لا تسأل عن عزرائيل!

07:26 مساءً الأربعاء 16 يناير 2013
مصطفى شحاته

مصطفى شحاته

صحفى مصري، يعمل سكرتيراً لتحرير جريدة "التحرير"، مصر.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

إذا قُدر لك أن تكون مصريا فاطمئن.. «عزرائيل» ملك الموت يحوم حولك.. يتربص بك فى كل مكان.. يحاول أن يَجرك للقبر ويخلصك من حب الحكومة الزائد عن حده لك.. هذا إن كنت لا تريد الموت، فما بالك لو كنت تبحث عنه وتعتقد أنه خلاص من «النهضة ورجالها»؟!.. وبما أنك مصرى- معلش للتأكيد بس- فخيارات الموت كثيرة وإليك بعض منها:

فى بيتك أنت تسكن فى عمارة تفتقر إلى إلى شروط الأمن والسلامة تماما، فأسمنت الخرسانة أقل كثيرا مما هو مطلوب، وحديدها أيضا، فمرسى رفع كل الأسعار، ثم أوهمنا أنه تنازل عن هذا القرار، لكن تعاملاتنا اليومية تقول بالطبع عكس ما يدعيه «أبو أحمد».

إذن العمارة معرَّضة للسقوط فى أى وقت بفعل هذا النقص أو بهزة زلزالية تكاد لا تؤثر فى كوب ماء على «ترابيزة».. وبالتالى لا تسأل أين عزرائيل؟!

تنزل من بيتك فتجرى وراء أوتوبيس يتعمد سائقه ناقص العقل والدين أن لا يقف فى المحطات الرسمية فتدهسك سيارة قادمة من الخلف.. ولا تسأل أين عزرائيل مرة أخرى؟.. فى الشارع تسير محاولا أن تُظهر فرحك بمشروع النهضة فتخبط يدك فى عمود نور مكهرب فيلبس فيك عزرائيل مباشرة.

ركبت القطار- لن يفرِق كثيرا من أسيوط أو البدرشين أو حتى من الإسكندرية- إذن أنت على موعد آخر مع عزرائيل وفى السفر خياراتك كثيرة لمقابلته.. لو ركبت القطار العادى فالزحام كفيل بك، ولو كان مكيَّفا فالتكييف لن يعمل والحَر ونقص الأكسجين يسرعان بك لمقابلته، وقد «يخبط» القطار فى آخر وتنعم بالموت مع مئات آخرين، ولو كنت «زى القطط بسبعة أرواح» ولم تمت من الحر ونقص الأكسجين فاطمئن أكثر، إذ القطار سيصطدم بأوتوبيس يستقلُّه قريب أو صديق لك عند أى مزلقان، ليؤكد لك عزرائيل أنه يحبك ويريد أن يقرب بينك وبين أصدقائك.

ذاكرت الميكانيكا طوال عام ليل نهار، وحفظت كل الملخص فيها وغير الملخص، وذهبت للامتحان لتجد وزير التعليم يتربص بك ويأتى بالامتحان من كتاب اللغة العربية، فتقرر أنت أن تريح نفسك وتسرع من البلكونة لمقابلة عزرائيل وتوفر عليه هذه المرة أن يأتى إليك.

أنت من المسلمين، لا من الكفار- كما يصفهم الإخوان- فتقرر السفر إلى الحج هذا العام لتغسل نفسك من الذنوب والآثام، وتركب العبَّارة التى ما إن تدرك أن قبطانها توسط بها عُرض البحر حتى تخلع عباءتها وتنزل فى قاعه وتتركك وحيدا فى مقابلة عزرائيل.

تعبتَ من عملك طوال اليوم، وقررت أن تأكل «سندويتش».. أيًّا كان فعزرائيل ينام بداخله، إن كنت لا تصدقنى فكل ساندويتش كبدة أو فول ومش هقولك «سى فود».

طرق مقابلة عزرائيل كثيرة، وإن كنت لا تريد الاختيار فحتما، أحدها سيختارك.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات