ندى عيد شاعرة الحياة تكتب الحب والإنسان

06:42 صباحًا الأحد 13 يونيو 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

ندى عيد شاعرة تكتب ما يجيش في ايامها من حب وعاطفة وهواجس، وقبل ان تكتب ترى ما تريد من الامل الذي يفتح باب الكلام ولا يغلقه.
انها انسانة لا تستهدف الا اللغة التي تدق على نافذة الحضور، وشاعرة تسعى الى صقل هذه اللغة ومزجها بالعذوبة الممكنة والمستحيلة.
ماذا تقول الشاعرة عن حضورها في المساحة الممتدة من اللغة الى محيط الشعر ومنابعه، عن حضورها في المكان الذي يحتويها والزمان الذي تطل من نوافذه العالية.
• كيف تعرفين عن نفسك كانسانة تعيش في كنف الشعر؟

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه
  • اجمل ما في الشعر انه يمنحك «فردية» تجعلك في منأى من الآخر وانت في الوقت نفسه مع هذا الآخر. اعيش في كنف الشعر بساطته وصدقه، فهو بسيط الى اقصى درجات العمق وصادق الى حدود رفضه لأي «زغل».
    في كنف الشعر او في كنف الحياة، اكون نفسي دائماً، وأشبه ذاتي في كل الاماكن، ولان افق الشعر لا حدود له، تراني احلّق في فضائية وأرتحل الى حيث ما يشتهي عقلي، ولا اعود اعترف بحدود او فواصل لأن مملكة الشعر لا تعترف بذلك.
    • كيف تبدأ القصيدة في حياتك وأيامك، ما الذي يدفعك ويحرضك على الكتابة؟
  • القصيدة ترف فكري لا اعيشه يومياً، فأنا محكومة بالالتزامات الكتابية المهنية وبالقراءات المصنّفة في خانة الواجب والضروري لانهاء مستلزمات العمل، اما القصيدة فهي فضاء منعزل عن كل ما عداه، تقتحمني فجأة وتزورني لتفرض عليّ التوقف عن الاصغاء الى كل ما ليس هي، وهنا اجد نفسي مجبرة على الكتابة، على تحويل هذه المطرقة اللذيذة التي لا تتوقف عن ملاحقتي حتى آخذ ما تيسر امامي من مساحة خالية في الورقة البيضاء لأدون عليها ملامح القصيدة التي نادراً ما تتغير، فهي تزورني بكامل اناقتها وتجلي حضورها، تأسرني وتأخذني من يدي الى عالمها فتلتقط عينيّ وذاكرتي جديد افكار، تفاجأني حين اعاود قراءتها لاحقاً.
    • متى كتبت اول قصيدة وكيف كان تأثيرها في ذاتك؟

مصادفة، وليس الجواب نمطياً، بل الواقع اراد ان اجد طريقي الى الشعر من طريق المصادفة، بعدما كنت وما زلت اجدد الطريق الذي سلكته في عالم الصحافة المكتوبة المفتونة بها رغم تعدد وسائل الاعلام وتنوع وسائطها، الا انني ما زلت ارى ان الصحافة المكتوبة هي الاساس.
الكتابة ملاذ، كانت ولا تزال متنفسي الوحيد في لحظات الضيق الحقيقي، حيث يصمت كل تعبير ولا يبقى غير حفيف القلم على الورقة. القصيدة الاولى كانت شكوى، كانت تمرد الفتاة الخجول على نفسها وعلى ما يحوط بها، وظلت القصيدة سجينة الدفتر المدرسي بخطوطه الباهتة، الى ان دقت ساعة الحرية وقررت ترتيب الاوراق القديمة، وحينها اطلقت سراحها الى غير رجعة. اما القصيدة الاولى التي شهدت طريقها الى الحياة العلنية فكانت قصيدة النورس في الكتاب الاول وحمل عنوان «كتاب النورس» وصدر في العام 1995 .
• تكتبين كأنك تخاطبين نفسك؟

لا اخاطب الا نفسي، وفي غالبية الاحيان انفصل عنها، واستخدم ضمير الغائب «هي» للدلالة عليها، او للتحدث بلسانها. استمتع بعيش وحدتي، ارتشفها على مهل، لا استعجلها ابداً، اتجرعها بروية ومزاجية، لذا اكتب لنفسي، اخاطبها، اغضب منها، عنها، من اجلها، وفي نهاية المطاف، اعود لأجد فيها عالمي. اكتب تجارب كثيرة وأعيش تجارب لم اعرفها في حياتي اليومية، احولها يوميات لها، امنحها مشاعري وانفعالاتي وأكتبها شعراً لها، لي، ولكل قارئ يحب ان يعيش التجربة عبر القراءة.
• ثمة حكمة في قصائدك؟

لست المرجع الافضل للاجابة عن هذا التساؤل. وليس السؤال لأن الجواب من المفترض ان يمتلكه قارئ هذه القصائد، اما اذا اردت رأيي، فاؤكد لك أنني لا اكتب بعبثية ولا اتعمد التعقيد المبهم، بل جلّ ما اتمناه ان يتمكن القارئ من التقاط الصورة – الفكرة، والصورة – الانفعال، والصورة – الموقف التي كانت السبب وراء ولادة هذه القصائد. وان يحتفظ ولو بعبرة بسيطة بعد ان يغلق دفتي الكتاب.
• لغة الحب في كتاباتك مهما بدت هادئة لا تخفي قوة العاصفة والعاطفة الممتدة في الكلام، كيف تفسرين ذلك؟

الهدوء يأتي نتيجة قرار نتخذه. الانسان بطبيعته يميل الى التعبير العنيف والمتطرف والمتفلت من اي ضوابط. ولكن كما قلت، نقرر ان نكون هادئين، وهذا ما قررته انا، ان ابقى على هدوئي من دون ان تصيبني برودة المشاعر او برودة الانفعال، بل يبقى الاثر عميقاً، وكلما جاء التعبير هادئاً كان اعمق وأوعى، بعيداً من التعبير اللحظوي. وتلاحظون ان الهدوء لم يقلل من زخم المشاعر ولا من قوة العاصفة، ولتفسير ذلك، لا املك سوى القول، ربما كان ذلك انعكاساً لطبعي ولشخصيتي.
• الحب حاضر في شكل مباشر وواضح في بعض قصائدك، ومستتر وغائب وربما خجول في بعضها الآخر ولا ارى تناقضا في ذلك. ما اسم هذا الحب في حياتك؟

ما من اوراق ثبوتية للحب، لذا لا يمكنني ان اعطيك المعلومات «الاستجوابية» التي تريدها، لكني افرح بملاحظتك عدم التناقض في كون الحب خجولاً، او غائباً وفي احيان اخرى واضح الحضور. هو دائم الحضور في حياتي وان كانت له اوجه متعددة، فالحب لا يختصر بعلاقة بين رجل وامرأة، بل هو كذلك، وأبعد منه بكثير، وأعمق، هو الحضور الذي لا يلغي، بل يزيدك امتلاء ودفعاً واقبالاً وانفتاحاً على الحياة وعلى الآخر. هو المحرك، والمحفز، انه الدافع. اجل هو المحرض على العطاء، على بذل الجهد، على تحمل المجازفات، والاقبال على خوض المغامرات بثقة المتأكد من فوزه.
• ماذا يعني لك الرجل وما مدى تأثيره في حياتك خصوصاً ان غالبية قصائدك تخاطب الآخر الذي يبدو في صور الكلام الرجل الوارف والحاضر المتغلغل في اللحظات التي تعيشينها؟

انه النصف الآخر، الجزء المكمل. هو امتلاء النقص حيث يكون هناك نقص، هو القوة الداعمة التي سرعان ما تتحول طفولة مجنونة وعفوية. قصائدي تخاطب الآخر طبعاً، وتبحث عن مكامن الجمال فيه لتبرزها، وتتألم من الهوات التي يسببها النقص، او سوء التفاهم. الرجل حاضر دائماً، حتى في غيابه يكون حاضراً فيّ.
• مهما بدا الحبيب في اشعارك الا انه سرعان ما يختفي ويتحول ما يشبه الخيال والأمنية؟

لم افصح يوماً عن وجهه، ولن افعل، افضل ان ارسم ملامحه بقليل من الخطوط والألوان. والمخيّلة لا تنضب في تغيير هذه الخطوط واستبدال ألوانها. احب الايحاء اكثر من الافصاح، وحين تقترب الخطوط من اكمال رسم الملامح اسارع الى محوها، فوجهه، وهويته وحقيقة واقعه يجب ان تبقى كلها ملكاً لي وحدي.
• هل لامسك الحزن؟

الحزن صديق قديم ووفي جداً. حين يمنحك ولاءه لا يسحبه منك ابداً، رغم اصراري على الاستغناء عن رفقته الدائمة في هذه الايام فالحياة جميلة بحزنها وبالافراح الصغيرة التي تتجمع وتتكدّس فيها لتشكل ملامح سعادة حقيقية.
• متى تندمين وهل وقعت في شرك الندم؟

الندم مثل الشعور بالرضى، يتكرر في حياتنا ويترافق مع الاحداث ومع الحالات النفسية التي تتأرجح وتتبدّل.
• لو طلبت منك تفسيراً لمعنى الفرح في حياتك ماذا تقولين؟

صرت اقدّره اكثر من قبل، وأصر على التمتع بلحظاته وأفتش عنه في الاشياء الصغيرة. وأسميها «الافراح البسيطة»، اما الفرح الكبير فهو التوق الدائم الى الاكتمال والامتلاء والارتواء من كل الاشياء.
• الخوف؟

اشعر بالمخافة والرهبة. وخوفي يتحول قلقاً فلا يعود خوفاً بالمعنى المتعارف عليه، فأجدني انظر في عينيه مرات كثيرة، وقد شاءت الظروف ان اواجه حالا او اثنتين وقفت فيهما امام الخوف ونظرت في عينيه ولم يستطع ان يسيطر عليّ ففقد وهرته وتحول قلقا ومخافة.
• السعادة؟

هي تكدّس اللحظات الحلوة وهي الرضا والقبول وهي اللحظة التي تدفعك الى اتخاذ قرار لشدة قوتها وتكثيفها فتكون منارة تدلك على دربك في الحياة، وبعدها تتحول السعادة التزاما بما خلفته تلك اللحظة فنحيا على ذكرى وقعها حتى تتكرر.
• ماذا يعني لك ان تعيشي في مساحة جغرافية وانسانية واجتماعية تسمى الوطن؟

احمل وطني في حقيبتي، يتغير مفهوم الوطن مع النضج فكراً وتجربة، تصير مساحته اضيق، ولا يعود مرتبطاً بجغرافية معينة، حتى الشعور بالانتماء يتغيّر وربما تصل الى يوم تبني فيه وطناً لك وحدك وتعيش فيه في محاولة لفصل ذاتك عن كل ما ترفضه ولا تقبل به. الوطن يوتوبيا تحملها داخلك حيثما كنت، اما العيش مع الآخرين فمشروط بتوافر قوانين منظمة وقادرة على احترام الفرد وعدم تذويبه من دون المساس بخصوصيته وحريته.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات