و في مناطق مختلفة من سكوتلاندا الى كاليدونيا الجديدة وقرية شقرا التي ولدت فيها. اما المجموعة الثانية ” العطر و الفقر و ما بينهما فتجري احداثها في مدن باريس و لندن و بيروت و شقرا أيضا..ولكن حين بهرتني الحضارة الفينيقية المدهشة كتبت في السياسة ” الامة اللبنانية ” وفي الأدب رواية” أليس و الكاهن” التي تجري أحداثها في فينيقيا التاريخية التي مازالت قائمة حتى ايامنا هذه والتي لا بد ان يستعيدها- آجلا أم عاجلا – ما يسمى اليوم باللبنانيين.
8- قصتي مع الشعر تبدأ منذ الطفولة. ففي سن المراهقة كنت في مدرسة مختلطة وفيها عدد هائل من الفتيات الفاتنات. وكان قلبي يتنقل بينهن بسرعة عجيبة. ولانني لست شاعرا لجأت الى تحوير القصائد التي كنا نحفظها في المادة التعليمية الشهيرة ” الاستظهار العربي” أو المحفوظات. منها مثلا القصيدة الشهيرة للشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان التي يقول فيها: بيض الحمائم حسبهن/ أني أردد سجعهن..فقلت انا حين جاءت حبيبتي منتعلة حذاء جديدا صغيرا جميلا وناصع البياض: بيض الكنادر حسبهن/ أني اشمشم دعسهن.. وفي تلك السن المبكرة اصبت من الشعر بحالة مرضية.كنت اذا قرأت قصيدة في المساء قبل النوم يمضي ليلي بأكمله و ان استفيق مرددا الشعر الذي قرأته أو شعرا آخر على بحره و قافيته. و المرعب في الامر انني لا اتذكر مما قلته سوى بعض القوافي..آخر مرة اصبت بهذه الحالة كنت أقرأ مسرحية ” جبلة ان الايهم” للشاعر السوري الشهير سليمان العيسى ولم أتمكن من وقف قراءتها لشدة تعلقي بها وظللت اردد ابياتها او اوزانها طوال الليالي حتى انهيتها و قررت ان لا أقرأ الشعر ليلا. كان ذلك أيضا في أواخر سنوات المراهقة..والغريب انني لم أكتب شعرا غير تلك التحويرات. وخامرني دائما شعور انني لست شاعرا انما مجرد متذوق و راوية. وفيما بعد ولدى القراءات المكثفة من الشعر الحديث وحوله خصوصا أنسي الحاج و محمود درويش وأدونيس رحت أكتب نصوصا مقتضبة شجعني عليها الشاعر شوقي أبي شقرا وما زلت من نوع:
الشوارع أوردة المدينة
والناس دماؤها.
وأنا آخر خلجة
تحاصر القلب بالنبض
ولا تفلح..
أو:
رأيت عشر مرئكة
يتربعون أو يتربعن فوق راس إبرة.
ونقطة ضوء
ظلت تتسع و تتسع حتى أضاءت وجوه الجميع
ورأس الإبرة.
ثم أسرج ملاك أفراسه
وراح يغذي السير و يغذي السير
حتى المنقلب الآخر من رأس الإبرة.
بالطبع هذا ليس شعرا لا حديثا و لا تقليديا. لكن هذا ما أرغب بكتابته وهذا ما يجيب على حاجاتي النفسية و الثقافية. وتظل قراءة الشعر المتعة شبه الوحيدة.
التاسع:
الحب: حين كنت في الثانوية، أي قبل أكثر من نصف قرن أحببت زميلتي ولم أقل لها. وأحبَّها كثير من الطلاب و الطالبات و بعض الاساتذة لكثرة ما تغزلت بها ولرقة ما حكت حولها من أساطير. وما زلت احبها رغم أنني منذ ذلك الحين لم أرها سوى مرتين أو ثلاث في لندن. ولوصادف اليوم او غدا ان وافقت على الزواج سأسارع اليه بهمة تلك الأيام في الثانوية. ومن بعدها لم اعرف الحب مطلقا، إنما الاعجاب و الالفة والبهجة وما شابه.
الانسان: هش و كئيب وجائع ومريض و متشرد. وخلاف ذلك : رجل متسلط و امرأة ضحية. ولابد سياتي يوم ثوري أممي شامل.
الوجود:لا شيء يغري. والعيش مجرد عادة لا ترقى إلى مستوى الادمان.
الموت: حل صعب و مؤلم. أمي توفي والدها و هي في الرابعة وأعيدت والدتها الأذرية فورا الى أذربيجان وهي في الثامنة عشر. وتوفيت بناتها الثلاث وغرق ابنها الاول في بئر. وتوفي الثاني في المهجر. وتوفي زوجها و تركها دون عائل. وتوفي أخوها الوحيد و أختها الوحيدة.عبث الموت بحياتها خبط عشواء ودون استراحة. وحين توفيت قبل نحو ربع قرن لم أحزن كثيرا . بل فرحت لها لأنها اصبح لديها من الأحبة هناك أكثر مما لديها هنا.

One Response to الكاتب اسماعيل الأمين يواجه المؤامرة العالمية لإفشال حبه

  1. AHE رد

    6 يونيو, 2021 at 11:36 ص

    عرفتك بعد قراءة هذا النص وكأنني لم أعرفك و لم ألقك من قبل

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات