خبير صيني: اضطرابات مصر رسوم دراسية لتحقيق الديمقراطية

01:33 مساءً الأحد 7 يوليو 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

لوحة للفنان بلال بصل (لبنان ـ فرنسا)

القاهرة : رأى محللون عسكريون وسياسيون أن مصر سوف تشهد مرحلة من الاضطرابات الأمنية والعنف، بعد عزل الرئيس السابق، لكنهم أكدوا أنها مرحلة لن تطول لعدة أسباب.

وتتمثل هذه الأسباب، بحسب المحللين، فى ان الجيش المصري قوى، وان الأجهزة السيادية “واقفة على رجلها”، وان الشعب لن يسمح باستمرار العنف بل سيحتشد مجددا فى الميادين لشل قدرة أنصار مرسي من جماعة (الاخوان المسلمين) على ممارسة العنف أو كسب تعاطف الناس.

ولقى نحو 40 مصريا مصرعه وأصيب أكثر من ألف آخرين فى اشتباكات نشبت فى محافظات القاهرة والجيزة وقنا والغربية والدقهلية والسويس وشمال سيناء والاسماعيلية ودمياط وسوهاج والاقصر وأسيوط، وفقا لوزارة الصحة المصرية.

ووصف المرشد العام للاخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، الذي وصل إلى ميدان رابعة العدوية وسط أنصاره مرتديا زي امرأة منقبة، أن عزل مرسي “انقلاب عسكري باطل”، وقال امام حشد من انصار التيار الاسلامي أول أمس الجمعة فى ميدان رابعة العدوية بالقاهرة إن “كل الملايين ستبقى في الميادين حتى نحمل رئيسنا المنتخب الرئيس محمد مرسي على أعناقنا أو نفديه بدمائنا”.

واليوم، أعلنت جماعة اسلامية جديدة عن انطلاقها فى مصر تحت اسم جماعة “انصار الشريعة”، واعتبرت عزل مرسي “اعلانا للحرب”على معتقداتها وهددت باستخدام العنف لفرض احكام الشريعة الاسلامية.

وقال الخبير العسكري جمال مظلوم إن الجيش لن يسمح بانزلاق الوضع فى البلاد إلى دوامة من العنف، ولن يترك الامور تصل إلى حالة حرب اهلية.

وقال مظلوم، وهو لواء جيش متقاعد، لوكالة أنباء (شينخوا) إن “تغيير النظام الإسلامي فى مصر تكلفته غالية لكنها ليست غالية جدا”.

وقال تشن عاشور أن هناك أنباء كثيرة تتوارد في هذه الآونة من مصر التي تشهد حالة من التوتر والاضطراب والترقب منذ إعلان القوات المسلحة يوم الأربعاء الماضي عن “خارطة طريق” تم بموجبها عزل الرئيس ذي التوجه الإسلامي محمد مرسي وتعطيل العمل بالدستور وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا الرئاسة مؤقتا.

وبالطبع لم يحدث ما حدث في أرض الكنانة بدون سبب. ولذا، توقف محللون صينيون عند الأسباب التي أدت إلى تدخل الجيش المصري في الشؤون السياسية وعزل مرسي، ورأوا أنه من الصعب لمصر أن تخرج من الأزمة الحالية على الأمد القصير وتستعيد الاستقرار والتنمية الاقتصادية إلا إذا توافر مزيد من التسامح بين الأطراف المتناحرة وكثير من الصبر.

لماذا عزل مرسي؟

بعدما تفاقمت الأزمة السياسية وتوتر الوضع على الأرض في مصر في 30 يونيو الماضي، أمهلت القوات المسلحة المصرية القوى السياسية 48 ساعة “كفرصة أخيرة” لتحقيق مطالب الشعب، وحذرت من أنها ستقدم “خارطة مستقبل” تشرف على تنفيذها إذا لم تتحقق هذه المطالب.

وعندما لم تستجيب القوى السياسية للمهلة، أعلنت القوات المسلحة المصرية عن “خارطة المستقبل” التي تم بموجبها عزل الرئيس مرسي ضمن إجراءات أخرى.

وفي معرض تعليقه على أسباب تدخل الجيش في الشئون السياسية وعزل مرسي، قال تانغ تشيه تشاو، الباحث في شؤون غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، إن “السبب الرئيسي وراء عزل مرسي يتمثل في التنازع الشديد والمتزايد بين المتدينين والليبراليين والتدهور الاقتصادي والظروف المعيشية القاسية”.

وأضاف تانغ أن حصول “حركة تمرد” المناهضة لحكم مرسي على توقيعات حوالي ربع عدد المواطنين المصريين “يعكس أن حكومة مرسي فقدت التأييد الشعبي بالفعل”.

ويعتقد لي قوه فو، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، أن السبب الأساسي وراء عزل مرسي يتمثل في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إذ خفضت السلطات توقعاتها للنمو الاقتصادي للعام الحالي إلى 3 بالمائة مقارنة مع 7 بالمائة قبل ثورة 25 يناير 2011، وارتفع معدل البطالة إلى 13 بالمائة في عام 2012 مقارنة مع 11 بالمائة قبل الثورة، حسب إحصاءات حكومية.

ومن ناحية أخرى، “تدهورت صناعة السياحة، التي تمثل لمصر مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة، واختل النظام الاجتماعي وارتفعت أسعار السلع، الأمر الذي جعل احتجاجات المعارضة تلقى قبولا واسع النطاق في صفوف الشعب المصري وزاد من صعوبة تطبيق السياسات التي اعتمدتها حكومة مرسي وتحقيق نتائج سريعة”، على حد قول لي.

وأشار تشونغ شين، المحلل السياسي بـ((صحيفة الشعب اليومية)) الصينية، إلى أن “محاولة جماعة الأخوان المسلمين احتكار السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية سببت حالة من السخط والهلع في صفوف القوى الليبرالية”، مضيفا “كان ينبغي جعل القضاء والجيش والشرطة هيئات محايدة ومستقلة. ولكن مرسي حاول السيطرة على هذه الهيئات من خلال تعيين أشخاص مقربين موثوق بهم وإصدار الإعلان الدستوري المكمل”.

وشرح دو بينغ، الخبير في الشؤون الدولية، أن تدخل قوات المسلحة المصرية في السياسة المصرية “لم يكن يستهدف مرسي كشخص، لكنه استهدف جماعة الأخوان المسلمين ككل، إذ تم توقيف كبار قادة الجماعة وصدرت مذكرات توقيف في حق 300 آخرين من أعضائها. ومن خلال هذا يمكن أن نتوقع أن القوات المسلحة قد أعدت للاستيلاء على السلطة بشكل جيد”.

وأضاف دو أن تقارير وسائل الإعلام أفادت بأن مصر شهدت أكثر من 7000 احتجاج منذ تولي مرسي الرئاسة، “ولكن يبدو أن القوات المسلحة المصرية انتظرت حتى الذكرى السنوية الأولى لحكم مرسي كأفضل وقت للتخلص من الأخوان المسلمين”.

الأزمة مستمرة:

يرى المحلل تانغ تشيه تشاو أنه من الصعب أن تخرج مصر من الأزمة الحالية على الأمد القصير، وقال إن “ثمة مخاطر مستقبلية كبيرة، إذ ستواصل جماعة الأخوان المسلمين تنظيم احتجاجات للمطالبة بإعادة مرسي إلى منصبه، ما يزيد من احتمال اندلاع صراع داخلي”.

وأضاف تانغ أن “السبيل الوحيد لحل لهذه القضية يتمثل في إجراء حوار حقيقي بين الأطراف الرئيسية الثلاثة في المعادلة، وهي الجيش والأخوان المسلمين والليبراليين، وتجنب التطرف واستكشاف مسار للتنمية بمشاركة جميع القوى”.

وقال دو بينغ إن “الاضطرابات السياسية الأخيرة كشفت أنه لا يوجد فرق كبير بين الليبراليين، الذين يتشدقون بالديمقراطية، والفصائل الأخرى في مصر، إذ تم وقف بعض القنوات التليفزيونية التي تؤيد جماعة الأخوان المسلمين ونفذت عمليات اعتقال استهدفت قادة الجماعة”.

وأشار دو إلى أن “القوى الرئيسية الثلاث في مصر ليس لديها روح الديمقراطية، ولا تتبع القواعد الديمقراطية، ولا تولي اهتماما للعملية الانتخابية الديمقراطية، وإنما تسعى فقط إلى تحقيق الهدف المتمثل في السيطرة على السلطة. وسوف تواصل المعارضة تنظيم الاحتجاجات مستقبلا”.

وتابع دو قائلا “لذلك، فإن تدخل الجيش في الشؤون السياسية لا يعني الاستقرار السياسي والاجتماعي بمصر”، متوقعا أن “يظل الوضع مضطربا خلال السنة القادمة على أقل تقدير وربما حتى يزداد خطورة عما هو عليه الآن”.

رسوم دراسية لتحقيق الديمقراطية الحقيقية

اقترح لي وي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، أن تتعلم السلطة الجديدة في مصر من دروس الماضي وتتسامح مع المعارضين السياسيين.

وأضاف لي قائلا “إذا لم تعالج قضية جماعة الأخوان المسلمين بشكل صحيح سيؤدي ذلك إلى موجة جديدة من الأزمات في مصر”.

وأشار تانغ تشيه تشاو إلى أن “المشكلات التي تعاني منها مصر حاليا في جوهرها مسألة تنمية وليست مسألة ديمقراطية. والسبب الرئيسي في الأزمة التي تمر بها مصر الآن يتمثل في الفشل إلى حد كبير في التعاطي مع العلاقة بين الإصلاح والتنمية والاستقرار بشكل صحيح”.

وأضاف تانغ قائلا “من الممكن أن تتعلم السلطة الجديدة في مصر من نظرية الزعيم السابق الصيني دنغ شياو بينغ فيما يتعلق بالتعاطي مع العلاقة بين الاصلاح والتنمية والاستقرار”.

وقال لي قوه فو إن الاضطرابات التي تشهدها مصر بمثابة “رسوم دراسية لتحقيق الديمقراطية الحقيقية”، مضيفا “آمل ألا تكون الرسوم مرتفعة للغاية”.

وأضاف لي قائلا “إذا كانت المظاهرات واسعة النطاق قد نجحت في عزل الرئيس المنتخب التابع لجماعة الأخوان المسلمين، فربما يسهل في المستقبل عزل رئيس ليبرالي بنفس الأسلوب”.

وتابع لي قائلا “إن الديمقراطية ليست انتخابات وإرادة الأغلبية فقط ، بل تشمل أيضا التسامح والتفاهم واحترام النظام وسيادة القانون”.

ويرى المحلل تشونغ شين أن “الاضطراب على الأمد الطويل أدى إلى غضب شعبي عارم في مصر, ولذا ينبغي توسيع الاصلاح السياسي بشكل أكثر تسامحا والتزام الصبر بدرجة أكبر لكي يستعيد المجتمع المصري الاستقرار والتنمية”.

وأضاف تشونغ قائلا “إن من حق الشعب المصري اختيار طريقة التعبير عن رغباته. ومع ذلك، هناك في هذا العالم حقيقة مفادها أنه لا يمكن تحقيق التنمية بدون استقرار”.

وأضاف إن الجماعات الاسلامية تميل للعنف، وقوات الأمن ضبطت حين القت القبض على المرشد العام السابق لجماعة الاخوان المسلمين مهدي عاكف اسلحة غير مرخصة مع حرسه الخاص، كما ضبطت اسلحة كانت تنقل لبعض المحافظات.

وأشار إلى أن محافظات عدة فى مصر شهدت منذ الجمعة اشتباكات بين أنصار مرسي ومعارضيه، ما استدعى تدخل قوات الجيش التى تمكنت من الفصل بين الجانبين.

وردا على سؤال حول احتمال ان يصل الامر إلى حرب أهلية، قال ” لا اعتقد ان الوضع سيصل الى هذه الدرجة”، مشيرا الى ان مصر ستشهد اعمال عنف لعدة أيام ثم تهدأ الامور، مؤكدا ان الوضع سيكون تحت السيطرة وان الجيش لن يسمح بغير ذلك.

وحول ما اذا كان عزل مرسي سيؤدى إلى نشاط اكبر للجماعات الاسلامية التى تتبنى العنف بل وظهور اخرى، قال مظلوم إن ” الشعب يلفظ هذه الجماعات.. ومن الصعب ان تنتشر هذه الجماعات فى محافظات مصر”.

لكن اعاد قائلا إن هذه الجماعات تتواجد فقط فى سيناء واعتقد ان الجيش قادر على السيطرة على الامور فيها.

وتابع ان هناك عدة أسباب تمنع مصر من الانزلاق للعنف اولها ان الجيش قوى وان الاجهزة السيادية بالدولة “واقفة على رجلها”.

وأوضح ان ثاني هذه الاسباب ان الشعب لن يقبل بالعنف بل انه تصدى لعناصر الاخوان التى حاولت امس الاعتداء على دواوين المحافظات، واصفا جماعة الاخوان المسلمين بانها مثل “الغرقان” الذى “يتعلق بقشة” لانقاذه.

وختم ان الاخوان المسلمين “جزء من الوطن ولا استبعاد لهم” واعتقد ان الدولة سوف تلجأ إلى مصالحة وطنية باعتبارها الحل والسبيل للتهدئة.

طوافة عسكرية تحلق بالقرب من القصر الرئاسي، الجمعة 5 يوليو، قبل أن يتحدث مرشد جماعة الإخوان المسلمين داعيا الآلاف لمحاصرة القصر (عدسة: حسن عمار، أ.ب)

بدوره، قال المحلل السياسي حسين عبدالرازق إن جماعة الاخوان المسلمين تدرك ان صعودها إلى السلطة ” فرصة لن تتكرر.. وانها الاولى والاخيرة لها، لذلك عندما بدأت فى السقوط كان لابد ان تقاوم بكل قوة، وطبقا لمنهجها وتاريخها فان اللجوء للعنف هو السلاح الأساسي والأخير”.

ورأى عبدالرازق، بحسب ما قال لـ(شينخوا)، إن مصر ” تدخل مرحلة حرجة وصعبة لكنها ليست مفاجئة لمن يعرف طبيعة قوى تيار الاسلام السياسي”، مشيرا إلى وجود ” تنسيق مباشر وغير مباشر بين العنف فى مصر والعمليات الجهادية فى سيناء وتصاعدها فى المرحلة الحالية لاسيما ان عبء مواجهتا يقع على الجيش والشرطة”.

واضاف ان ” ما حدث امس من اشتباكات وعنف سيتواصل بشكل او اخر، والمواجهة تعتمد على مدى عودة حشد الشعب فى الميادين”، وتابع ان ” الاخوان لن يستطيعون ممارسة العنف اذا عادت الجماهير للميادين، فقدرتهم على ارتكاب العنف ستقل اذا احتشد الناس فى الشارع”.

وواصل ” اتوقع ان يحتشد المتظاهرين المعارضين لمرسي فى الميادين مجددا لان الناس خايفة جدا من عودة الاخوان، والعنف سيتراجع اذا تم هذا الحشد”.

وزاد ان العنف سيتراجع كذلك اذا تم الاسراع فى تنفيذ خارطة الطريق بالتفاهم بين رئاسة الجمهورية والمجلس الاعلى للقوات المسلحة والقوى السياسية.

الطائرات العسكرية ترسم قلوبا في السماء ، رسالة طمأنة لمجتمع تهدده جماعات مسلحة لا تنتمي لتراب الوطن

وأعلن وزير الدفاع المصري الفريق اول عبد الفتاح السيسى الأربعاء الماضى خريطة طريق تم بموجبها عزل مرسي، تشمل ” اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة و” تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية”.

وعن امكانية تحقيق مصالحة وطنية، قال عبدالرازق إن “المصالحة تستوجب اولا ان تقوم القوى التى مارست العنف وحكمت بالبلاد بالاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها، فلا ينفع ان نقول عفا الله عما سلف لأن ذلك سيكون استسلاما وليس مصالحة”.

وتابع ” حتى الان لا يبدو فى الافق مثل هذا الاستعداد لدى الاخوان المسلمين للاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها “.

واستبعد تماما نشوب حرب اهلية فى البلاد لكنه توقع ان “مصر ستعيش مرحلة من القلاقل الامنية والاضطرابات والصراعات لن تكون طويلة وسيستقر الوضع بعدها”، لاسيما ان الاخوان المسلمين فقدوها بسرعة مذهلة تعاطف الناس معهم

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات