أحلام على العشب
فيلم نهاية اللعبة (روسيا، ٢٠١٣، ١٦ ق)، للمخرج التتري ماكسيم شافاكو يمكن ان يوضع في خانة أفلام الأساطير المبتكرة، ان كان يصح ذلك المسمى. فالقصة تدور في صيف بقرية تترية حيث تعيش ثلاثة شابان مع جدتهن، وحين يعلو صوت أذان مسجد القرية، وتنطلق الطيور إلى اسرابها وتسكن الجدة إلى صلواتها، تبدأ لعبة الشابات، وتنسج خيوط الأسطورة.
ماكسيم المولود في قازان (١٩٦٨) عمل طبيبا نفسيا لسنوات، بعد تخرجه في كلية الطب، وحين انتقل لموسكو عمل مع نجوم الموسيقى كمنتج، وتبدو خبرته الموسيقية في مساحة الحوار المحدودة في مقابل التيار الموسيقي المتدفق، ويعد هذا الفيلم مشروع تخرجه من معهد الدولة للسينماتوغرافيا.
يمر بالقرية أكثر من قطار لا يتوقف، بعضها للبضائع واحدها للركاب، وتصنع الفتيات مسرحا من عجلة خشبية عملاقة، ويخترن من بينهن بالقرعة من ترتدي حللا مختلفة، في كل مرة يمر القطار، بترقص أمام ركابه، الذين يزداد شغفهم بتلك المحطة التي لا يقف القطار عندها.
الفتيات اللواتي يتزين مرة في صورة راقصة هندية، وأخرى أميرة من ألف ليلة وليلة، واحيانا في زي راقصة الفلامنكو، بل واحيانا بثياب وحركة مارلين مونرو الشهيرة بفستانها الأبيض وتنورته المحلقة، ثم تأتي رسالة شاب من قطار ، وتتكرر الرسائل ، ويحدث اللقاء، لكن حين تكون إحداهن مريضة الفراش، لا يفلح معها قرابين تذبح او طب شعبي او مراهم تقوم الجدة بتدليكها، وتبقى حبيسة صديرية ورقبة خشبية لحماية عمودها الفقري.
طاقم الفيلم يناقش الجمهور بعد العرض
تقرر المريضة ان تعود للمسرح، ولكنها العودة الأخيرة ، فبعد ان نزعت علبة الخشب ووقف ترقص، يأتي المشهد التالي والأخير لنكتشف غياب ثالثتهن للأبد، وتهدم الفتاتان مسرحهما، فقد انتهت اللعبة.
الحلم الذي نعيشه، سواء كان حلم المخرج في فيلمه، او أحلام حياتنا الحقيقية، لا بد لها من نهاية، تلك القرية هي عالمنا الذي نحبس فيه ذواتنا ولن ننجح في الخروج الا ، ربما، بالغياب.