أشرف أبو اليزيد أو المعروف ب “أشرف الدالي” شاعر وروائي وصحفي ورحّالة ومترجم ولد في 13 مارس 1963 بمدينة بنها الواقعة على دلتا النيل ودرس الأدب الإنجليزي، واشتغل بالترجمة والصحافة، فتنقل مترجمًا وسكرتيرا للتحرير ومشرفا فنياً بين المجلات المتخصصة المنار (القاهرة) وشغل منصب المحرر الثقافي لوكالة أنباء رويترز (القاهرة)، ثم سكرتير تحرير والمشرف الفني لمجلة أدب ونقد الشهرية المصرية، ثم سكرتير تحرير والمشرف الفني لمجلة نزوى الفصلية (سلطنة عمان)، ومجلة العربي (الكويت) بين عامي 2022 و2016. حصل على جائزة مانهي الكبرى في الأدب للعام 2014. حصل على جائزة الصحافة العربية الثقافية عام 2015، يرأس تحرير آسيا إن العربية، كما أنه رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين.

وللشاعر إصدارات متميزة تنعكس فيها روحانيته الواهجة الشعرية…منها مجموعات شعرية مثل “وشوشة البحر”، و” ذاكرة الصمت”، وروايات مثل “شماوس”، و”حديقة خلفية”، وأدب السفر مثل ” سيرة مسافر”، وأدب مترجم مثل ” أنا والسريالية”، و” قديس يحلق بعيدا”، وما إليها من أعمال فنية وأدبية وثقافية بما فيها كتب بغير اللغة العربية.

الإبداع الخيالي في أشعاره

الشعر في قصائد أشرف الدالي له نكهة خاصة، ومفهومه يختلف عن أذواق المتفننين الأخر في مجاله، فهو ينبع من الشعور وبمشاعر مستقلة لا ينطق به إلا الإحساس، ولا يتزين به إلا لغة العواطف والقلوب، فلذلك كل قصائده تترجم هذه الحقيقة إلى واقعية، وتنطق عن علو هذا السمو المتعالي، وكل معانيه تعبر هذا ، فالمعاني كما يعبره ليست إلا شذرات فيض يطوف حول الخيال وليس له أي علاقة بالواقع.. وهي التي عبرها بلغة الشعراء الصادحة والتي لا يفهمها إلا الشعراء.

فلكل قارئ أن يقف أمام أشعاره تارة، ومعانيه تارة أخرى، لأن الشاعر ينقش في ذهنه صورة، ويجسدها تجسيدا، ويزينها بحبكة متسمة مع الخيال وصياغة دقيقة وأخاذة لا يخوض إليها إلا وبشعور مستجد أنبت مشاتله في قالبه..

معان مستوحاة من عالم الرحلات

” الأسفار قيثارة شاعر”

المكان في خطاب الشاعر والروائي والرحالة أشرف أبو اليزيد جزء من روحه الشاعرة وروحه الشاعرة جزء من المكان يقول في مطلع كتابه قافلة حكايات مغربية: “إلى حَفَدَةِ ابن بطوطة أشعرتني خطواتي في المملكة المغربية أنني برفقة خيط من الحرير يغزل صوراً في بساط ريح تحلق أطرافه على شواطئ البحر وعند أقدام المحيط وفي قلب الصحراء وأعلى قمم الجبال، وكأنني في درب عجائبي يسمح للأسطورة والتاريخ أن يتألفا ويستأنسا الحياة معاً. الرحلات التي يتضمنها هذا الكتاب ثمرة سفرات دامت أسابيع على مدار سنوات تبدأ بالاستعداد للسفر، وتستهل بأشهر مدنها كازابلانكا الدار البيضاء وتحيا بالتنقل برا بين شمالها وجنوبها، في وثبات يخفق القلب معها حين يسطر القلم ما يراه حيا يستذكر التاريخ وحاضراً يستشرف المستقبل. 

 لقد أورثت السياحات الفكرية في خيال الشاعر روحا جديدة رسمت له الخلود في بنيته الشعرية، ونسجت له صبغة جديدة لتصبح قوافيه حية نابضة بالحياة، وماكينة تبعث فيه قوة الانبعاث والحيوية. فكانت التجارب أغلى شيئ وجدها في حياته، من بين المد والجزر ، وضوضاء الاجتماع، ونتانة الدنيا الشقية، وجد من خلال رحلاته عالما متوهجا فكان فيه حالما مفتخرا بذاته.

وروايته “قافلة حكايات مغربية” أغر دليل على ذلك، لما تحمل من هذه الصياغة الأنيقة، التي تتقاطر من وحي الأسفار المترامية الأطراف، فكان يرى أن نفسه أحرى أن تتحمل مشاق السفر، إلا أن المشاق أصبحت في طريقة سهلة، وكل مضايق وعرة خاضها أصبحت مغامرة في أبياته الشعرية. فكانت زيارته للهند وإعجابه بتعدديتها وجمالها أعلى دليل على ذلك.

تقول الناقدة والمبدعة “منار حسن فتح باب” في مراجعة لها لكتاب أشرف أبو اليزيد ” قافلة حكايات مغربية” والتي نشرتها في مجلة “التراث” المرموقة :حين يصف شاعرنا مدينة ما وتفاصيلها وشوارعها وكل ما حولها فانه يصفها كأنها مرآة لروحه الشاعرة كأن المكان نهر يرى فيه صورته وروحه منعكسة تنسكب وتصب فيه آن معا هو نهر على سفر ينتظر اللحظة التالية كي يتشكل….”

 يستنطق أشرف أبو اليزيد المدينة ويحولها من عروس جميلة ووديعة وهادئة تنام في سكون وصمت إلى كيان يتحرك ويتكلم ويتجول داخل الروح مدينة تؤنسه تتجول داخل الروح وخارجها ثم ليزوجها أشرف إلى الزمان، عبر طاقة حية من السرد والبوح ومن خلال كل هذا يتجول داخلها كعاشق داخل مياهها وكل تفاصيلها أسوارها بواباتها منازلها البسيطة، قصورها وقلاعها يتملك المشاعر والعقل يسلمها إلى القارئ متوهجة ساطعة في حرية وفيها تضج الحياة وتشتعل نرى البشر السلاطين والشعب البسيط وجموعهم هديرهم هو صخب الرحلة والكتاب بينما تناجي الطبيعة أطياف الكلمات وتستمر الرحلة القافلة من دون توقف. وتعد القافلة الرحلة خطابا في حد ذاتها، خطاباً تنويرياً يهدف إلى التغيير ينشد الجمال والبهاء. يحرك تراب المدينة نحونا ويسلمها إلينا في موكب قافلة مهيبة.