نوري المالكي: كوريا شريك مهم للعراق

08:48 صباحًا الأحد 7 أبريل 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أجرت وكالة يونهاب للانباء لقاء صحفيا مكتوبا مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد بمناسبة عقد منتدى التعاون الاقتصادي بين كوريا الجنوبية والعراق في الاول من أبريل.

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي

أولا, شكرا لتخصيصكم الوقت لهذه المقابلةمنذ الانسحاب الكامل للقوات الامريكية في كانون الاول 2011 انتهت حرب العراق بالفعل, ولكن ما زالت هناك حالات عنف مستمرة في عدة مناطقهل لكم رجاءا أن تقيموا لنا الوضع الأمني الحالي في العراق.

 المالكي: يشهد الوضع الامني في العراق حاليا بعض التحديات وباستغلال من بعض الاطراف التي لا تريد لهذا البلد ان ينعم بالاستقرار. رغم المحاولات المتكررة لضرب العملية السياسية في العراق من خلال التهديدات الارهابية واستهداف المدنيين ومؤسسات الدولة ألا أن الوضع يبقى طبيعيا. ولقد أثبتت قواتنا الامنية أن لديها القدرات الفعالة لمواجهة الاعمال الارهابية التي تسعى لزعزعة استقرار وأمن العراق بمحاولات جبانة.

 ما هي الجهود التي بذلت من قبل الحكومة العراقية لمعالجة حالة عدم الاستقرار في العراق.

 المالكي: عملنا على تشديد الاجراءات الأمنية والمراقبة اضافة إلى ضبط أمن وحماية الحدود مع دول الجوار لمنع المتسربين الارهابيين من الدخول للعراق. كما أننا نكثف التدريب للتعاطي والاستجابة الفورية لأي أحداث عنف أو هجمات تستهدف المواطنين والمؤسسات. قمنا بوضع خطة طوارئ وتبني حملات توعية لإشراك المواطنين في منع وقوع أي أحداث من شأنها تهديد استقرار البلد, ومن جملة هذه الاجراءات هو تعزيز الدور الاستخباراتي وتعيين ارقام هواتف للطوارئ اضافة الى حماية من يقوم بالإبلاغ عن المشتبهين, وتعزيز وحماية الدور القضائي في العراق.

 يرى العديد من الناس أن التوتر الطائفي الشيعي – السني هو السبب الرئيس وراء عدم الاستقرار والاضطراب الداخلي أرجو شرح افكاركم حول هذه المسألة وكذلك فكرة أو خطة حل هذا النزاع برأيكم.

 المالكي: ليس هناك توتر طائفي بين السنة والشيعة في العراق بل هناك أيادي تعمل على استخدام هذه الورقة كأحد الأدوات لخلق حالة من الاستقطاب وعدم الاستقرار. ويؤسفنا أن نسمع بعض الأصوات التي تهلهل لإشعال الفتنة الطائفية بين أطياف الشعب العراقي وتستهدف النسيج الاجتماعي للوصول إلى غايات سياسية خدمة لأجندات غير وطنية.

كنا دائما على وضوح في سياستنا ومنهجنا في التعامل مع العراق كمكون واحد وليس عبارة عن مكونات تدور في أفلاك مختلفة. وهذا ما أكدنا عليه دائما في خطابنا السياسي ومبادراتنا في فتح الحوار مع الاطراف المشاركة في العملية السياسية, والمكونات الاجتماعية من مختلف مناطق العراق. فقد شكلنا لجنة للتفاوض مع المتظاهرين في بعض محافظات العراق للوقوف على مطالب الجماهير وتحقيق الممكن منها, كما أننا نحافظ على لقاءاتنا مع ممثلي العشائر وتعزيز دور مجالس المحافظات ومنظمات المجتمع المدني في الحفاظ على اللحمة الاجتماعية للبلد ودعم المصالحة الوطنية.

 هل لديكم أية خطط لتولي منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة في الانتخابات العامة التي ستجري السنة القادمة من أجل تأمين الاستقرار في العراق.

 المالكي: هذا الأمر متروك للشعب العراقي الذي سيحدد صوته من يتولى رئاسة الحكم في العراق. مسؤوليتنا في تأمين الأستقرار في العراق تبقى مهمة على عاتقنا في أي منصب نتولاه. فالعراق هو هدفنا أولا وأخيرا وأمنه واستقراره هو الغاية. ونتمنى أن تتاح لنا فرصة مواصلة وإتمام برنامجنا الحكومي الذي تعمل جهود ومحاولات كثيرة على عرقلته وعدم تحقيقه من خلال ضرب الأمن أو مقاطعة الحكومة والبرلمان.

 ما هو موقف الحكومة العراقية من الأزمة السورية وبروز الإخوان المسلمين في مصر.

 المالكي: كان موقف العراق واضحا من الأزمة السورية من خلال المبادرة التي اطلقها العراق حينما كان يتولى رئاسة القمة العربية العام الماضي, حيث أطلقنا “مشروع العراق لإنهاء الأزمة في سوريا” وهو مقترح لتطويق الأزمة يتألف من سبعة عشر (17) نقطة يؤكد على الحل السلمي ورفض التسليح.

ما يتعلق بالاخوان المسلمين في مصر, نحن نرحب بتغيير نظام الحكم وندعم الديمقراطية في كل البلاد العربية التي شهدت أول تجربة للتحول الديمقراطي في العراق. فبروز الاخوان المسلمين جاء من قرار الشعب المصري الذي أدلى بصوته في أول انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ليختار من يجده الأجدر في تمثيله وقيادته. ونحن نحترم قرار الشعوب في تحديد مصيرها واختيار من يمثلها لتولي الحكم. ونحن حكومة وقيادة في العراق لدينا الرغبة في اقامة علاقات طيبة مع مصر والاخوان المسلمين باعتبارهم الحزب الحاكم الآن. ونطمح في تعزيز الديمقراطية في مصر كما هي الحال في العراق, ومواجهة التحديات التي تعترضها على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وقمنا بتوقيع عدة اتفاقيات مع الجانب المصري في مختلف المجالات خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الوفد المصري لبغداد برئاسة رئيس وزراء مصر, هشام قنديل.

 من المتوقع أن يبرز العراق بوصفه السوق الأولى في اعادة الأعمار في الشرق الاوسط على الرغم من عدم الاستقرار السياسي والصراع الطائفيأرجو أن تذكروا لنا بعض الامكانيات التي يمتلكها العراق.

 المالكي: حدث دمار كبير للمنشآت الحكومية خلال حرب عام 2003 وبعد سقوط النظام لاسيما في منشآت إنتاج النفط والغاز ومقرات الوزارات والعديد من أبنية الدولة وممتلكاتها كالمتحف الوطني والأرشيف الوطني ومحطة الإذاعة والتلفزيون بالإضافة إلى المقرات والقصور الرئاسية التي استهدفت بالقصف الجوي من قنابل وصواريخ بعيدة المدى.

بدأت حملات الإعمار مباشرة بعد سقوط النظام بدعم من الدول المانحة وقد أدى الكادر الوطني دورا خلاقا في عمليات الإعمار لاسيما المنشآت النفطية والغاز واستطاع العراق أن يستعيد دوره العالمي المتمثل بتصدير الإمدادات النفطية إلى السوق العالمية وذلك خلال أشهر من سقوط النظام, كذلك تم في البداية إعمار العديد من منشآت الكهرباء إلا إن استهداف الإرهاب لمنظومات النقل وزيادة الطلب ولد أزمة كبيرة في توفير الكهرباء.

تأخرت عمليات إعمار بعض المنشآت لاسيما الصناعية منها عدة سنوات نظرا لقلة الموارد وتفاقم الوضع الأمني في السنوات اللاحقة إلا إن الحكومة العراقية الحالية والتي سبقتها قدمت المبالغ والدعم لإعمارها وتطويرها بالإضافة إلى الدخول بشراكات مع مستثمرين عالميين كما حدث بالنسبة لمعامل الاسمنت, كذلك فتحت الحكومة القطاع ألاستخراجي من نفط وغاز أمام الشركات العالمية وفق جولات تراخيص شفافة وتنافسية, وإننا في هذا الصدد نرحب بالشركات الكورية – وهي المعروفة بقدراتها العالية – لكي تقدم إلى العراق وتشارك في إعمار وتنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة في العراق لما فيه خير الشعبين الصديقين.

 هل لكم أن توضحوا لنا وبالتفصيل خطط الحكومة العراقية فيما يخص إعادة اعمار البلد بعد الحرب.

 المالكي: لأسباب تاريخية تعود إلى السياسات الخاطئة للنظام السابق فأن العراق يحتاج إلى إعمار وبناء وتطوير في كافة المجالات سواء كان ذلك في البنى التحتية أم في قطاعات الطاقة, والزراعة والصناعة والصحة والتربية والتعليم إضافة إلى قطاع المياه والمجاري … وغيرها. هذا من ناحية الطلب, أما من ناحية الموارد فأنها ستتوفر خلال السنوات القادمة جراء تنامي قدرات العراق الإنتاجية والتصدير من نفط وغاز يضاف لها مواد إنتاجية وصناعية وطبيعة أخرى منها ما يعتمد على النفط والغاز ومنتجاتها كمادة أولية ومنها ما هو إنتاج لثروات طبيعية كالكبريت والفوسفات … الخ.

تشير الستراتيجية الوطنية المتكاملة للطاقة إلى إن كلفة مشاريع تطوير النفط والغاز, المصافي والكهرباء مع بعض الصناعات المتصلة كالبتروكيمياويات والاسمدة تبلغ (620) مليار دولار على مدى المرحلة (2012-2030) ينفق معظمها خلال السنوات العشرة القادمة, كما تشير خطة التنمية الوطنية للسنوات الخمسة ( 2013-2017) إلى إن كلفة تطوير كافة القطاعات ستبلغ (350) مليار دولار, يذهب حوالي نصفها لقطاع الطاقة, وسيمول حوالي 80% من إيرادات الدولة فيما يخطط لتمويل المتبقي من خلال الاستثمار.

من اجل توفير هذه المبالغ, اتخذت الحكومة الحالية موقفا إستراتيجيا متمثل بضغط الإنفاق الاستهلاكي, أي نسبة الموازنة التشغيلية في قانون الموازنة العامة وتوجيه الزيادات في الموارد نحو الميزانية الاستثمارية بحيث وصلت حصتها هذا العام 40% بعد إن كانت 22% قبل أربعة سنوات, هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى سعت الحكومة نحو تشجيع القطاع الخاص العراقي والأجنبي لكي يشارك من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر وهي عازمة على تطوير بيئة العمل في العراق لكي تكون جاذبة للمستثمرين من خلال تشريع قوانين جديدة وتعديل قوانين وتعديلات قائمة هذا إضافة إلى التقدم بصيغ من الشراكة كالتمويل لمشاريع البنى التحتية بالدفع الآجل مع الالتزام بقيام الشركات الوطنية للدول المقرضة للعراق بتنفيذ عقود مشاريع البنى التحتية, لذلك عرضنا في سفرتنا الأخيرة إلى كوريا هذا الأسلوب آملين أن تسعى الشركات الكورية مع حكومتها للعمل مع جمهورية العراق في تنفيذ مشاريع كبرى كالمدارس والمستشفيات ومشاريع الماء والصرف الصحي وغيرها.

ما هي مجالات التعاون الاخرى الممكنة بين العراق وجمهورية كوريا في المستقبل, بما في ذلك مجال إعادة الاعمارهل لكم أن توضحوها بالتفصيلبالاضافة الى ذلك, هل لديكم تعليق تودون قوله للشركات الكورية التي تخطط للدخول في السوق العراقية.

 المالكي: لدينا خطة لإعادة بناء العراق, وايصاله إلى المكانة التي ينبغي أن يكون عليها خلال العشرة أعوام القادمة, والخطة الخمسية الأولى المعدلة (2013 – 2017) والخطة الخمسية الثانية (2018 – 2022) مصممتان لهذا الغرض.

من الناحية الاقتصادية, نحن نركز على قطاعات: (النفط والغاز, الصناعة, الزراعة, الصحة, التعليم, الإسكان والبنى التحتية, الكهرباء, النقل, الاتصالات, والسياحة) وفي جميع هذه القطاعات يمكن للشركات الكورية أن تدخل وتحظى بنسبة جيدة من المشاريع المخطط لها.

ورسالتي للشركات الكورية هي إن الشركات التي تدخل العراق الآن لديها فرص أفضل لتحقيق فوائد وأرباح أعلى. لقد دخلت بعض الشركات الكورية السوق العراقية فعلا ووجدته سوقا واعدا جدا, كما هو الحال مع شركة هانوا, وشركة سي تي أكس اللتان تعملان وتستثمران في مناطق مختلفة من العراق, فشركة هانوا على سبيل المثال تقوم ببناء مدينة جديدة تضم مئة ألف وحدة سكنية تقع جنوبي العاصمة بغداد (وهي الأكبر من نوعها في العراق والشرق الأوسط) فضلا عن تقديمها للاستثمار في معسكر الرشيد لبناء مدينة عصرية أخرى تضم 70 ألف وحدة سكنية في بغداد, كما أنها تقدمت للاستثمار في مصنع الإسمنت (لإنتاج مليوني طن سنويا) في محافظة المثنى, بينما قامت شركة أس تي أكس ببناء محطات لتوليد الطاقة في مناطق مختلفة من العراق.

 ما هي الفوائد التي يمكن أن تحظى بها الشركات الكورية التي تدخل العراق, أن كانت هناك ثمة فوائد?.

 المالكي:  يمكنني أن أقول, هنا الكثير. بعض الدراسات الاقتصادية الدولية الحديثة وضعت العراق ضمن الدول العشر الأولى التي تحظى باقتصاد سريع النمو, كما أن دراساتنا وضعت خطة تنموية على مدى السنوات العشر المقبلة (والتي أشرت إليها قبل قليل) وهذه الخطة تبلغ كلفتها من 700 مليار دولار إلى تريليون دولار تقريبا, متأتية على الاغلب من مبيعات النفط والغاز المتزايدة, ومن الاستثمارات المحلية والأجنبية, ومن العائدات المستحصلة من المشاريع الاقتصادية التي سيعاد تأهيلها واعمارها (المشاريع المملوكة للدولة, والمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم التي يملكها القطاع الخاص).هذا بحد ذاته يعني الكثير من العمل والكثير من الفرص التي تتمتع بمستوى أرباح أعلى بكثير من العديد من بلدان المنطقة.

 أخيرا ما هي تصوراتكم, حول كورياوكذلك إذا كانت هناك أية كلمة تودون أن تقولوها الى الشعب والحكومة الكورية.

 المالكي: تمثل كوريا شريكا مهما للعراق لا سيما في مجالات التبادل الاقتصادي والتجاري. لذلك نحن ننظر إلى كوريا كشريك استراتيجي لنا. نحن نكن للشعب الكوري كل الاحترام والتقدير ونشكر حكومة كوريا الصديقة على دعم العراق الجديد وعلى مواصلة التعاون معنا في مختلف المجالات. كما أننا نطمح لمزيد من سبل التعاون المشترك بين بلدينا على كافة الأصعدة.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات