وجيه فانوس “نُسيمةُ السِحْرِ”

10:55 صباحًا الثلاثاء 8 أغسطس 2023
د. منى رسلان

د. منى رسلان

أُسْتَاذةُ النَّقْد الأَدَبِيّ المعاصر والمنهجيَّة فِي كليَّة الآدابِ والعُلومِ الإنسانيَّة في الجامعة اللبنانيَّة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كتبت الدكتورة منى رسلان أستاذة النقد الأدبي والمنهجية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية هذه القصيدة إلى أستاذها الراحل د. وجيه فانوس، والصورة لهما في مناقشة دكتوراه في الجامعة اللبنانية

كتبتُك في قصائدي

والعشقُ

يتوضّأ بماءِ الياسمين

وساقياتُ الشذى تقطُرُ  زمزماً

والدمُ المُتطاير رُزماً بيضاء ، عسلية الغِوى

كالمسكِ .. كأطيافِ العبير

الذي فيكَ

وجيه فانوس

**

كتبتُك في وهّاجِ القِبلة

أنشودةً عنبريّة، ذات ربيع

والشمسُ  تتثاءبُ بِرهبَةٍ،

حينما

تراكَ ،

تتأبّطُ الأفكار تلك المتألقات

وتدورُ تدور مثل الفراشات،

بهيات ، لمّاحات ، طرائفهنّ

غاويات.

والكلماتُ تستحضرُ الكلمات،

فما بالُ جون الغمام الأُرجواني ، يرنو ،

والعِناق تتدثّرهُ الأرضُ رداء،

و تحبو السواقي انخطافاً لذات أصيل …

رقراق

أزاهير انعتاق .

وتغدو

الومضاتُ تلو الومضات ؛ مساحاتُ فيضٍ للحُريَّةِ

إشعاعاً، وصورة اللمحة،

وصورة الومضة

أو هي محراب تجلٍ  لـ “محبرة” الفؤاد.

*

هوذا يا  الوجيه

بريق شذاك

يُسابق طيّاف الروابي

والنُسيمات تتنادى :

لم يفقد الورق عناق المنام

في المُقل

ولم تفقد السُحبُ رائحةَ حفيفِ المطر

في وجنتَيك .

أثيرُ وجدك  في العُلا

يتمدَّدُ .. يتمدّدُ إلى اللا نهايات…

و رويداً و بعد حين ،

يعزفُ

يومُكَ مسار الأمنيات،

وحشى المنارات فوق شطآنِ القيثارة ، قُبلِ ..

ما الأنا

ما الأنت

ما النحن ❓❗️

ومعصمُكَ يفرِدُ للطيرِ أرجوحةً كي يستريح

هناك تُسابق رُضبُ الوريد ، أحلامي،

هناك

تناديك لميسةُ السُحب، ويحضُنك صبحيٌ مُجيب ،

و مجدُك المنثورُ في السحابِ عبقٌ رمزيٌ وعِطر عُود ،

و عَوْدٌ في البدء كان كلمةَ

عباراتٌ

تكحّلت من وهجك الرياحين،

وبريق السّنا يغزلُ من حياءِ الإيمان

ترنيمةً بـ هيئةِ ملاك.

**

لقد كنتَ في الأمس سعيداً ،

وفي بوحِ وجهك الشادن

تتراقصُ المُفردات ،

أنشودةً للمجد، والمُهج.

و تشدو من النشائج خطوط انبعاث،

لتغوص الحناجر بين لُجّتي التنهُّد و الندي

و تُبحِرُ أنت .. في الدُجى ؛

والوعدُ زهرُ الـ بيلسان

والأماني .

وبين سكينة الوتر و الدمع الخفّاق

تجيءُ ، دوماً تجيء

*

و أنتَ النابضُ ، بتضرّع الأنفس

تتغلغلُ

في وجد الضُحى تتغلغل ،

والعذارى الناسجاتُ إكليلاً من رؤيا ، من حًبٍّ عميق،

وضّاء كوني …

وأنتَ

فانوسنا الوجيه ، تجيء

حيثما تترامى

أقحوانة الريم بين أطيافكِ

ولطائفِ السجود …

بعدكَ

لا التوق فكرة ، ولا الترقّب انتصار، ولا انتظار ❗️❓

بعدكَ

ما الدُنى هي الأريج ،

ولا نحن اللحنُ ولا النحن .. تويج البنفسج.

***

غابت منابر السرو

ونضُب حُبُور  دمي

وغابت منابر شوقي وحاوي وجوزف حرب

واستراحت منازل النرد،

وأنت لم تتعب.

*

لقد كنتَ في الأمس سعيداً ،

وفي بوحِ وجهك الشادن

تتمايل المُفردات ،

أنشودةَ براءة لمجدك  .. .

*

لقد كنتَ في الهدأة تستكين ،

والنشوة خطوط انبعاث؛

لقد كنتَ في الأمس تشدو ،

و تغوصُ الحناجر في التنهُّد و الندي ؛

وأنتَ كنت اليوم تُبحر ..  بين لُجّتي الدُجى والقدر ؛

فـ تتوه الأماني

بين فُكاكِ الصمتِ والسأم

لـ تنتفض أنتَ لؤلؤياً كالضياء.

*

يا مُهجتي

تأوّت المآذن ألاَّ (أن لا) تودّعك ،

وأجراس وادينا المُقدّس يتعبّد،

هي سكينة

الثرى يأبى أن يُمطِر،

والعصافيرُ التي تتباهى بخِمار الديجور ، تلحّفت سنابل الصبا ،

تطفو مراراً وتكراراً .. و مرّات  تلو المرات لحظ المغيب ،

فوق هُدبة الجفونِ ،

صادحةً غداً يوم جديد

غداً يومُ عيد ؛

و اليومُ عيد

الوجيه

نحّاتٌ مزركشٌ ، قُرمزيُ التنوير،

أنت الوجيه .

*

غابت المنابرُ يا وجيه فانوس في غياهب السَّحَرِ ،

وأنتَ شعشعانيَّةٌ … لا تغيب.

*****

د. منى رسلان

أستاذة النقد الأدبي والمنهجية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية

تموز ٢٠٢٣

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات