في قارات العالم الستة، وبأكثر من 85 بلدًا طاف الفنان آدم داريوس بمسرحه الإيمائي يعبر بتمثيله الصامت عن تاريخ الإنسانية، وليزور الكويت مع رفيقه الحالي الفنان كازيمير كوليسنيك، كي يقدما لجمهور الفن ملحمة جديدة، تمزج البانتومايم مع الموسيقى، والشعر.
الفنان الأمريكي المخضرم آدم داريوس (ولد في 10 مايو 1930) هو كاتب له 16 كتابا و22 مسرحية، ومصمم للرقص، ومؤد لفن التمثيل الصامت، وهو يعيش حاليا في إسبو، فنلندا. وقد وصفته BBC بأنه “واحد من أكثر المواهب الاستثنائية في القرن العشرين”.
بدأ آدم داريوس مع فن الباليه المعاصر عام 1945، دارسًا، ثم خاض حياته المهنية في عام 1946 مع عروض مسرحية أمريكية وأوربية. ومن بين أعماله الرئيسية مارلين وهو الباليه المستلهم من حياة مارلين مونرو، وعرضت لخمسة أسابيع على مسرح الفنون في لندن، فبراير/ شباط عام 1975. صمم رقصات (طائر النار) للموسيقى سترافينسكي التي قدمها باليه لاس فيغاس، في أبريل 1986.
عام 1967، انطلق آدم داريوس بعيدا عن العالم التقليدي للباليه وانصهر ببوتقة التمثيل الصامت، وخلال السنوات التالية جال بالعديد من البلدان، بما في ذلك: جنوب أفريقيا (1970)، والاتحاد السوفياتي (1971)؛ الفلبين وبابوا غينيا الجديدة وأستراليا (1971)؛ سوريا وإيران وأفغانستان ( 1976) واليابان (1984)؛ وغرينلاند (1998).
حول آدم داريوس عبر مفهوم مسرح الجسد الكثير من الأعمال لأدباء منهم يوكيو ميشيما (1991)، ورامبو فيرلين (1992) وبرج بابل (1993)، بالتعاون مع كازيمير كوليسنيك، ومن آثارهما المشتركة الأخرى ثعبان في العشب، الذي قدم في عمَّان، الأردن (2001).
زميله في العرض الساحر الذي شهده جمهور الفن بالكويت كازيمير كوليسنيك نال تدريبه الأول في مركز MIME، بلندن وكلية لندن للرقص المعاصر، وبعد احترافه الفن طاف بمسارح كوبا، واليابان، وماليزيا، ونيوزيلندا، والبرتغال، مشاركًا آدم داريوس آدم و فرانك آن في عروض الباليه، سواء على خشبة المسرح أو ضمن عروض الإنتاج التلفزيوني، عمل مصمما للرقص، كما فاز بالجائزة الأولى في الكوريغرافيا باسكتلندا في مناسبات عديدة.
من إنتاج كازيمير كوليسنيك أعمال مميزة مثل رصاصة الباليه، وثعبان في العشب في عمان، كما قدم للتلفزيون الوطني الفنلندي برامج مثيرة. وهو أحد أعضاء هيئة التدريس في سيرك لاهتي، وسيرك هلسنكي.
العرض الساحر الذي دعتني إليه مصممة الحلي الجنوب أفريقية إيفون فان زيل بدأ مع أغنية عقرب الجمال ( BEAUTY-SCORPION SONG) وبمصاحبة عازف الكمان لينا توميستو ياريكوسكي. قدم آدم داريوس وكوليسنيك كازيمير صراع الإنسان حين يقع في فخ يمثل مفترق الطرق بين طرفي الشر والخير. وفي أغنية (العقرب)، التي كتبتها ماريتا فيليبس، يمتد هذا الصراع إلى الحياة التي تقارن بتفاحة فاسدة.
تتسع الرؤية مع مشهد آخر في ريبتوار الليلة التي استضافتها دار الآثار الإسلامية، يؤديه كازيمير عن المحيط الشاسع (VAST OCEAN) حيث يمسك الفنان بآنية نحاسية يطرقها على طريقة دق الأجراس في معبد بالتيبت، ليتناثر منها الماء ، رمزا لمياه الروح الإنسانية الباحثة عن شاطيء أكثر أمانا.
تتصاعد الإثارة والمتعة ممتزجتين وأنا أتابع النص في قصيدة ملحمية بعنوان باشو (BASHO) وهو عرض مشترك بين آدم وكازيمير، مستقى من كتابات ماتسو باشو؛ مبتكر قصائد الهايكو اليابانية. هنا تتجلى روح الشعر وهي تصور حياتنا ملقاة في الطريق بين المركب التي غادرناها، طوعًا أو كرهًا، والشاطيء الذي لم نبلغه بعد. أسأل كازيمير في نهاية العرض، كيف يمكن لتلك المأساة أن تولد كل هذه المتعة، فيقول ربما تكون المشاركة الإنسانية بين النص والحياة، بين العرض المسرحي والجمهور.
يتجلى آدم داريوس وهو يتحدث إلى الجمهور في نهاية العرض، لقد سبق صعوده لخشبة المسرح تدريبات لمدة أكثر من ساعتين، للإحماء، والاستعداد، وهو يفعل ذلك لأنه يدرك أن الإخلاص للفن عملٌ شاق.
أمام جمهور متعدد الجنسيات كانت لوحات آدم داريوس تتحدث بلغة عابرة للأبجديات. يقدم فنه سيرة العالم، وتقدم مسيرته رحلة الإنسان حين يريد فيحقق حلمه.
حين بحثت على الإنترنت عن ىسم آدم داريوس، وجدت موقعًا يبيع صورة أصلية له، التقطت في 24 سبتمبر 1973، أمام سفارة دولة الإحتلال الإسرائيلي في لندن. كان آدم داريوس يندد بسياسات إسرائيل، قبل أيام من حرب العبور التي أعادت الاعتبار للشخصية العربية التي قهرت بعد نكسة 1967. بعد نحو 40 عامًا، لا يزال داريوس يبحث عن الحق والجمال، في عالم يعيش نكسة أخرى وضعته في حاوية القبح. فقط داريوس وكازيمير، بالفن والمقاومة، يمنحاننا الأمل، هما ومن يأخذ سبيلهما.
مؤسس جمعية الصحفيين الآسيويين، ناشر (آسيا إن)، كوريا الجنوبية
الرئيس الشرفي لجمعية الصحفيين الآسيويين، صحفي مخضرم من سنغافورة
روائية وقاصة من الكويت، فازت بجائزة الدولة التشجيعية، لها عمود أسبوعي في جريدة (الراي) الكويتية.
آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov
كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.
فاطمة الزهراء حسن
22 مارس, 2013 at 2:36 م
موضوع أكثر من رائع , لأنه يؤكد على أن الفن رسالة لا تتجزأ , فهما يقدمان ماايؤمنان به … إنها قيمة الإخلاص تتجلى في واحد من أرقى الفنون التعبيرية : البانتومايم .
Pingback: Adam Darius – Wikipedia – Enzyklopädie