سكك حديد مصر: كوارثها لن تكون الأخيرة

06:00 صباحًا الإثنين 21 يناير 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

رأى خبراء ان منظومة السكك الحديدية فى مصر تحتاج إلى تغيير جذري شامل لن ينفع معه الترقيع، يتضمن ادارة جيدة تملك ارادة التطوير وقدرة على توفير التمويل، واجراء عمليات صيانة دورية، ورفع مهارة التشغيل عند العاملين، واستخدام الاشارات الكهربائية لتقليل الاخطاء البشرية.

وحذروا من ان حوادث القطارات التى حدثت مؤخرا وأوقعت مئات القتلى والمصابين لن تكون الاخيرة فى حال بقاء منظومة السكك الحديدية على حالها الراهن.

ولقى 23 مصريا مصرعهم واصيب 107 اخرون فى حادثي قطار اواخر الاسبوع الماضى، الاول وقع في مدينة البدرشين بمحافظة الجيزة بسبب انفصال عربتين أثناء سير القطار ووقوعهما على شريط السكة الحديد، والثاني فى منطقة ارض اللواء بنفس المحافظة اثر تصادم قطار بسيارة تاكسي.

واليوم اصيب ثلاثة اشخاص فى تصادم سيارة ميكروباص بقطار فى محافظة المنيا جنوب القاهرة.

جاء ذلك امتدادا لسلسلة حوادث كبرى وقعت فى الشهور الاخيرة وكانت القطارات العنصر الرئيسي فيها، ففي نوفمبر قتل 52 شخصا، غالبيتهم من الاطفال في حادث اصطدام قطار باتوبيس يقل تلاميذ بمعهد ديني في محافظة اسيوط جنوب القاهرة، استقال على اثره وزير النقل محمد رشاد المتيني.

ووقع هذا الحادث بعد اسبوع من تصادم بين قطارين في محافظة الفيوم جنوب غرب القاهرة اودى بحياة اربعة اشخاص واصيب 30 اخرون.

وعزا الدكتور هشام عرفات مهدي رئيس قسم الهندسة الانشائية بجامعة المستقبل كثرة حوادث القطارات إلى توقف عملية تطوير واعادة هيكلة السكك الحديدية بعد الثورة.

وقال عرفات، الذى عمل مستشارا لوزير النقل الاسبق علاء فهمي، ان السكك الحديدية فى مصر شهدت “حالة جمود” منذ عام 1991 وحتى 2007 حيث ظلت خلال هذه الفترة بدون اى تطوير بسبب الظروف الاقتصادية وتخبط الحكومات المتتالية التى كانت تدرس خصخصة هذا القطاع ثم تراجعت ما ادى إلى تأخر ضخ الاستثمارات وتطوير السكك الحديدية.

واضاف ان الحكومة بدأت فى عام 2007 تتنبه إلى ضرورة تطوير وتحديث السكك الحديدية، فقامت وزارة النقل باعادة هيكلة السكك الحديدية عبر شراء جرارات متميزة من امريكا بتمويل قطري – ليبي، واجراء تطوير للجرارات القديمة والمزلقانات وتدريب العاملين بالسكك الحديدية.

واشار إلى ان هيئة السكك الحديدية حققت فى 2010 اعلى نسبة ارادات لها وحققت ارباحا للمرة الاولى كما جذبت حوالي 40 فى المئة من عمليات نقل البضائع ما خفف العبء عن الطرق وبالتالي انخفضت حوادث المرور، وذلك خلافا لما يحدث حاليا.

وتابع “لكن بعد ثورة 25 يناير 2011 توقفت عمليات التطوير بسبب ضعف الاعتمادات المالية وحالة الانفلات والفوضى التى شهدتها البلاد والاحتجاجات العمالية”.

واوضح ان منظومة السكك الحديدية تتكون من خطوط سكك الحديد، والعربات، والتحكم فيها عن طريق الاشارات، لافتا إلى ان تطوير الخطوط لم يحدث فى مصر منذ قرابة 40 عاما، وتحتاج إلى اعادة هيكلة بينما توجد عربات غير صالحة.

وشدد على ضرورة اجراء صيانة دورية لعربات القطار قبل بدء العمل مباشرة ، مشيرا إلى ان ذلك لا يحدث فى الوقت الراهن لغياب الخبراء .

واعتبر ان نقص التمويل السبب فى عدم اجراء الصيانة اللازمة مجرد ” شماعة” لتعليق الفشل عليها ، مشيرا الى انه فى عام 2010 كانت الاوضاع اسوأ من الان فى ظل الازمة الاقتصادية العالمية انذاك ومع ذلك جرى تطوير السكك الحديدية، منوها بان لو قامت هيئة السكك الحديدية التى لديها ” طاقات مهدرة” بادارة اصولها لحصلت على تمويل جيد.

واوضح ان تحديث هذه المنظومة يحتاج إلى ادارة جيدة تملك ارادة التطوير، واجراء عمليات الصيانة، ورفع مهارة التشغيل عند العاملين، واستخدام الاشارات الكهربائية لتقليل الاخطاء البشرية.

وأضاف ان منظومة السكك الحديدية تحتاج إلى تغيير جذري شامل ولن ينفع معها الترقيع وإلا فان الحوادث التى وقعت مؤخرا لن تكون الاخيرة.

وقال انه لو تم استكمال عمليات التطوير التى كانت تجرى قبل الثورة ستحدث طفرة فى السكك الحديدية وسنشعر بالتطور فى غضون خمس سنوات.

ولفت إلى ان سرعة القطار فى الخارج وصلت الى 400 كيلو متر فى الساعة بينما لم يتعد فى افضل المناطق بمصر 120 كيلومترا فى الساعة جراء ضعف كفاءة الجر، لان بعض خطوط سكك الحديد لا تتحمل الاحمال الثقيلة والسرعات العالية.

من جهته، عزا المهندس مصطفى قناوي رئيس هيئة السكك الحديدية السابق تعدد حوادث القطارات الى الاخطاء البشرية وعدم اجراء الصيانة اللازمة بسبب نقص التمويل.

وقال قناوي، لـ((شينخوا))، ان الحادث الذى وقع فى نوفمبر الماضى فى اسيوط وقتل فيه حوالي 50 طفلا كان بسبب خطأ بشري حيث لم يغلق العامل المزلقان ما ادى الى تصادم القطار مع اتوبيس.

يذكر ان قناوي استقال مع وزير النقل انذاك رشاد المتيني عقب هذا الحادث مباشرة، مضيفا انه طالما نعتمد على العنصر البشري بشكل كبير فى منظومة السكك الحديدية فان الاخطاء واردة، مشيرا فى ذات الوقت إلى أن هيئة السكك الحديدية تعاني بدون شك من ضعف التمويل والاستثمارات وهو امر اثر بشكل سلبي للغاية على عمليات الصيانة وشراء قطع الغيار.

واوضح ان الهيئة كانت تلجأ إلى الترقيع لانه ” مفيش تمويل لشراء قطع الغيار الاصلية”، واكد انه لابد من تحويل نظام تشغيل القطارات من النظام اليدوي إلى نظام الاشارات لان ذلك من شأنه تقليل الاعتماد على العنصر البشري وبالتالي تقليل الاخطاء .

ودعا إلى ضرورة الاسراع فى اجراء عمليات الصيانة للسكك الحديدية التى اعتبرها شريان رئيسي للنقل فى مصر لا يمكن الاستغناء عنه.

واوضح ان الهيئة تملك خطة لتطوير السكك الحديدية لكن كان ينقصها التمويل الذى بدأ يتوفر مؤخرا من خلال الحكومة التى ” بدأت الاهتمام بالسكك الحديدية وتوفير الاعتمادات المالية ” للصيانة.

واشار إلى أن ” تطوير السكك الحديدية سوف يأخذ وقتا طويلا، ولن يحدث بين يوم وليلة “، مشيرا إلى أن الهيئة سوف تبدأ فى تطوير خط مصر – اسكندرية بقرض من البنك الدولي بحوالي 270 مليون دولار، وخط بنى سويف – اسيوط من خلال قرض بـ300 مليون دولار

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات