أضواء المسرح تقهر ظلام السياسة

القاهرة تقف احتراما للفن في افتتاح فعاليات المهرجان القومي للمسرح، لأول مرة منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بمشاركة 30 عرضًا مسرحيًّا محليًا

تحمست كثيرا عند سماع خبر انطلاق فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته السادسة يوم 27 مارس/آذار تزامنا مع اليوم العالمي للمسرح بعدما كرسته اليونسكو يوما للمسرح في أجندتها الثقافية .. وقد جرت العادة أن توجه رسالة يكتبها مسرحيون عالميون وقد كتبها هذا العام المسرحي الإيطالي (داريو فو ) الحائز على جائزة نوبل .

أما سبب الحماسة لانطلاق فعاليات مهرجان مصر القومي للمسرح فهو التحدي الواضح والصريح لما تشهده الساحة الثقافية والفنية المصرية من تهمييش لقيم هي أحد أهم ركائز النهضة الثقافية الحقيقية , فنجد غيابا تاما لأعمال فنية مسرحية كانت أو سينمائية هادفة, مقابل أعمال تلفزيونية دون المستوى ترسخ لقيم هي جد غريبة على مجتمعنا المصري, وهذه الدورة تأتي إستثنائية نظرا لتأجيل الدورة السابقة , ومن ثم تم إضافة خمسة أيام إضافية على الأيام المقررة لتشمل العروض التي لم تتح لها الفرصة للمساركة الدورة السابقة وستقام العروض على مختلف مسارح القاهرة, لتصبح فعاليات المهرجان ممتدة على مدار 15 يوما .. فالمسرح هو مرآة عاكسة للحراك الإجتماعي والسياسي في الوطن..

أما على المستوى المهني والشخصي فقد عادت بي الذاكرة للوراء قرابة العشرة أعوام عندما كنت أقوم بإخراج برنامج ثقافي متخصص في المسرح على شاشة قناة النيل الثقافية المتخصصة , كان الرائد المسرحي العملاق سعد أردش هو من يقوم بتقديمه تحت عنوان (فن المسرح) وقد قدمنا قرابة الخمسين حلقة في سلسلة متخصصة ترصد الواقع المسرحي العربي المعاصر وتستشرف مستقبله , واستضفنا ضمن حلقاته معظم رواد المسرح المصري العمالقة والرواد العرب في المنطقة لاسيما في بلاد الرافدين أو الشام وسائر دول المنطقة التي تعنى بفن المسرح .

الفنان المسرحي الرائد أحمد عبد الحليم

الفنان المسرحي الرائد /أحمد عبد الحليم يترأس المهرجان هذا العام , وكما جاء في كلمته أثناء حفل الإفتتاح الذي عقد بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية :”المسرح هو الحياة , والحياة هي المسرح,فمنذ ظهوره وهو يعمل على التثقيف والتعليم والتطوير , فالمسرح مدرسة كبرى وركيزة من أهم الركائز التي ينبغي أن تدخل في منظومة المجتمع , فمجتمع بلا مسرح ينقصه فقدان الهوية المجتمعية المتحضرة..أرض مصر خصبة لإحثضان فن المسرح ومن خلاله خرج إلينا أعلام وفنانون كبار رووا بعقولهم ودمائهم أرض مصر والعروبة وأصبح لدينا مؤسسات فنية كبيرة وأكاديمية تضخ كوادر استطاعت أن تدعم هذا البناء…. كان من الممكن إلغاء هذه الدورة لكننا أصررنا على إقامة المهرجان كتحد كبير للظروف السياسية التي تمر بها مصر وتثبيتا لمعنى رمزي أن مصر رائدة المسرح العربي, وما أحوجنا أن يكون هذا المهرجان حافزا لمبدعي ثورة 25 يناير المجيدة”.

تكريم رواد المسرح نبيل الحلفاوي، رأفت الدويري، علي سعد، جمال عيد وسكينة محمد علي (الصورة أعلاه، والراحلين كمال ياسين وهناء عبد الفتاح في الافتتاح الذي شهده وزير الثقافة د.محمد صابر عرب, ويرافقه رئيس قطاع الإنتاج الثقافي د.محمد أبو الخير،ورئيس البيت الفني للمسرح ماهر سليم، المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته السادسة علي المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، والتي يرأسها المخرج الكبير أحمد عبد الحليم

(ما الدنيا إلا مسرح كبير) كان عنوان العرض الإفتتاحي القصير الذي قدمه مجموعة من شباب المسرح , فقدموا مشاهد من مسرحيات : إلا خمسة ,سيدتي الجميلة , سكة السلامة .. لمجموعة من كبار فناني ورواد المسرح المصري مثل : نجيب الريحاني , فؤاد المهندس, يوسف وهبي , ماري منيب , بديع خيري , العرض من اخراج / إسلام نجيب .

تتكون لجنة التحكيم من الناقدة المسرحية / نهاد صليحة رئيسا , وعضوية كل من : بهيج اسماعيل , حازم عزمي ,عايدة علام , سلوى محمد علي , كريمة منصور , محمود الألفي , عبد الرحمن زيدان , ناير ناجي , وهي لجنة واحدة لمشاهدة العروض الرسميو وغير الرسمية , أما اللجنة العليا فتتكون من : أحمد عبد الحليم رئيسا للمهرجان , ماهر سليم مديرا للمهرجان , وعضوية كل من :أحمد مجاهد , آمال بكير , انتصار عبد الفتاح , إيناس عبد الدايم , جرجس شكري.

تقام العروض على مسارح : الأوبرا , الهناجر , مركز الإبداع , مسرح الفن , قاعة سيد درويش , مسرح مترو بول , مسرح العرائس , قاعة صلاح جاهين .. وغيرها من المسارح وتستمر فعاليات المهرجان من يوم 27 مارس / آذار حتى 10 إبريل/ نيسان .

من أهم العروض التي رشحتها لجنة المشاهدة للمسابقة الرسمية للمهرجان : ليلى الجنوب , الصعود إلى القلعة, حريم النار , حصريا , عدو الشعب , أنت لسه حر , اسمع ياعبدالسميع , الصندوق الأخير , القطة العميا .. وغيرها من العروض.

على الرغم من تخفيض موازنة المهرجان لهذا العام حتى الثلث عن الدورة السابقة إلا أن التحدي كان في إصرار القائمين على المهرجان على انطلاق فعالياته وتأكيدهم أن رسالة التنوير أسمى وأرفع من محاولات الهدم والتهميش والإقصاء التي تقوم بها حفنة من المتأسلمين تولوا حكم بلد كانت ومازالت وستظل منارة للعلم وقبلة للفن والإبداع .