دكتوراه شرفية فى الحقارة

09:52 صباحًا الثلاثاء 19 مارس 2013
محمد فتحي

محمد فتحي

كاتب مصري، وأكاديمي وإعلامي، معد للبرامج التلفزيونية. وتنشر مقالاته في الصحف المصرية والعربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

تعالى أقول لك كيف بدأت الأمور وكيف انتهت..

(1) بدأت بدعوات لبعض الناشطين لرسم الجرافيتى عند مكتب الإرشاد. لا يوجد سبب مباشر لذلك سوى أنها (طقت فى دماغهم)، ولا يوجد مبرر منطقى للتوقيت الذى لم يعقب حدثاً أو اشتباكاً أو تصريحاً مستفزاً، والأقرب منطقية أنه الموعد الذى كانوا (فاضيين فيه)

(2) مكتب الإرشاد (ملكية خاصة) وليس ملكية عامة، والإخوان المسلمون، بنص القانون، جماعة محظورة وغير قانونية ولا تخضع للقانون، لكن العبث أن رئيس الجمهورية منها، وأنه رغم كل شىء لم يأمرهم بتقنين أوضاعهم، وهكذا هم فوق القانون لأنهم يحكمون.

(3) حين تذهب لملكية خاصة لترسم على أسوارها أو بالقرب منها فأنت أيضاً تحت طائلة القانون، كما أن العرف يقول إنك لو جئت تحت (شركتى) أو (مؤسستى) أو (منزلى) لترسم على أسواره أو تسبّنى بالقرب منه فأنت مخطئ، وأنت فعلت، ولذلك سيصدر عنى (رد فعل).

(4) حين تكون أنت من يحكم فأنت مطالب باحتواء الجميع، أو تطبيق القانون على الجميع، ولذلك حين يتجه أحدهم لرسم جرافيتى على أسوارك أو بالقرب منك فى كل الظروف يحق لك اتخاذ رد فعل بمبدأ (الخناقة) الشهير وأسلوب (إمشى من هنا ياض بدل ما نرش ميه)، لكن إذا كنت أنت من يحكم فيجب أن (تحتوى) معارضيك، فلو أساءوا تصبح حجة لك، وحجة عليهم، أو تقوم بتصرف قانونى يحفظ حقوقك، لكن هنا تعالى أقول لك كلمة سر فى ودنك فى رقم (5).

(5) أنت أصلاً فوق القانون يا بنى آدم. ونائبك العام الذى ستبلغه هو نائب عام ملاكى لا يعترف كثيرون به لأنه (واخدها دراع)، وهو غير منصف وغير عادل وغير مؤتمن، ويكفى أنك شخصياً (يا بنى آدم) أخطأت بنزول الاتحادية وأرقت الدماء واشتبكت فلم يقبض عليك أو يحاكمك وطرمخ على البلاغات المقدمة ضدك فعن أى قانون تتحدث؟

(6) نأتى لرد فعلك.. أنت اعتمدت على أن يكون رد فعلك هو (الضرب) و(الخناق) بدلاً من اتباع الخطوات (القانونية) رغم أنك تملك (تظبيط) القانون، لاسيما وأنت أصلاً (تطبخه)، فلماذا العنف وهو نفسه العنف الذى ترفضه إذا مورس ضدك من البلاك بلوك مثلاً؟

(7) نأتى لمرحلة إثبات رجولتك حين استعنت بكتل هرائية على شكل بشر لتجرى خلف المحتجين، وتضربهم وترفع عليهم الكراسى، ودعنا من أحمد دومة الذى يبدو أنه يسبب خرماً ما فى دماغكم رغم أنه أحد المتضامنين السابقين معكم أيام كنتم تحاكمون محاكمات عسكرية، ومع ذلك فدومة بالنسبة لى أحد المراهقين الثوريين غير المتزنين، لكن هل هذا سبب كاف لضربه والاستقواء عليه.. هاتوله واحد قده طيب بلاش افترا.

(8) هنا تتجلى رجولتك وأنت تطوح يدك لتلطم امرأة فى قوة، وهنا يسقط كل ما تتشدق به باعتبارك جماعة إسلامية فى المقام الأول، ليبدو جلياً أنك أحقر من أن تطبق مبادئ الدين الذى تتشدق به، ويدعو الأمر للتساؤل: هل هكذا تعاملون نساءكم؟

(9) الآن دعونى أقدم لكم (الإبداع) فى الحقارة، فهناك من برر ضرب البنت بنفس تبريرات المجلس العسكرى حين عرى ست البنات، وهناك من خاض فى عرضها واتهمها فى شرفها، وهناك من قال إنها حملت «سنج ومطاوى» وشتمت وسبّت، لكن كل هذا كوم واستعانتك بآيات الله و(لويك) لتفسيراتها لتؤكد أنه (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم) تنطبق على هذه الحالة، بل وحين يقول لك أحدهم إن أم جميل حين فعلت أكثر من ذلك مع النبى لم يفعل مثلما فعلتم، والأعرابى الذى بال فى مسجد النبى فنهى صلى الله عليه وسلم عن عقابه واحتواه، حين تقول على كل ذلك إنه قياس خاطئ، فاسمح لى: أنت أصلاً قياس خاطئ بين البشر، وليس غريباً أن أحد أشهر مؤيديك ومقبّلى يدى رئيسك اعتدى على فتاة من قبل (راجع صفوت حجازى).

(10) هناك من وجدها فرصة لإلباس الحق بالباطل وتصوير الأمر خلافاً سياسياً ضيقاً، فقدم صورة شهيرة وفيديو شهيراً لفتاة تقطع هدومها وتصرخ بعد خسارة شفيق على أنها نفس الفتاة التى تم ضربها، وهى مناسبة جديدة لإثبات حقارتك، أولاً لأن ذلك أيضاً لا يبرر ما فعلته من قذارة مع معارضيك، وثانياً لأن البنت مختلفة أصلاً وأنت تعرف، وتواصل كذبك.. كم أنت كبير فى حقارتك!

(11) حتى لو افترضنا أن هناك (فعلاً) خاطئاً، فرد الفعل امتلأ بقدر من (الحقارة) و(السفه) لا يوازى الفعل، وظهر لك (مريدون) على درجة غير طبيعية من (الوضاعة) لتبرر ضرب امرأة، وبدلاً من أن (تلم) الموضوع و(تلم) نفسك وتعتذر، ها أنت تواصل تبريرك وتفسيرك للحقارة.

(12) انتهت الأمور على نقطة سوداء جديدة فى تاريخك، وإثبات حقيقى لأنك غبى، وصدقنى: أنت لا تحتاج لفعل المزيد لكى نكرهك أكثر من ذلك.. أنت كريه، وتكفيك حقارتك.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات