تجارة.. لم تعد مستترة

09:38 صباحًا الخميس 1 أغسطس 2013
محمد سيف الرحبي

محمد سيف الرحبي

كاتب وصحفي من سلطنة عُمان، يكتب القصة والرواية، له مقال يومي في جريدة الشبيبة العمانية بعنوان (تشاؤل*، مسئول شئون دول مجلس التعاون في (آسيا إن) العربية

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
تجارة تمارس وفق المثل العماني “شاهر ظاهر” ومع ذلك تسمى بالمستترة.. كل هذا الحشد الآسيوي في بلادنا، ولا زلنا نعتبر ما يقوم به تجارة مستترة!!
أخيرا، وبعد جهد وعناء، شكلت وزارة التجارة والصناعة (فريق عمل) يتابع هذه المعضلة في المنشآت، ونحتاج إلى (جيش عمل) يتابعها في كل حارة، وإلى مليون ضمير يستيقظ ليدرك ماذا يحدثه في المقدرات الاقتصادية للبلاد، والحجة الجاهزة لمقاومة سلطان الضمير هذا بأن الكبار لم يبقوا للصغار سوى هذه التجارة يترزقون منها بعد أن قطعوا عنهم كل سبل العيش.
هل حقا الحكومة (أو لنقل أعضاء فيها، صغرت مسئولياتهم أو كبرت) جادة في مقاومة (المد الآسيوي) المتكاثر كل يوم، وقد يتفوق على عدد العمانيين (جميعهم، بدءا من الأطفال الرضع حتى الضاعنين في السن) خلال عام أو عامين؟
وهل المواطنين يريدون فعلا فطمهم عن الحليب الذي تدره هذه التجارة بدون أدنى جهد منهم، سوى ما يمنحه (المكفول) من رغوة لكفيله نهاية كل شهر؟
سيضيع فريق العمل (مهما أوتي من عدد وعتاد) بين فكي كماشة لا ترغب التخلص من هذا العبء، إضافة إلى الكهوف المظلمة التي تأوي هذه الفئات من القوى العاملة الآسيوية الموضوعة تحت بند (تجارة مستترة) فهي لا تكتفي بالسيطرة على دكاكين الحارات (المعمّنة رسميا) بل حضورها قوي جدا في عتمات المزارع التي تحول إلى ورش، والبيوت القادرة على صنع أشياء لا تحصى، وأمام جموع آسيوية قدرت آخر إحصائية رسمية بأنها تزيد عن المليون والمائتي ألف عامل فماذا يمكن مقاومته، واللوبي قد أحكم حصاره، ولم يبق أمام المواطن إلا التقهقر، علما أن ذلك المواطن الذي استفاد من تلك التجارة سنوات طوال سيدفع الثمن، لأن العامل الآسيوي المستكين الذي نتعامل معه قبل عشر سنوات تبدل اليوم إلى نمر يعرض عضلاته عليك في الشارع كما يعرضها في المحل التجاري الذي يملكه.
كل التنبيهات والتحذيرات والندوات والحوارات لم تفلح سوى في تشكيل فريق عمل، بينما بقية المنظومة تعاني من (الترهل) فنحن أسرى تشكيل لجان تحتاج إلى شهرين من مراجعة الأسماء وشهرين لتحديد خططها، وشهرين ليوقع عليها معاليه، والنظر في الاعتمادات المالةي المخصصة لها..
لا يستطيع أحد القول بوقوفه ضد أن ينال المرء لقمة عيشه من عمل يده، إزاء هؤلاء الفقراء القادمين من شبه القارة الهندية، لكننا نواجه ما هو أبعد من تلك النوايا الطيبة، حالات تسلل، وهروب، وإقامات غير شرعية، ومخالفة للقوانين، وضغط على البنى الأساسية للبلاد دون أدنى عائد اقتصادي، وتأثير سلبي على ثقافة المجتمع، وأمنه، وغير ذلك من المعضلات التي تفرزها التجارة المستترة وتصب لصالح ثروات تغادر، وشعب يتراجع مهنيا أمام عامل يعمل مزارعا وتاجرا وصيادا (وافق القانون أو خالفه) وغيرها من المهن.
أين يذهب كل هؤلاء الهاربين؟ وأين يعمل جميع هؤلاء القادمين؟ والحديث عن آلاف، ارتفع إلى عشرات الآلاف، وقد نجد أنفسنا أقلية تعمل في الوظائف، بينما شرايين الاقتصاد التقليدي (وغيره) بيد الآخرين.. وعلينا لاحقا أن نسأل: لماذا الاسعار تحرق رواتبنا؟

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات