مجلة أقلام عربية: قصة البيت الروسي في اليمن

07:50 صباحًا الإثنين 24 يونيو 2024
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

العدد التسعون من مجلة (أقلامٌ عربية)، يتصدر غلافه صورة الدبلوماسي كريم حكيموف، أول سفير للاحاد السوفيتي إلى اليمن، في عرض لسنوات تأسيسه البيت الروسي في صنعاء، كما جاءت سيرته في كتاب للديبلوماسي الروسي أوليج أوزيروف، وهو الكتاب الذي ترجمه د. محمد نصر الدين الجبالي، ود. عادل محمد صديق، ويحكي فيه المؤلف، سيرة كريم عبدالرؤوفوفيتش حكيموف، أول سفير من الاتحاد السوفيتي إلى اليمن.

تشمل أسرة (أقلامٌ عربية) كلا من سمر الرميمة، رئيسة للتحرير، والشاعر الدكتور مختار محرم، مديرا للتحرير، والمبدعين علي النهام (نائب مدير التحرير)، نوار الشاطر (سكرتارية التحرير)، منصر السلامي (إدارة النشر)، وصدام فاضل ومحمد الجعمي (العلاقات العامة)، والمحررين رنا رضوان، ياسين عرعار، كريمة خليل، وليلى مهيدرة، ومسؤول الموقع الإلكتروني م. فرج الحاضري، والمخرج الفنان حسام الدين عبدالله.

تستهل المجلة موضوعاتها بنشر محاضرة الفنانة التشكيلية د. آمنة النصيري في القاهرة، والتي استضافها المركز الثقافي اليمني هناك، وكان عنوانها تحولات الخطاب التشكيلي في تجارب الفنانين الشباب.

يتساءل جودت هوشيار (من هو الكاتب الحقيقي)، ويكتب رحمن خضر عباس عن رواية الكاتب الفائز بجائزة مان بوكر الدولية لعام 2015، لاسلو كراسنا هوركاي (تانغو الخراب). أما محمد الحميدي فيدخل بقارئه إلى العوالم المتناقضة، ونظرية  أفلاطون المنسية. فيما يبين أديب باي (تمظهرات الوعي الإيدلوجي في الشعر اليمني المعاصر)، وتدرس فاطمة موسى وجى (قضايا الاشتغال المعرفي من منظور السيكولوجيا المعرفية)، فيما يسمعنا لؤي العزعزي الشاعر الفضول، مجدد  الأغنية اليمني، ورب المواقف الوطنية، الذي ينشد:

ليس منا أبدًا من مزقا       ليس منا أبدًا من فرّقا

ليس منا أبدا من يسكب النار في أزهارنا كي تحرقا

جرأة التناول، واختزال الفكرة، في مجموعة “الأصفر ليس سبونج بوب، هو عنوان مقال الغربي عمران. أما مصدق الحبيب فيكتب عن الواقعية الاشتراكية: أيديولوجيا أم أسلوب فني؟ ويتذكر الدكتور عبد الحكيم با قيس رحلة أبيه مع الحجيج، بينما يوصينا أحمد السلامي ألا نسمع الموسيقى الحزينة، ويكتشف محمد السالم نواري مشاهد بلاغية في العامية الجزائرية، ويكتب صالح شوربجي عن أطلال رؤية العدم، ويقرأ حسن أجبوه ابن أحمد التوانرات الشخصانية ومعالم البطولة المتعثرة في رواية (شعبان في خبر كان) للروائي المصري متولي بصل، وفي رحاب الأدب يكتب محمد ناصر الجعمي عن (عودة النوار)، ويحدد الدكتور  حيدر علي الأسدي (التعبوية القصدية في اللجان النقدية لمهرجانات الفن والأدب)، ويتناول ناجي جمعة في قراءة نقدية دقة الوصف في رواية (ولد الدفعة)، للروائي عيسى مبارك.وفي الأدب الشعبي، بزاوية شاعر وقصيدة، يذكرنا وليد المصري بالشاعر أحمد مجيديع المرادي،  وأخيرا يكتب جمال أنعم (في مقام إبراهيم حين يتخطفك الطواف.

في الفنون يقدم أمين الميسري (خواطر أغنيات يمنية)، وتعرض مجلة (أقلامٌ عربية) أعمال الفنان ماجد الهمداني، كما تقدم عددا من النصوص الأدبية العربية والمترجمة.

من (قصة البيت الروسي في اليمن) نقرأ: ” بعد توقيع المعاهدة السوفيتية اليمنية تم افتتاح مكتب تمثيل عام لمؤسسة “بليج فوست غوستورج” في مدينة الحديدة الساحلية، وهي هيئة حكومية تعمل في مجال التجارة مع بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا. وبرغم كل ما لديه من رغبة في تعزيز قوته في وجه الإنجليز إلا أن الإمام يحيى لم يوافق على افتتاح بعثة تمثيل دبلوماسي سوفيتي حتى لا يتجاوز “الخطوط الحمراء” غير المعلنة في علاقاته مع لندن القوية، والتي كانت العلاقات معها، كما ذكرنا، متوترة للغاية بالفعل. سرعان ما تم افتتاح مكتب تمثيلي لهذه المنظمة في عاصمة البلاد صنعاء، وكان يقع في حي بير العزب، ومقره بيت الخرازي. وكان السكان المحليون يطلقون عليه “البيت الروسي”.

 كان الاتحاد السوفيتي يقوم عبر هذه المؤسسة بتوريد مجموعة كبيرة من السلع إلى اليمن: السكر، والحبوب، والدقيق، والكيروسين، والمنتجات النفطية الأخرى، وأعواد الثقاب، والأواني، وزجاج النوافذ، والصابون، والأقمشة، والخيوط، والعسل الأسود، والمياه المعدنية، والأطعمة المعلبة، ومنتجات النشا، والأخشاب، والحبال، والسماور الروسي (أوعية إعداد الشاي)، والشموع، والخزف، والأواني الفخارية، والإسمنت؛ بينما كان يشتري منه المنتجات الجلدية، والبن اليمني، والبذور…

 وصل كريم حكيموف إلى اليمن برفقة زوجته وابنته فلورا (كان عمرها آنذاك عامين فقط) في يونيو 1929. عندما وطئت قدماه مدينة الحديدة كانت شبه مدمرة من جراء القصف البريطاني، فكان الدخان لا يزال يتصاعد من بين أنقاض مبانيها، وكانت آثار دماء القتلى في الشوارع والطرقات لا تزال رطبة، ما يعني أن الجثث رفعت من الشوارع للتو. ومع ذلك كان استقبال الممثل السوفيتي استقبالًا مهيبًا. وقد استطاع في أول حفل استقبال أقيم على شرف وصوله في الحديدة أن يبهر الجمهور من السكان المحليين والأجانب بلباقته وتبسطه في الحديث معهم، وانفتاحه عليهم وصدقه وإلمامه بالكثير من اللغات، ومن بينها الفرنسية، تلك اللغة الأوروبية المعقدة والتي كانت في ذلك الوقت لغة التواصل الدبلوماسي الرئيسية، والتي كان قد تعلمها بشكل عرضي في جدة، لكنه تعلمها بشكل جيد للغاية. إذ تحتوي المحفوظات (الأرشيفات) على رسائل كان قد كتبها باللغة الفرنسية. كان يكتب فعليًا بدون أخطاء، وإن هذا لمثال يحتذى في التعلم الذاتي!

جاء حكيموف إلى اليمن وهو يحمل معه هدايا سخية. فقد أحضر معه سروجًا للفرسان والتي كان هو نفسه يحبها كثيرًا وكان خبيرًا بها منذ زمن الحرب الأهلية.  كتب نعوم بيلكين إلى موسكو يقول: “إن هذه السروج قد تركت أثرًا كبيرًا في الملك وفي الآخرين”. فبحلول ذلك الوقت لم يكن حاكم محافظة تهامة سيف الإسلام محمد (بن الإمام يحيى) يملك سرجًا واحدًا يليق به وبمكانته. ونظرًا لعدم وجود سروج كافية فقد أهدوا الأمير سرجًا من مخزن البعثة التمثيلية هناك.

كريم حكيموف في صنعاء

بالإضافة إلى السروج أحضر كريم حكيموف معه هدية من ميخائيل كالينين، الرئيس الفخري لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، عبارة عن إبريق فضي، وهاتف آلي، ومياه معدنية ماركة “بورجومي”، و”نارزان”، والكافيار الأسود (كان نعوم بيلكين هو من أصر بشكل خاص على الكافيار كأفضل هدية، متوقعًا أنه سوف ينال إعجاب كبار المسؤولين اليمنيين).

بعد ذلك واصل حكيموف طريقه إلى العاصمة اليمنية صنعاء التي كانت تبعد حوالي 200 كم عن مدينة الحديدة. في ذلك الوقت كان المسافرون يقطعون المسافة إلى العاصمة على ظهور البغال، وكانوا يسيرون في اليوم مسافة تصل إلى 30 كم. وكانوا يسمون هذه المسافة التي يقطعونها في اليوم الواحد سيرًا على الأقدام أو على ظهور الدواب “مرحلة”. وكانت الرحلة من البحر حتى العاصمة تقسم إلى سبع مراحل، أي يتطلب الأمر أسبوعًا للوصول إلى العاصمة. وكان ليحدث ذلك مع حكيموف لولا أنه قطع جزءً من المسافة بالسيارة.

الطريق إلى صنعاء

كان استقبال كريم حكيموف مهيبًا ورائعًا، على الرغم من أنه رسميًا لم يكن سوى ممثل تجاري فقط. عند أسفل جبل عسير، قبيل آخر ممر جبلي في الطريق إلى صنعاء، كان في استقباله ممثل الإمام يحيى – القاضي أحمد الأنيسي.

حكيموف عازفا في صباه

سار حكيموف برفقته إلى العاصمة اليمنية في حراسة جماعة من فرسان الحرس الشخصي للملك. وعبر بوابات المدينة المفتوحة على مصراعيها، والتي اصطف خلفها حرس الشرف – وقد كانت صنعاء في ذلك الوقت محاطة بأسوار عالية – دلف مبعوث بلاد السوفييت إلى تلك المدينة العتيقة. في ذلك اليوم نفسه قام رجلان من خاصة الإمام، وهما القاضي عبد الله العمري (الوزير الأكبر أو رئيس الحكومة) والقاضي محمد رجب، مسؤول الشؤون الدولية (في ذلك الوقت لم يكن هناك وزراء في اليمن، بما فيهم وزير للخارجية، حيث كان الإمام هو من يتخذ جميع القرارات بنفسه) بزيارة بروتوكولية إلى كريم حكيموف.


اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات