ثقافة نخبوية، ثقافة شعبية

10:27 صباحًا الإثنين 6 مايو 2013
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

التقطتُ هذه الصورة في سوق شعبية بمدينة قشغر، على طريق الحرير، شمال غرب الصين. هنا تباع الأدوات الموسيقية التي تناسلت صناعتها وفنونها لأكثر من ألف عام

في حين نُعبِّر ـ أحيانا  ـ عن شَغَفِنا بالثقافةِ النخبويةِ الرفيعة، التي تتجسدُ في أعمال الموسيقى الكلاسيكيةِ، ومشاهدِ الأوبرا العالمية، وعروض الباليه الفاتنة، وأسابيع الأزياء الاستعراضية، لا يزال بنا، جميعنا، حنينٌ إلى الثقافاتِ الشعبيةِ البسيطةِ، التي تنطلقُ منها روحُ الأمم العريقةِ، لتحكيَ عن تاريخ تليد، وتصوغ حكاياتٍ تقليدية، وتفسر أساطيرَ خيالية، وتختزل مئاتِ السنين في لعبةٍ أو أغنيةٍ أو رسم أو أي عمل فني آخر.

في تجوالي ببلدان القارة الآسيوية، مثالا، أستطيع بيسر أن أسجِّلَ عشق السياح، من مختلف القارات، لتلك الثقافات الشعبية. إنهم يعشقون مشاهدة الرقصات التقليدية، ويريدون الجلوس إلى السحرة وهم يداعبون ثعابين الكوبرا، على أنغام غير مرئية، ويتزاحمون ليركبوا الأفيال، ويتابعون سباق الإبل، ويقتنون الدّمى المصنوعة يدويا، بل ويشاركون في ألعاب جماهيرية أيضا.

وفي الوقت الذي تجذب به عواصم كثيرة زوارها بتقديم مُخرَجات الثقافة الرفيعة، حتى في آسيا، يبقى سحرُ الثقافات الشعبية باقيًا، وممتدًا، مثل سحابة لا تكف عن إدهاشنا بالمطر الخصب والغني؛ سر الحياة والأمل.

والحقيقة أن هذه الثقافاتِ الشعبية لم تعد ترفا فيُهمل، كما أنها لم تعد فنًّا أدنى فيُجهل، بل أصبحت عماد الصناعات الوطنية، للمهنيين الحرفيين، والفنانين الشعبيين، فهي ترفد السوق السياحية بمنتج أصلي فريد، كما أنها تعيل أسرًا بكاملها، وهو ما يجعلنا نؤكد على أهمية دعمها.

وليست الثقافات الشعبية ما يتصل بالفن وحسب، بل هي أيضا ما يقيم الحياة، كما تؤكد مقالة صانع السينما الوثائقية الهندي برامود ماتور، حيث كانت تلك الثقافات المتوارثة سبيلا للحفاظ على البيئة، وخاصة الغابات.

لذلك مثلما نقول “نعم” للثقافة الرفيعة، نقول أيضا “نعم” للثقافة الشعبية.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات