الفنان مايز البياع … الأصالة الفنية

08:18 صباحًا الثلاثاء 10 أغسطس 2021
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

مايز البياع ، فنان بدأ مسيرته الفنية في عمر مبكر ، عشق الغناء والطرب منذ نعومة أظافره . شكل حالة فنية لافتة ومميزة ورصينة في الغناء الحديث، وتميز بين أبناء جيله. وقد ارتبط اسمه بأغنيته الشهيرة “بكام الورد يا معلم”. هذه الأغنية التي لاقت نجاحاً واسعاً في المساحة الإعلامية والشعبية وما زالت مائلة في أذهان شريحة واسعة من جمهوره وعشاق فنه.

رسالة بيروت – إسماعيل فقيه


مايز البياع مطرب لبناني من مواليد بلدة (بخعون) في منطقة الضنية، شمال لبناني. عمل لفترة من الزمن خارج بلاده ، في الخليج في دولة الكويت، قبل أن يعود إلى وطنه الأم لبنان ويبدأ العمل ويشق طريقه الفني ــ الغنائي . وسرعان ما حقق حضوراً في المساحة الغنائية اللبنانية الحديثة . ثم ارتفعت بورصته الغنائية وحقق فنه انتشارًا واسعاً.
قدّم الفنان مايز البياع خلال مسيرته الفنية العديد من الألبومات الغنائية الناجحة ، ومنها : “انت حياتي”، “دلع البنات” و”بكام الورد يا معلم”، بالإضافة إلى ألبوم غنائي تضمن أشهر أًغنياته حمل عنوان “أشهر الأغاني”، وسواها من الأعمال الغنائية الصافية والمرغوبة لدى جيل الشباب.

لَمَع نجم الفنان في فترة الثمانينات حيث قدّم عددًا لا يُستهان به من الأُغنيات التي حققت له شهرة واسعة من أهمها: “يا سلام على الحب”، “والله و غاليين علينا”، “كلام حبيبي”، “الله عليك”، و”طيب جدًا”. ويعتبر البياع فنه هو حصنه الأمين ، وصوته هو لغته الناصعة التي يخاطب بها الحياة والناس ، ويقول عن هذه الأعمال الكثير الكثير من الكلام الجميل والموزن : ” هذه الأعمال هي بمثابة الحصن الفني الذي لا بد منه للإرتكاز والثبات والإنطلاق نحو الهدف الفني الغنائي بشكل سليم ومفيد . هي الركن الدافيء والمنيع الذي يعطينا الثقة والأمان والأمل بغد مشرق . فالفن لا يستقيم ولا ينجح اذا لم يكن قائماً على قاعدة متينة وصلبة ونابضة ، قاعدة إبداعية مضيئة وصافية تحمل كل ما هو قائم ومحتمل ومتوقع، كل ما هو معبر بما يخدم الخير والجمال ،مهما بلغ شأنه ومهما كانت مروحته واسعة. الفن والغناء هما المساحة الجميلة التي نلعب عليها، وحين نتحرك في داخلها ، لا نخرج منها، ولا نريد الخروج منها، لأنها جاذبة وفيها ما هو قادر على جذبنا الى طموح كبير وأمل كبير، أمل أكبر وأرفع يتجدد في كل لحن وفي كل كلمة تخرج من أعماق الذات التواقة للحب والحرية“.


تعامل الفنان الشاب الطموح مايز البياع ، خلال مسيرته الفنية مع نخبة من الشعراء والكتاب والملحنين في الوطن العربي ، من أبرزهم : شاكر الموجي، حسن أبو السعود، صلاح الشرنوبي، بهاء الدين محمد، رياض الهمشري ووليد زريقة. كما ربطته صداقة وطيدة بالملحن فيصل المصري وشكلا معاً ثنائياً فنياً ناجحاً. ويرى الفنان ، بأن “الكلمة هي عصب الأغنية، واللحن هو روحها. لذلك اخترت هذا المسار الغنائي مع الكلمة واللحن (…) للكلمة أهمية كبيرة في نجاح الأغنية، ذلك أن الكلمة هي مفتاح المعنى الذي تسعى اليه الأغنية . ودائماً تبقى الكلمة الشعرية هي الوهج الذي يضيف الى اللحن مساحة لامعة وقدرة وافية تساهم في بلورة الإيقاع وفق نبض إبداعي خلّاق“.

شكل المطرب المتألق مايز البيّاع حالة خاصة ورفيعة المستوى في الوسط الفني الغنائي الحديث، وخلال مسيرته الرزينة كان نجماً في كثير من المساحات الفنية والغنائية ، وفي كثير من الحفلات واللقاءات والمناسبات ، في لبنان وفي بلاد الإغتراب، بالإضافة إلى بروز نجمه كمطرب هاديء وشفاف دون منازع ، الى حد ما . وقد إحتضن الكثير من المواهب الفنية التي ظهرت إلى جانبه ، وساعدها للوصول الى حيث يجب أن تصل بفنها وإبداعها . لكنه، في مرحلة زمنية قرر الإبتعاد عن الأضواء لفترة زمنية، لأسباب شخصية . ثم عاود حضوره بإطلالة مشوقة ولافتة عبر ألبوم غنائي يحمل عنوان “أعزك” ، ويتضمن 8 أُغنيات تتنوع ما بين المصري واللبناني والخليجي . وعن هذه الإنقطاع وتلك العودة، يقول الفنان مايز البياع : ” يحتاج الفنان الى مساحة زمنية تساعده على مراقبة ذاته وفنه، وربما هذا الأمر أعطيته كل الوقت وكل الإهتمام . لذلك كنت مع نفسي أراقب وأتفحص تجربتي ، وذلك في محاولة لفهم ما هو قائم وما يجب أن يبقى ويستمر. ولكن بمجمل الأحوال، لم تكن هذه المساحة الزمنية التي أعطيتها لنفسي سوى فرصة أعطيتها لفني ولنفسي كي تكون على أهبة الأستعداد والإبداع، وانشالله تكون هذا المرحلة قد مرت على خير ما يرام، وما أريد وما أنوي فعله وعمله في المساحة الفنية الغنائية التي لا تغيب عن أيامي (… ) لم يكن إنقطاعي عن الساحة الفنية سوى محاولة لمواصلة التجربة بهدوء، ومحاكاة المشهد الفني الغنائي الواسع بكثير من الإنتباه . لم يكن هذا الإنقطاع بهدف الإبتعاد بقدر ما هو إنتظار مشوق لمرحلة تالية تتأسس وتتحرك وفق أمر الحياة المستمرة. فالغناء هو سر الوجود، وهو سر الحياة الجميل ، اذا عرفنا كيف نفك ألغازه ، لا بد لنا أن نرى أكثر جمال الحياة وجمال الإنسان في هذه الحياة“.


يحرص الفنان الشفاف والهاديء مايز البياع على إطلالة فنية غنائية هادئة جداً تشبه حضوره الدائم في الأيام والحياة، ويعطي للأغنية التي ينشدها كل لباقته ولياقته ورصانته، وكل روحه وكل رهافته وشفافيته ، وتساعده شخصيته الفذّة على تحقيق ما يريد من هذه الرهافة الصافية . ولا بد أن تكون الأغنية التي ينشدها بعزيمة روحه وقلبه ، وكل أعماله الغنائية ، مدار اهتمامه الخاص والفعال . ولأنه نشيط في تفعيل صوته داخل مساحة اللحن والكلمات ، استطاع رسم حدود شخصيته الفنية بما يملي عليه وعيه الإبدعي وموهبته اللافتة ، بالإضافة الى إتقانه الموهبة والثقافة والقدرة التي تستطيع تحقيق الصعوبة الفنية وتخطيها ، وتذليل العقبات من أمامها مهما بلغت. ويعتبر الفنان ، أن فنه هو مرآته الصافية الذي يرى فيها نفسه والعالم ، ” الغناء والفن والإبداع بشكل عام هو المرآة الصافية الكبيرة التي تعكس صورة الحياة بما تحمل وتخزن من حياة أخرى نعيشها، بما تتنوع من وجوه وأشكال مختلفة. وحين تكون الأغنية هي كل هذا النشاط الجميل والضروري في الحياة ، حين تمثل الأغنية كل هذا الوعي النبيل في أعماق الإنسان، فإن الحياة ستكون أجمل وأرقى حتماً. الغناء متعة للروح والقلب، ويبهج النفس ويرفعها الى أعلى مرتبة في الشعور الإنساني“.
مهما تحولت الحياة ، ومهما تبدلت الحياة والأيام في مسيرة الفنان، تبقى صورته هي نفسها ، صورة تنبض بالجمال والخير والمحبة ، صورة وعي الجمال ووعي المحبة ووعي الذات المرتبطة بالذات الإنسانية الواسعة ، والفنان مايز البياع هو الفنان الأصيل الذي عرف كيف يسير في مشوار الحياة الفنية والغنائية ، وعرف كيف يدخل الى بيت الكلمة ، الكلمة النابضة ، والى اللحن الجميل ، من خلال صوته النابض والخافق بتلاوين الحياة… “الغناء وردة العمر التي لا تذبل ولا تنحني“، يقول البياع.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات