لماذا لا تكره اليابان قنبلة أمريكا النووية؟

06:56 صباحًا الثلاثاء 16 يوليو 2013
رضوى أشرف

رضوى أشرف

كاتبة ومترجمة من مصر، مدير تحرير (آسيا إن) العربية.

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

التاريخ يملك القدرة على خلق مواقف محرجة،إن لم تكن مؤذية كذلك، للأجيال الحديثة. فعليك على سبيل المثال تخيل حوار بين أمريكي و ياباني يعود أصله إلى مدينة هيروشيما الشهيرة، لتتخيل الحرج الذي قد يستشعره الأمريكي، فأقل ما يمكنه القيام به هو الإعتذار بالنيابة عن بلده عما فعلته. ولكن الحقيقة الغريبة هي، معظم اليابانيين لا يكنون أي ضغينة للولايات المتحدة الأمريكية بعد إلقاء القنبلتين النوويتين في الحرب العالمية الثانية.

من الواضح أن هذا الأمر يستغربه العديدون، منهم الصينيون. فقد ظهر مؤخراً موضوع بعنوان “لماذا لا يكره اليابانيون الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن ألقت عليهم قنبلتين نوويتين؟” على أحد أشهر المواقع الصينية. الأمر المثير للإهتمام، أن هذا الإجابات كشفت مشاعر الإزدراء التي مازال الصينيين يكنونها لليابانيين أكثر من كشفها لمشاعر اليابانيين تجاه الأمريكيين.

نعود بالتاريخ إلى شهر أغسطس من عام 1945، عدما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإلقاء قنبلتين نوويتين على اليابان، واحدة تم إلقاءها على مدينة هيروشيما والأخرى على ناجازاكي، مما تسبب في مقتل ما يزيد على 200 ألف مواطن ياباني. لكن على الرغم من تلقيهم هذه الضربة الأليمة على يد أمريكا، إلا أن اليابان الأن تجمعها علاقات صداقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، على الصعيد السياسي والإجتماعي.

عندما نقارنهم بالصينيين وبالأغلبية التي مازالت تكره اليابانيين جراء مذبحة نانكينغ التي حدثت عام 1937، تجد الصينيين يستغربون هذا الوفاق السعيد بين أمريكا واليابان، وهم يفترض بهم أن يكونوا أعداء، لذلك يسألون، لما لا تكره اليابان أمريكا؟ رداً على هذا السؤال، العديد من الصينيين ردوا ردوداً متشككة من قبيل “من قال أن اليابانيين لا يكرهون الأمريكيين؟” و “ربما هم يكرهون أمريكا ولكن ليست لديهم الشجاعة لقول ذلك” هذه الإجابات وغيرها توحي أن اليابان قد تكون بالفعل تكن ضغينة لما حدث خلال الحرب ولكن الأغلبية إما سلبية جداً أو ضعيفة جداً لتعلن ذلك.

جاءت ردود أخرى لتحقر من مكانة اليابان وعلاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية مثل، “الكلب لا يستطيع أن يكره سيده” و “جزء من طبيعة اليابانيين الإعجاب بمن أقوى منهم” وغيرها من الإفتراضات والردود.

لكن في الواقع لا يعد ضعفاً أن تقوم بإظهار تسامحك لمن قاموا بإيذائك مرة، خاصة بعد مرور فترة طويلة وتعاقب الأجيال المختلفة. فعلى سبيل المثال كان هنالك صينيون متعقلون، قاموا بتذكرة الأخرين بالغزو السوفيتي لمنشوريا، وهو الاسم التاريخي للمنطقة الشمالية الشرقية من الصين، وقام أحد الصينين بالرد قائلاً، “حيث أعيش، نحن لا نكره مواطني الإتحاد السوفيتي السابق جراء ما فعلوه”.

ولكن المثال السابق قد لا يتم حسبانه بما أن الإتحاد السوفيتي لم يعد قائماً. ولكن علينا ألا ننسى أن الصين نفسها، بدأت بالتعاون وإقامة علاقات صداقة مع أعداء سابقين مثل بريطانيا، بعد الحروب البريطانية الصينية او كما تدعى، حروب الأفيون. فالصادرات البريطانية من الأفيون إلى الصين خلال فترة حكم سلالة تشينغ عام 1840، كان لها الأثر في إنتشار الإدمان على نطاق واسع وسببت تدهور في مختلف المجالات في البلاد، وكانت السبب في بداية الحرب الصينية ضد الغرب. وعلى الرغم من ذلك، الصين الأن علاقتها طيبة ببريطانيا العظمى ولا تكن لها أي ضغينة.

بالطبع لا ينطبق مبدأ العلاقات الودية على علاقة اليابان والصين التي يسودها التمييز العنصري من كلا الجانبين. في عام 1972، العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين تمت تسويتها، وظلت الصين لعدة سنين تتصرف بشكل إيجابي تجاه اليابان، وتم تشجيع إستيراد المنتجات اليابانية، الموسيقى والأفلام الخاصة بهم وغيرها. ولكن إنقلبت الأمور مرة أخرى بعد أن تولي جيانغ تسو مين رئاسة البلد. فقد نشأ تسو مين في فترة الإحتلال الياباني للصين لذلك فرض حالة عامة من العدائية تجاه اليابان، وعمل من أجل وضع مناهج تعليمية مناهضة لليابان وغيرها.

أراد المدونون الصينيون معرفة سبب عدم كره اليابان للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن السؤال الأكبر هو لما لا تستطيع اليابان والصين دفن كل الأحقاد والتعاون معاً؟

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات