الحالة الغريبة للمستشار أحمد مكى تجعلك تضرب كفاً بكف، وتراجع قناعاتك وثقتك بالآخرين؛ لأن التجارب تثبت أن الكل، تقريباً، يتغير فى الرحلة من النضال إلى الكرسى أو المنصب، والكل، على ما يبدو، يتحول تلك التحولات التى تليق بأفلام الخيال العلمى أو هرتلة الفنان البوهيمى إذا غاب عن الوعى.

لن أكرر كل الانتقادات التى وجهها كثيرون لوزير العدل، والتى فشل فى الرد عليها بنجاح ساحق، والتى ينام مرتاح الضمير بعدها لأنه أقنع نفسه أنه يؤدى مهمة وطنية رغم أنه يعلم أن الله هو العدل المطلق وأنه لن يقبل تبريرات من هذا النوع بالمرة؛ حيث لن تشفع لسيادة المستشار نواياه الطيبة أو ما يظن أنه الصواب فى مواجهة ملايين يشعرون ويرون ويؤكدون ويثبتون مع عديد من مواقفه أنه خطأ.

فقط سأتحدث عن واقعة واحدة، لن أعود بعدها لاحترامى لهذا الرجل بعيداً عن نضاله القديم الذى يبدو أنه نضال انتقائى يمارَس ضد أشخاص وليس وفق مبادئ.

فقط سأتحدث عن تصريحات وزير العدل عن وفاة الناشط محمد الجندى؛ حيث خرج «مكى» متحدثاً عن سبب وفاة الناشط رجماً بالغيب، أو ربما توجيهاً لسير العدالة، ورسالة واضحة للطبيب الشرعى الذى سيكتب التقرير، والذى كان مذعوراً وهو يرد على أسئلة صديقنا الإعلامى يوسف الحسينى عن التقرير، ليظهر أن الرجل مغلوب على أمره، وأن التقرير الذى ننتظر صدوره مشكوك فيه قبل أن يصدر، فقط لأن وزير العدل استبق التقرير واستبق العدالة وحدد وجزم بسبب الوفاة، وكأنه قام بتشريح الجثة بنفسه، وكأنه كان سائق السيارة التى ادعى أنها صدمت «الجندى»، وكأنه يملك تقريراً معداً بالفعل يتلو منه.. «طب ما تتله» يا سيادة المستشار.

اتله يا وزير العدل.

اتله يا أحمد يا مكى.

ثم أخبرنا، برأيك يا وزير عدل مصر، يا خليفة ممدوح مرعى، يا أيها المناضل القديم، يا أحد رموز تيار الاستقلال، يا من يجب أن ترفض الظلم، يا من رضيت بأن يأتى النائب العام بهذا الأسلوب، يا من وعدت بحل الأزمة فى جلستك مع وكلاء النيابة ثم تراجعت، يا شقيق نائب الرئيس السابق ووالد الشاب الجميل الذى أُعير لقطر.. أخبرنى بالله عليك ما رأيك فى الشاهد الذى ظهر مؤكداً موت «الجندى» بسبب التعذيب فى الجبل الأحمر، وهل لديك تقرير عن الشاهد هو أيضاً؟ فلو كانت الإجابة بنعم فاتله يا سيادة المستشار.

اتله سامحك الله.

Tweet