العقيدة … طبيعة فكر وإرث قادة دولة الاحتلال الإٍسرائيلية

05:06 مساءً الإثنين 13 نوفمبر 2023
جلال نصار

جلال نصار

رئيس تحرير جريدة الأهرام ويكلي (سابقا)، مصر

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

طبيعة فكر وإرث قادة دولة الاحتلال الإٍسرائيلية هو فرض الأمر الواقع وبعدين نتفاوض على الأوراق التى فرضها الأمر الواقع الجديد؛ وينتقلون من واقع إلى واقع وقفز دائم للأمام فى خطوات عادة ما تسبق العدو والحليف…

لذا عندما يطالب جو بايدن علنيا من نتانياهو بعدم إحتلال قطاع غزة مجددا أو يصرح انتونى بلينكن بأنهم ضد تهجير سكان قطاع غزة وتوطينهم فى سيناء سيعمل قادة الكيان المحتل أى كانت أسماءهم بعمل العكس تماما فى محاولة لفرض واقع جديد لا يرضى عنه العدو والحليف؛ وعندما يطالب الحلفاء بحل الدولتين تتزايد وتيرة بناء المستوطنات وقطع التواصل بين أوصال الدولة الفلسطينية المحتملة فنجد الضفة الغربية وقد توسعت فيها المستوطنات والمستوطنيين حتى وصل عددهم إلى 850 الف مستوطن لفرض واقع يسبق أى جلوس على مائدة التفاوض؛ إما أن يتم توظيف هذا الواقع الجديد فى صالح المخطط و الحلم الصهيونى بدولتهم التاريخية أو الحصول على تنازلات ومقابل يفوق نسبيا تاجيل الحلم وإعادة جدولة الأحلام والمطامع إلى مرحلة جديدة يكون فيه العدو قابل للإنهيار الذاتى والتحلل وفقدان القدرة على ردة الفعل…

و لمزيد من فهم طبيعة تفكير هؤلاء القادة من الجيل المؤسس و حتى الآن أنهم يدركون جيدا طبيعة تفكير العدو والحليف؛ فهم يعرفون كيف يبتزون الحليف مع كل أزمة وإستحقاق إنتخابى ويوظفون المال والإعلام لتطويع المواقف؛ وفى التعامل مع العدو الإستراتيجى يتعاملون نفسيا مع الرأى العام والقادة فى ما يصنفونه على أنه معسكر الأعداء ولديهم رؤية واضحة فى تحديد العدو وحجم المخاطر فعلى سبيل المثال عندما يصفون زعيم عربى راحل بأنه كان كنز إستراتيجى فهذا لم يكن مديحا أو نعيا وتقديرا لدوره ولكن يعرفون ردود الأفعال على مدح رئيس من قبل العدو التاريخى وتسليمه للرأى العام والمعارضة وكتاب -على ما تفرج- من أجل تخوينه وما المانع فى أن تمتد كلمات وسطور التخوين لتنال من مؤسسات وكيانات ترتبط بشخص هذا الزعيم أى كان حكمنا على اداءه الداخلى وسياساته…

وتتبع دولة الاحتلال “التى لها مشروع واضح وعقيدة واضحة ومعلنة سرا وعلانية”… وأعلنت منذ 7 أكتوبر وما قبلها عن رؤيتها العنصرية لبنى جلدتنا من الفلسطينيين بأنهم “حيوانات” تتبع وتعتمد على تسريبات قد تكون حقيقية وقد تكون أيضا مختلقة تهدف إلى حرق شخصيات وكيانات ودول وجماعات وتسليمهم للرأى العام العربى المتقلب بغية شق الصف وزيادة الاحتقان والفتنة والتنابز بالألفاظ بين الشعوب العربية بحيث يظل معسكر الأعداء الإفتراضى منقسما ومع تراكم المواقف والمعارك الكلامية يتحول إلى معسكرات ومواقف متناقضة ومتقاطعة لا تجتمع يوما على موقف ضد إسرائيل…

لذلك طالبت دائما بوضوح الرؤية فى تشكيل وتكوين وبناء عقيدة الشعوب العربية وخاصة الشعب المصرى؛ وذلك بتحديد التهديدات والمخاطر والعدائيات بشكل واضح وبصورة لا تقل عن تشكيل عقيدة الجيوش المحاربة وذلك بالإبتعاد عن الكلمات والتعبيرات الفضفاضة والتورية والتلميح؛ وترتيب تلك العدائيات والتهديدات والمخاطر؛ وذكرت فى أكثر من مقال وتحليل وبوست بأهمية المقاومة فوق الأراضى العربية المحتلة وإختراعها إن لم تكن موجودة وأن تكون شرسة تستنزف هذا العدو أى كان توجهها العقائدى والأيديولوجى طالما توجه سلاحها صوب المحتل وجيش الاحتلال ولا تتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية؛ وأن تعمل على جعل كل مكونات دولة الاحتلال مؤسسات وأفراد يدفعون فاتورة وثمن الاحتلال؛ وأن لا يكون الاحتلال والمطامع مجانى و دون مقابل كبير ومؤلم خاصة مع عدم وضوح الرؤية بين ما هو مدنى وما هو عسكرى لان المستوطنة غير شرعية ومن يقطنها لا تنطبق عليه صفة المدنى الذى يجب أن يتمتع بالحصانة والحماية القانونية؛ لان فكرة المستوطنات وطبيعة بناءها وإنتشارها فكرة أمنية عسكرية سأشرحها فى بوست لاحق بالتطبيق على ما يطلق عليه “مستوطنات غلاف غزة”…

رجاء؛ يا ريت من يتكلم بأسم الشعوب العربية ويمثلها ويخاطب الرأى العام بقلمه او بصوته وصورته يعبر عن هذا الواقع ولا يلتف حوله؛ وأن يكون قد قرا كام كتاب وجهد علمى وبحثى حقيقى ويسيبه من كتب الرصيف مجهولة الهوية وعديمة القيمة العلمية والبحثية عن تلك العقلية الصهيوينة وأهمها بالنسبة لى مجلدات “العسكرية الصهيونية؛ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية: النشأة والتطور” والتى كانت باكورة إصدارات الوحدة العسكرية لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام فى زمن الأستاذ هيكل وأِشرف عليها عظماء من أمثال الراحل العظيم الذى تشرفت بالجلوس فى حضرته قبل رحيله المؤرخ العسكرى واللواء حسن البدرى واالواء والسفير والمثقف الراحل اللواء/ طه المجدوب الذى قام بإعداد مادة البحث ضمن فريق عمل كبير من العسكريين والإستراتيجيين الكبار عن حق… وبرعاية شخصية من الرئيس جمال عبد الناصر فى بداية طريق إستيعاب درس هزيمة يونيو 1967 وأهمية الأخذ بالأسباب وبناء الجيش ومقاومة الاحتلال وتصويب الأخطاء بالعلم والبحث والعمل فى أطار مشروع بحثى كبير وممتد صدر بعد رحيله بعامين تمهيدا لنصر كبير تحقق فى السادس من أكتوبر 1973…

وسيبكوا من كلام المصاطب و ابو حمالات وغيره ممن يخاطبون الرأى العام وتثبيطه تمهيدا لارض وميدان المعركة كى تكون ممهدة ومهمة سهلة وبسيطة للأعداء و دون أعباء أو ثمن عن قصد أو دون قصد الله اعلم بنيتهم أو بجهلهم…

“… مجرد الاحساس بأن الرسالة قد وصلت يعطى هذا الشعور بالراحة. حتى إذا تركها المرسل اليه ولم يفتحها… حتى إذا فتحها ولم يقرأها… حتى إذا قرأها وأختلف رأيه معها… مجرد وصول الرسالة يعطى الشعور لصاحبها بأنه قال كلمته ومشى !”… من تقديم الأستاذ محمد حسنين هيكل للمجلد الأول من مجلدات العسكرية الصهيونية…

صباحكم خير وأمل ويقظة…

جــــلال نصـــار

كاتب فيسبوكى

القاهرة 13 نوفمبر 2023م

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات