الفقر…وعمالة الأطفال

09:44 مساءً الإثنين 1 يوليو 2013
أحمد محمد حسن

أحمد محمد حسن

كاتب ومخرج بالتليفزيون المصري، القاهرة

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

عمل الأطفال هو العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته ، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته الدفاع عن حقوقه ، الذي يستغل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار ، الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم ، الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه وتغيير حياته ومستقبله .

ولاشك أن الفقر هو السبب الرئيسي لعمالة الأطفال ولكن هناك أسباب أخرى منها :

المستوى الثقافي للأسرة : فائدة التعليم غير معروفة لهم .

قلة المدارس والتعليم الإلزامي .

نقص بمعرفة قوانين عمل الأطفال .

العنصرية .

الإستعمار والحروب والأزمات التي تخلق عبء إقتصادي .   

وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال أعلنت منظمة العمل الدولية ومقرها جنيف أن هناك أكثر من 150 مليون طفل على مستوى العالم تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما يعملون كخدم وأن هؤلاء الأطفال يتعرضون للإساءة الجسدية والنفسية وأحيانا لعنف جنسي .

وكشفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) ومقرها باريس عن أن أكثر من 20% من الأطفال الأفارقة لم يلتحقوا بالمدارس الإبتدائية أو تركوا المدرسة دون إستكمال المرحلة  الإبتدائية .

وذكر تقرير معهد الإحصاء التابع لليونسكو أن بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعد الأكبر في العالم من حيث نسبة الأطفال خارج التعليم .

وعلى النقيض من ذلك حققت بلدان في جنوب وغرب آسيا والتي ترتفع فيها معدلات التسرب أيضا مكاسب كبيرة على مدى العقدين الماضيين حيث خفضت عدد الأطفال خارج التعليم بنسبة الثلثين من 38 مليون في عام 1999 إلى 12 مليونا عام 2011

وذكرت اليونسكو أنه يحرم الأطفال في المناطق الفقيرة والنائية والمتضررين من النزاع أو أولئك الذين ينتمون إلى الأقليات الإثنية والعرقية واللغوية من فرص التعليم .

ولفتت إلى أن نسبة عدم إلتحاق الأطفال من الأسر الفقيرة  بالمدارس ترتفع إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالأطفال من الأسر الغنية حيث يعد الوصول إلى التعليم أمرا صعبا للغاية خاصة بالنسبة للفتيات من الأسر الفقيرة في المناطق الريفية .

وفي العالم العربي وعلى الرغم من وجود التشريعات التي وضعت أساسا للحد من عمالة الأطفال إلا أن الواقع مختلف للغاية فالدول العربية في مقدمة الدول التي تسجل فيها معدلات مرتفعة لعمالة الأطفال .

ومن بين النتائج المباشرة لعمالة الأطفال تعرضهم للإستغلال في مكان العمل والعنف ناهيك عن إنعدام فرصهم في التعليم من أجل مستقبل أفضل ففي اليمن مثلا أشار تقرير أعدته الحكومة اليمنية بالتعاون مع منظمات دولية من بينها منظمة العمل الدولية إلى وجود نحو مليون وثلاثمائة ألف طفل في سوق العمل من أجل مساعدة أسرهم ماديا وأشار التقرير إلى أنه من بين هؤلاء 469 ألفا تتراوح أعمارهم بين خمس إلى 11 سنة وأوضح التقرير أن 21% من الأطفال في اليمن يعملون والبعض منهم يعملون في مجالات لا تتناسب مع أعمارهم والواقع في الدول العربية الأخرى لا يختلف كثيرا عدا دول الخليج التي يتمتع مواطنوها بدخل عال .

ورغم أن المبدأ التاسع من مبادئ الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ينص على أنه يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والإستغلال فإنه في مصر يطبق هذا المبدأ بصورة عكسية حيث يتمتع الطفل المصري بجميع صور الإهمال والقسوة والإستغلال ويتم المتاجرة به بكل الصور .

  وظاهرة عمالة الأطفال تتنامى في مصر يوما بعد يوم رغم تصريحات القائمين عليها بعكس ذلك وكشفت دراسة حديثة بوزارة القوى العاملة أن الفقر والجهل وراء تفشي ظاهرة عمالة الأطفال حيث بلغ عددهم نحو أكثر من مليونين و786 ألف طفل يعملون في ظروف صعبة تعرض حياتهم للخطر ويعملون فترات طويلة تتجاوز أوقات العمل للكبار .

ولا شك أن هناك تأثيرات سلبية مدمرة لعمالة الأطفال على الطفل نفسه حيث توجد أربعة جوانب أساسية يتأثر بها الطفل الذي يستغل في تأدية أعمال وهي :

** التطور والنمو الجسدي : تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة ، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية ، والوقوع من أماكن مرتفعة ، الخنق من الغازات السامة وصعوبة التنفس ، نزف دما إلى آخره من التأثيرات .

** التطور المعرفي : يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه إلى العمل ، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى إنخفاض بقدراته على القراءة والكتابة والحساب ، إضافة إلى ان إبداعه يقل .

** التطور العاطفي : يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد إحترامه لذاته وارتباطه الأسري وتقبله للآخرين وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه .

** التطور الإجتماعي والأخلاقي : يتأثرالتطور الإجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالإنتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين ، والقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب ، كتمان ما يحدث له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات