افقار المجتمع وحرمان المرأة: السينما تدق ناقوس خطر أبدي

02:44 مساءً الأحد 8 سبتمبر 2013
أشرف أبو اليزيد

أشرف أبو اليزيد

رئيس جمعية الصحفيين الآسيويين

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print
تتواصل فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان قازان الدولي لسينما العالم الإسلامي بفيلم فاز في مهرجان الخليج العربي، هكذا تفتتح شاشة فيلم سكراب (انتاج ٢٠١٣) للمخرج السعودي وكاتب الفيلم بدر الحمود، حيث تتجه سيارة نقل صغيرة إلى أطراف المدينة الصحراوية بسيدة وابنتها نراهما تجمعات مخلفات سيارات ، مصنوعة من المعدن، وتعودان، الأم المنقبة، والفتاة الحالمة بنظرتها في مرآة السيارة، لكن مفاجآت الطريق لا تنتهي. فالسيدة التي تقوم بتغيير إطار السيارة المعطوب تفاجأ بضباط دورية شرطة المرور ، وحين يساعدهما يسال عمن كان يقود السيارة، ليعرف ان المرأة هي التي كانت تفعل في بلد يحرم قيادة السيارات، ويلقي القبض عليها.

الحياة نفسها سكراب!

يفشل الضابط في الحصول على أية إجابات لأسئلته ، فيخلي سراح المرأة وسط دهشة زميله، فيما تعود الصبية للسيارة لتضع صور رجل ما في إطار خشبي، بينما تجلس المرأة بانتظار الشرطي الذي لا يزال يحمل مفاتيح السيارة، في الفيلم (١٣ ق) الذي كتبه مبدعه انه مأخوذ عن قصة واقعية.
ضمن الأفلام القصيرة كذلك يأتي فيلم المخرجة لميا علمي، سلام غربة ، إنتاج ٢٠١١ ، مغربي – سويسري مشترك ومدته ١٦ دقيقة. الفيلم الذي يدور في احد عشوائيات مدينة مغربية ساحلية يحكي عن فاطمة وابنها، الذي يتورط مع بعض الأشرار، فيما هي تبحث عنه ليقرأ لها خطابا وصلها من أبيه في المهجر. تحاول الهجرة سرا لتنشؤ بابنها الذي انخرط بتجارة المخدرات ظنا أنها (عمل) ، ويرفض المهرب مساعدتها دون ان تشترك بتجارة الحشيش، لكنها تعرض عليه مفتاح بيتها حتى تعود. لكنها لن تعود، فأثناء عملية التهريب يتم إلقاء القبض عليها فيما يتجه الباقون مع ابنها باتجاه الحدود الفرنسية، او المجهول!

فاطمة: حياة مهملة ومستقبل مجهول

الفيلمان جسدا مشكلة المجتمع العربي والاسلامي من خلال المشكلة الأم، وهي فقر الاسرة وقهر المرأة العاملة التي تعول أسرتها وحرمانها من حقوقها، مشكلة يبدو أنها لن تجد لها حلا في القريب المرصود .

في الفيلم الألماني (عملية طهوري) تراود الفتى هواجس عن الطبيب الذي يطارده كي يجري له عملية الطهور، هو تركي يعود مع عائلته إلى مسقط راس الأسرة ، وفيما يواصل أصدقاءه الألمان مراسلته في هاتفه الذي تستقر على شاشته لاعب المنتخب الألماني ذو الأصول التركية مسعود أوزيل، يرى رفاقه الأتراك ان الألمان اختطفوا ام أوزيل وعذبوه ليلعب لمنتخبهم، وان مسعود أوزيل خائن تماماً مثل الصبي الذي يرتدي قميصه أثناء اللعب.

الأم حياة وزوجها: مثل ملايين في مصر، حياة من الياس والبأس

 فيلم هالة لطفي، الخروج للنهار ، يحمل قدرا من الياس والبأس معا، فالشابة سعاد تعيش مع أمها حياة القانطة وأبيها المقعد، حيث تتولى رعايته، وما أكثر ما يعاني جسده من جروح وروحه من قروح، وندرك بمضي دقائق الفيلم ان سعاد غير غير سعيدة وان حياة لا تعيش،في نصف الفيلم الأول نرى يوما يجسد ذلك الألم وكأننا أمام وطن مشلول بين جيل الكبار الذي لم يعد قادرا على العناية به، وجيل الشباب الذي ينزف بكل طاقته كي يعالج ذلك الوضع.
لا علاقة لما يبثه التلفزيون بالحياة، لذلك تنتهي فرصة حضور الشاب ياسر لزيارة أقاربه لتختلي بأغنية قديمة من حواريات عبد الوهاب، وتقرر بعدها الخروج، في اعتراض من أمها التي تستعد هي الأخرى للخروج إلى عملها، وقبل ان تتجه سعاد إلى التحرير تعدل شعرها في كوافير الحي الفقير. لن تجد من تحب في انتظارها، ويتهرب منذ خمسة اشهر كي لا يلتقيان، ورغم ان أمها في غيابها تحاول ان تستعيد جزءا من حياة غابت، فتنظف البيت، وتتزين نوعا ما، وتشغل لزوجها ام كلثوم حنينا لزمن هرب منهما، لكنها حين تغفو، يسقط، فتنقله إلى المستشفى التي تعمل بها.
في عودتها، يتركها صاحب الميكروباص الغاضب والملتحي في قارعة الطريق المخيف ليلا، بين الحسين الذي زارته تقربا، والسيدة عائشة حيث تسكن، فتضطر للسكون بجانب بركة ماء حتى الفجر وتمشي سيرا على الأقدام حيث تجد أمها بانتظارها، وتسأل سعاد عن أماكن المقابر التي ستفن بها الأسرة، بالأمل غاب من الحياة، وبات موجودا بالخلاص من هذا العذاب.

سعاد تهاتف حبيبها المجهول بعد ان تجاهلها

الموقف الكاشف في الرحلة حين ساقت إليها الظروف ان تجلس بجوار فتاة محجبة ظنت ان سعادا مسيحية لمجرد أنها لا ترتدي حجابا مثلها: تعترف المحجبة أنها مصابة بمس، وأنها ذهبت لشيوخ عدة كي يطردوا الجن من جسدها ففشلوا، وان زوجة أبيها هي التي صنعت لها العمل، وأنها ذاهبة إلى حلوان كي ترى قسيسا زعموا انه لديه القدرة لشفاء من هم على شاكلتها.
الواضح أنها حالة من الجنون تمر بها مصر، لن يكفيها الدعاء، ولا التقرب للاولياء، وحسب، بل لابد من عمل كبير وإخلاص أكبر من كل المقصرين، وأولهم تلك الأجهزة الحكومية التي نسيت دورها في رعاية شعبها. وهو ما آثار الكثير من الاستفسارات لجمهور حاور المخرجة التي كانت تبحث عن نهار مستحيل، فلم نجده.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات