أيام قرطاج السينمائية : لعنة السجاد الأحمر

08:53 صباحًا الأربعاء 16 نوفمبر 2022
سعيدة الزغبي خالد

سعيدة الزغبي خالد

إعلامية من تونس

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

    الصور بعدسة حسان فرحات

  اختتمت يوم السبت 5 نوفمبر الدورة 33 من مهرجان أيام قرطاج السينمائيّة و أثار حفل الاختتام كما الافتتاح جدلا  واسعا بسبب الواقفين على السجادةالحمراء و من بينهم سيدة كان نشاطها الوحيد الذي عرّف الناس بها كشفها لخيانة زوجها لها بعد أن ضبطته مع عشيقته في احد المقاهي و قامت بتصوير الواقعة و على إثرها تمّت دعوتها إلى برنامج تلفزي للحديث عن هذا الانجاز العظيم و مغنّ مغمور كان يتحفنا بين الحين و الآخر بأغنية ملغومة بكلّ بذاءات اللهجة المحليّة و غيرهم كثر.

  عندما تأسست أيام قرطاج السنمائية سنة 1966 على يد المرحوم الطاهر شريعة .. لم يكن السجاد الأحمر بدعة فقد كانت المهرجانات الكبرى تعتمده و هو حسب تعبير المرحوم الطاهر شريعة رمز للرأسمالية  و مدى هيمنتها على الثقافة و الفنون وكان متأكدا أنّ أيّام قرطاج السينمائية ستبقى عصيّة على هذه المعاني في لقاء جمعه بالصحفي رمزي العياري ..فهل استطاعت الأيام أن تحافظ على فلسفتها عند التأسيس أمّ أنّ لعنة السجاد الأحمر قد حولت وجهها الخالي من عمليات التجميل و المساحيق إلى وجه بارد الملامح لا يحسن حتّى استقبال ضيوفه ؟.

  بدأت الأيام في اعتماد السجاد الأحمر مع إدارة المنتجة درّة بوشوشة سنة 2008 و التّي أدارت المهرجان لثلاث دورات عندما كان ينتظم كلّ سنتين ( 8200– 2010– 2014 ) والتّي يبدو أنّها كانت متأثّرة بما يحدث في مهرجانات السينما في العالم ثمّ تمّ اعتمادها في بقيّة الدورات و من يومها و الجدل لا ينتهي .

   عموما بعثت أيام قرطاج السينمائية لتكون مجالا للتعريف بسينما الجنوب و سينما المقاومة و سينما المؤلف حيث تكون إمكانيات الإنتاج ضعيفة .. هي مجال لسينما تعبّر عن القضايا الإنسانية العادلة و هي صوت الضعفاء و الذّين يرزحون تحت نير الاحتلال و كلّ الفقراء الذّين يحلمون بالعدل و الحقّ هي صوت الجنوب الذّي يعاني من غطرسة الشّمال و انتهازيته و ظلمه و جبروته و عنصريته.

فهل مازالت هذه الأيام وفيّة لما بعثت له أمّ أنّ رياح التغيير التّي هبت عليها حولت ملامحها و اختزلتها في جدل يثار كل سنة عن الذّين تتمّ دعوتهم ليتمخطروا على السجاد الأحمر و أكثرنا يتسائل عن أكثرهم من أنتم ؟ بعض من ظهر على السجاد الأحمر لا علاقة له بالثقافة أساسا فما بالك بالسينما .. رأينا شخوصا كانوا ضيوفا في بعض برامج الإثارة في التلفزيونات الخاصة إثر أشكال مختلفة من الفضائح بينما يعاني الصحفيون في متابعة حفل الافتتاح أو الاختتام و تخصص لأغلبهم دعوات صفراء باهتة تجعل مجالسهم في أسوأ الأمكنة التي يمكن منها متابعة الفعاليات . هذه الفوضى التّي يغلّفها زيف بعض الحضور مدّعي النجوميّة و زيف بعض مدّعي الانتماء إلى مجال السينما فالأيام من المفروض أن تكون للسنمائيين من صنّاع و نقّاد خاصة حفلي الافتتاح و الاختتام ففيهما إضافة إلى بعض المواعيد الأخرى و اللقاءات فرصة للقاء و تبادل الخبرات و بناء العلاقات و كثيرا ما تبنى أعمال ووعود بالتعاون في مثل هذه المناسبات .

و قد طالت الفوضى الإعلان عن النتائج حيث تواترت الأخطاء في الأسماء و الصفات حتى طالب البعض ببيان اعتذار و توضيح من إدارة المهرجان حتى تتضح الأمور وتتّسق الجوائز مع الفائزين بها .

بعد ثلاث و ثلاثين دورة يفترض أنّ المهرجان اكتسب من الخبرة و العراقة ما يجعل الأخطاء التنظيميّة البدائيّة التّي يقع فيها كلّ دورة قد تجاوزتها الأيّام وأنّ هويّة المهرجان قد ترسّخت و تجذّرت فلسفته و الغاية من إقامته لكنّ سخط الحضور يزداد مع كلّ دورة كأنّ المهرجان يؤسّس لأخطائه أكثر مما يفعل مع مبادئه .

ما يثلج الصدر في كلّ دورة هو هذا الجمهور الذّي يرتاد القاعات بالآلاف .. يشاهد أكثر من شريط كل يوم و يحضر النقاشات و يطرح الأسئلة التّي تتواصل في المقاهي و بين الأصدقاء .. هؤلاء هم الفقراء إلى الفرحة و الفرجة الذّين تليق بهم حقّا السجاجيد الحمراء و أضواء الكشّافات و فلاشات آلات التصوير .. هؤلاء الذّين لا تراهم على الشاشات ولا في نشرات المهرجان هم الذّين يضمنون تواصل الدورات و يمحون لعنة السجاد الأحمر التي أصابت أيام قرطاج السينمائيّة فأفقدتها بهجة الوصول بأفلام من لا شاشة لهم إلى دور العرض .  

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات