الاسم: خيرت.. والمهنة: مرسى

09:36 مساءً الأربعاء 20 فبراير 2013
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

كان ذلك قبل الانتخابات الرئاسية بأيام. دخل مرسى القناة الفضائية بصحبة عدد محدود من معاونيه، على رأسهم أحمد عبدالعاطى، ولأن إعلانات المحطة كثيرة، فقد كان أمام فريق عمل البرنامج اختياران، إما أن يبدأ الحوار لكن يقاطع بين الحين والآخر بفاصل يجعل مشاهدته مملة، وإما أن تحاول تكثيف الإعلانات فى الـ running order ليحرق الفواصل بلغة المخرجين، ثم يقدم حواراً طويلاً لا تقاطعه فواصل إعلانية، ولذلك تأجل ظهور مرسى حوالى ربع ساعة، خرج فيها عبدالعاطى عن شعوره وهو يشخط فى المعدة المسكينة التى عجزت عن إقناعه بأنها بذلك خدمته، بينما هو راسه وألف مبروك أن هذا استهتار، وعدم احترام للمواعيد، وأنه لن يأتى هنا ثانية، وما إن خرجت البنت حتى لانت عريكته ونظر لمرسى مبتسماً فى فخر وهو يقول: إيه رأيك يا دكتور.. كان لازم يحصل معاها كده، عدل مرسى بنطلونه بحركة عفوية وهو يرفعه ويحكم من غلق الحزام، وهو يبتسم ويقول: تمام أوى كده.

هذا هو فكر واحد من القريبين من مرسى بأوامر من خيرت الشاطر، وهذا هو مرسى نفسه الموجود فى موقعه بدلاً من خيرت الشاطر، وحين احتفل مرسى بعيد ميلاده، ظهر إفيه يقول إن الجماعة ستقدم الهدايا لخيرت الشاطر، ناهيك عن إفيه الاستبن الذى استهلك، والذى لم يعد يسبب أدنى مشكلة للرئيس مرسى، لا قبل الانتخابات الرئاسية ولا أثناءها، ولا حتى الآن وهو يحكمنا.

رجال خيرت الشاطر أشرفوا على إعداد مرسى بتوجيه من خيرت نفسه، لدرجة أن ظهور مرسى فى الفضائيات كان يسبقه إعداد من رجال خيرت الذين كانوا يدخلون ليظبطوا له الكاميرات والكادرات بأنفسهم فى حواراته بعدد من القنوات الفضائية، وفى الكواليس حكاية شهيرة عن رئيس إحدى القنوات الفضائية المصرية الذى طرد معاونى مرسى من الاستديو والجاليرى أو غرفة التحكم حين وجدهم يتعدون على اختصاصاتهم ويوجهون المخرج، فما كان منه إلا أن ثار فيهم وطردهم شر طردة، ولم يستطع أحد منهم أن يعترض.

للرئيس مرسى صلاحيات قليلة جداً فى قصره بالمناسبة، فقد قام بإلغاء المطبخ الرئاسى لأنه، وفق ما صرح به عدد من زواره ومستشاريه، يكبد الدولة مصروفات عديدة، كما أنه يأتى بأكله من بيته معه إلى الرئاسة، وكان يوزع التمر على ضيوفه، مؤكداً أنه سنة عن النبى عليه الصلاة والسلام، بينما يؤكد البعض أن الرجل لشدة تواضعه يأتى بطعامه فى «عمود الأكل» الشهير، أو يضعه فى «حلل بايركس» يحملها معه «أسعد» ابن اخته الذى يعد أحد أقرب مساعديه له، ونائب رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وقد حصل أسعد على موافقة الشاطر قبل وجوده فى مكانه هذا، وظلت الأقاويل تتردد حول اجتماع عاصف جمع مرسى بالجماعة اشتكى فيه من تقييدهم لحركته ليثور ضده خيرت الشاطر مؤكداً أنهم صرفوا عليه حتى يصل لمكانه هذا. ما لم يستطع مرسى أن يرد به لاعتبارات الأقدمية والولاء والطاعة، أن خيرت لم يصرف الـ600 مليون جنيه لكى يصل مرسى للكرسى، بل لكى تحكم الجماعة مصر، ولكى يصبح خيرت الشاطر هو الحاكم بأمره، والممسك بخيوط العرائس الماريونيت التى يحركها كيفما يشاء، مستمتعاً بدوره فى بلد تحول إلى مسرح عرائس كبير. خيرت يتولى ملف الاقتصاد، وملف القصر نفسه، وملف معاونى مرسى من الفريق الرئاسى، ويضع مرسى تحت سمع وبصر رجاله القريبين والمخلصين أمثال عبدالعاطى وأيمن على عن قريب، وغيرهم من طاقم مرسى المقرب، والذين يحصون أنفاسه، لدرجة أن بعض القرارات التى يود اتخاذها لا يستطيع أن يفعلها إلا من خلالهم، ومن خلال تواصلهم مباشرة مع خيرت الشاطر شخصياً، والذى يصدق بالموافقة أو يرفض، وقد أجاد خيرت إدارة الملف لدرجة أن مرسى، والذى رضى عن نفسه بأن يلعب هذا الدور من أجل مصلحة مصر والجماعة كما أوهموه وكما أعطى لنفسه العديد من حقن البنج الموضعى من هذا النوع من التبريرات، لا يستطيع حتى أن ينقلب على الجماعة، لأنهم يحكمون السيطرة عليه بحيث يعرفون نيته قبل أن يفعل، ويحكمون خطواته قبل أن يتخذ قرارات مصيرية. كل مستشارى الرئيس الذين استقالوا، أدركوا هذه الحقيقة، وتيقنوا من أنه لا فائدة من وجودهم، وكل من تعامل مع مرسى عن قرب يعرف الآن، والآن فقط، أنه لا حول له ولا قوة، رجل فاقد للكاريزما والإرادة والإدارة والرغبة فى التفرد والاستقلال بحكمه الذى لم يصل إليه بالإخوان وحدهم، لكن بملايين من المصريين الذين يشعرون الآن بأن رئيسهم هو خيرت الشاطر، لدرجة أن النكتة تقول إن مرسى دخل السينما، فخبط أحدهم على كتفه وقال له: إزيك يا خيرت، ورد مرسى: أنا مش خيرت، ولما تركه وذهب لمكان آخر خبطه مرة أخرى وهو يقول: اطلع من دول يا خيرت، فتأفف مرسى وترك السينما كلها، وأثناء عودته توقف الموكب فى الإشارة، فتوقفت بجانبه سيارة وجد فيها نفس الرجل الذى قال له: يا خيرت يا ابن الذينه.. إنت هنا فى الشارع وسايبنى اضرب فى الراجل اللى هناك.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات