مُعْجَبو (مَيْ زيادة) بين وجيه فانوس ووفيقة المصري (فِكرَة)

10:47 صباحًا الجمعة 6 يناير 2023
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

من إعداد: د. إيمان بقاعي

كتبَ د. وجيه فانوس في مقاله: مِنْ صُوَرِ الأُنْثى في شَخْصِيَّةِ مَي زِيادة (الغنج النَّسَوي)، يصف ما يحدث في (صالون ثلاثاء مَيْ زيادة):

“كانَ (لطفي السَّيِّد) يُحيط (مي زيادة)، بحنانه وعطفه، في لقاءات صالون (مَيْ) الذي دعته بـ(صالون الثُّلاثاء)، فيما كان (مصطفى صادق الرَّافعي) يشهق بزفرات وَلَهه الحائر بها؛ في حين أنَّ (ولي الدين يكن) كان يرجو، بكثير من جرأة المعجب الطَّموح، لو تعزف له (مَي) على البيانو مقطوعة من أوبريت (كارمِن) لبيزيه؛بينما كان الشَّاب (طه حسين) يستغرق وجوده في عالم رحب من المحبة وهو يصغي إلى (مَيْ) تُنْشِدُ من الفولكلور الشَّامي أغنية (يا حنيِّنَة) وترافق إنشادها هذا بنقراتٍ لريشتها على العود.

وتنتهي حركات الصورة إذ (عبَّاس محمود العقَّاد) لا يكاد يُطيقُ (جبران خليل جبران)، وإن لم يلتقيا وجهًا لوجه أبدًا أو يختلفا على اتِّجاه أدبي أو موقف سياسي على الإطلاق؛ كلُّ ما في الأمر يكمن في أن (العقَّاد) كان يرى في (جبران) غريمًا ينافسه على قلب تلك الشَّابة”.

وكتبت النَّاقدة (وفيقة المصري) ما يوافق نظرية مُعْجَبي (مَيْ) التي تجاوزوا فيها حدودَهم التي حاولت رسمها لهم، حين قالت عن مراسلات (صرُّوف- مَيْ زيادة):

في رسائلها إلى صديقها (يعقوب صَرُّوف) (صاحب مجلتي المقتطف والمقطم)، نتابع الصَّداقة تتبرعم بينهما تدريجيًا، بدءًا من تلك الرَّسائل التي كتبتها عام 1918 مخاطبةً إيَّاه في مطلع الرَّسائل بلقب “أُستاذي”، حيث يبدو الأسلوب المتحفظ والمهنية في التَّعبير جَلِيَّين في أولى رسائلها، لتضحي أقرب إليه في رسائلها اللَّاحقة، وتلقبه بــ “أستاذي فرعون”.

أما (صَرُّوف)، فيبدو أقلَّ تحفُّظًا منها وأكثر رغبة في رفع الحواجز بينهما، فيخاطبها بــ “يا حبيبتي” أحيانًا، فيما يفتتح رسائله لها بألقاب مبجلة، فيها الكثير من الغلو أحيانًا أخرى، مثل: “عزيزتي الإمبراطورة المستبدة”، و“عزيزتي الدُّرة اليتيمة”، و“عزيزتي ملكة البلاغة”، وغيرها…

وتعكس رسائل (مي زيادة) وصَرُّوف طبيعة الصَّداقة بين الرِّجال والنِّساء، وحدودها في ظل الظُّروف الاجتماعية السَّائدة آنذاك، فرغم أن الأدباء والشُّعراء كانوا يحوّطون (مَيْ) في صالوناتها الأدبيَّة، فإنها، على ما يبدو، أكثر تحفُّظًا في صداقاتها خارج نطاق الورق.

يكتب (صَرُّوف) في إحدى رسائله إلى (مَيْ)، في الثَّاني من آب عام 1918، آسفًا لأنها لا تستطيع مرافقته في إحدى رحلاته مع صديقه (الدكتور نمر)، قائلًا:

“أليس من الأسف الشَّديد أنك لا تستطيعين أن تذهبي معنا؟

هنيئًا للأوروبيين والأوربيات الذين كسروا القيود القديمة الجائرة.

تصوَّري كم تكون غبطتنا لو ركبنا ثلاثة أفراس وجلنا في تلك الحقول الخضراء نرى غنى الطَّبيعة فيها ونتحدث في المواضيع التي ألفناها…

كثيرًا ما قلت أنا و(الدكتور نمر) أننا لو لم نتعلم لغات الأوروبيين ونطالع كتبهم ونطَّلع على أساليب معيشتهم، لكنَّا أنعم بالًا منا الآن ونحن لا نستطيع أن نجاريهم في كل شيء!”

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات