في اللُّغَةِ (أَلْ التَّعريفِ)

08:24 صباحًا الأحد 17 سبتمبر 2023
د. إيمان بقاعي

د. إيمان بقاعي

روائية لبنانية، أستاذة جامعية متخصصة في الأدب العربي وأدب الأطفال والناشئة، وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بقلم: د. إيمان بقاعي ( 16\9\2023 )

أَلْ التَّعريفِ: (أَلْ): أداةُ تَعريفٍ للاسْمِ، هَمزتُها هَمزةُ وَصلٍ مَفتوحةٌ في ابتِداءِ الكلامِ.

ولا تُعْتَبَرُ (أَلْ) (أَلْ تَعْرِيفٍ) إلا إذا نقلَتِ الاسْمَ المُلتصِقَ بها من التَّنكيرِ إلى التَّعريفِ، ومن حالةِ كونِه غير معروفٍ عند المخاطَبِ إلى معلومٍ؛ لارتباطِ الاسْمِ بدلالاتٍ أُخْرى معروفةٍ سابقًا عند اتِّصالِ الاسْمِ بـ (أَلْ).

وهي نَوْعَانِ: عَهْدِيَّةٌ، وجنسيَّةٌ:

النَّوْعُ الأَوَّلُ: (أَلْ التَّعريفيَّة أو العَهْدِيَّة)، العَهْدُ فيها ثلاثةُ أقسامٍ:

(أ) (عَهْديَّةٌ ذِهْنيَّةٌ): والعَهْدُ الذِّهنيُّ لا يُذكَرُ باللِّسانِ، وإنما يُلاحَظُ في الأذْهانِ؛ أي المعنى الذي تعرفُهُ أنْتَ كمُسْتَمِعٍ، وأنا كَمُتَكَلِّمٍ؛ نَحْوَ:  ﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾،ونَحْوَ: ﴿إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ.

(ب) (عَهْدِيَّةٌ حُضُوريَّةٌ)؛ مِثْلَ أنْ تُشِيرَ إلى شَخْصٍ، وتقولَ لمَنْ معكَ: (هذا الشَّخْصُ هو الذي كوفِئَ أَمْسِ)، ومنْها في القُرآنِ الكريمِ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ؛ أيْ هُوَ يَوْمُ عَرَفَة الذي حَضَرَنا، ونعيشُ الآن في زمنِهِ ووقتِهِ، ويشملُنا ظَرْفُه.

(ت) (عَهْدِيَّةٌ ذِكْرِيَّة)؛ أي: أنْ يُذْكَرَ اللَّفْظُ منكرًا قبل مجيئِهِ معرَّفًا؛ نَحْوَ: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾، ونَحْوَ: ﴿كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ. أما النَّوْعُ الثَّانِي: (أَلْ الجنسيَّةُ): لتَعْريفِ الجنسِ، أو فردٍ مُعَيَّنٍ منه؛ نَحْوَ: (الإِنْسَانُ هو حَيَوانٌ ناطِقٌ).

وقد مَنَعَ أكْثَرُ النُّحَاةِ دُخُولَ (ألْ التَّعْريِفِ) على (كُلٍّ وبَعْضٍ)، لأنَّهما معرفتان. قالَ أبو علي الفارسيُّ: (كلٌّ وبَعْضٌ) معرفَتَانِ، لأنَّهما في نيَّةِ الإضَافةِ؛ نَحْوَ: (مَرَرْتُ بكلٍّ قائمًا). وقال ابْنُ خالويه: العوام وكثيرٌ من الخواص يقولونَ: (في الكُلِّ والبعضِ)، وإنَّما هو (كلٌّ وبَعْضٌ)، لا تدخلُهما الألفُ واللَّامُ، لأنَّهما معرفتان في نيَّةِ الإضافةِ. أمَّا (غَيْر)، فكَلِمَةٌ غيرُ مُتَوَغِلَّةٍ في الإبهامِ؛ لذلكَ لا تُعَرَّفُ بـ (ألْ التَّعْريِفِ)، ولا تُفيدُها إضافَتُها للمَعرِفةِ تَعريفًا. ومَنْ جوَّزَ الدُّخولَ، اعتمدَ على أنَّه توصَفُ بها المعرفةُ إذا أُضيفَتْ إلى معرفةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿غيرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهم﴾.

وقالوا: يجوزُ أن يدخلَها ما يعاقبُ الإِضافةَ، وهو (ألْ التَّعْريِفِ)، والحقُّ أنَّ إضافةَ (غَيْر) إلى المعرفةِ ليسَتْ للتَّعريفِ، بل هي للتَّخْصيصِ، و(ألْ التَّعْريِفِ) لا تفيدُ تخصيصًا، فلا يمكنُ التَّعاقُبُ .

ومنَ الألْفَاظِ التي لا تدخلُها (ألْ التَّعْريِفِ):  (كافَّةً)، و(قاطبةً)، و(طُرًّا)، فهذه الألفاظُ الثَّلاثةُ لا يجوزُ بالإجماعِ دخولُ (ألْ التَّعْريِفِ) عليها لأنَّها لا تقعُ إلا أحوالًا.

وإذا اقترَنَ(اسْمُ التَّفْضِيلِ، أَوْ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ) بـ(أَلْ التَّعريفِ)، أو أُضِيفَ، امتنعَ اقترانُهُ بِمِن: (رآني الرَّجُلانِ الأفضَلانِ)، و(زَيْدٌ أفضَلُ النَّاسِ)، وثُنِّيَ وجُمِعَ وذُكِّرَ وأُنِّثَ [رغمَ أنه يلزمُ الإفرادَ والتَّذكيرَ في حالِ عدَمِ اقترانِهِ بـ(ألْ التَّعْريفِ)]: (جاءَ الرَّجُلانِ الأفضَلانِ والمرأتانِ الفُضْلَيانِ).

وفي حالِ تعريفِهِ بـ(أل التّعريفِ)، وَجَبَتِ المُطابَقَة: (الرَّجُلانِ الأَفْضَلانِ والمرأةُ الفُضْلى).  أما إذا أُضِيفَ إلى معرفةٍ، جازَ فيه الأمْرانِ: (اليوسُفانِ أفْضَلُ أو أفضَلا القومِ)، وإذا أُضيفَ إلى نَكِرَةٍ لزِمَ الإفْرادُ والتَّذْكيرُ: (يوسُفُ أَفْضَلُ رَجُلٍ، وليلى أَفْضَلُ امْرَأةٍ، وهما أَفْضَلُ رُفَقَاءَ). 

مكتبة الدراسة:

  • د. إيمان بقاعي: الأثير في الإعراب.
  • محمد خليل الباشا: التّذكرة في قواعد اللّغة العربية.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات