ضربة أوباما الانتقامية

07:53 صباحًا الإثنين 9 سبتمبر 2013
  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بينما يستعد الكونغرس بعد عودته من الإجازة الصيفية للنظر في طلب الرئيس أوباما بالسماح له بضرب سوريا، فقد حان الوقت أن يسود صوت العقل على التهور.

لم يأل أوباما ومساعدوه جهدا مستخدمين كل الأسلحة لحشد التأييد في الداخل والخارج. حتى أن الرئيس الأمريكي جلب الموضوع إلى قمة العشرين في الأسبوع الماضي، والمفترض أن تركز على دعم الاقتصاد العالمي.

غير أن القضية التي تصنعها إدارة أوباما للتدخل العسكري في سوريا لن تصمد. فبالنسبة للمبتدئين، الحقائق بشأن الهجوم الكيماوي المزعوم الذي وقع في ريف دمشق يوم 21 أغسطس ما زالت غير واضحة، وهي الأسباب وراء ضربة أوباما “العقابية” المخطط لها.

حتى فرنسا، التي برزت كأقوى مؤيد لواشنطن في التدخل العسكري، أشارت إلى ضرورة عدم أخذ أي إجراء قبل صدور تقرير خبراء الأمم المتحدة بشأن الاستخدام المزعوم للكيماوي.

كما أن الرأي العام الأمريكي لا يُشترى أيضا. فمن معاناته بسبب الحروب الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة، وخاصة الحرب على العراق بناء على تقارير كاذبة، أصبح ذهن الجمهور الأمريكي صافيا إزاء فعالية القوة بعد أن أنهكه استخدامها.

ورغم أن أوباما قال أن ضربته المقررة لسوريا محدودة المدة والنطاق، إلا أن تبعياتها بعيدة تماما عن الوضوح والتحديد. فسوريا ومنطقة الشرق الأوسط برمتها بالفعل مثل برميل الوقود وفتيل قصير جاهز للاشتعال.

والشئ الأهم هو أن تفويض الكونغرس ليس أمرا بالتدخل في سوريا. فمجلس الأمن للأمم المتحدة هو فقط الوحيد الذي يملك صلاحية إصدار هذا التفويض.

فأي استخدام للأسلحة الكيماوية يعد انتهاكا فادحا للقانون الدولي، ونفس الشئ ينطبق على استخدام القوة ضد سوريا دون دعم الأمم المتحدة. ويجب أن يقف المجتمع الدولي ضد هذين النوعين من السلوك.

وبالإضافة إلى ذلك، لن يكون الحل الدائم للأزمة السورية ممكنا دون الدعم الدولي على أوسع نطاق ممكن. والأمم المتحدة فقط هي مهد هذا الدعم.

وكعضو دائم في مجلس الأمن الدولي بدور قيادي لا يضاهي في الشئون العالمية، تتحمل الولايات المتحدة المسئولية الأساسية بشأن احترام ميثاق الأمم المتحدة والالتزام بالقوانين الدولية.

واستخدام المنظمة العالمية ككاريتة “عربة حصان” لن يؤدي فقط إلى تآكل أساس صرح العلاقات الدولية وتقويض الجهود المستقبلية لمواجهة التحديات العالمية.

ولذلك يتعين على المشرعين الأمريكيين إبقاء رؤوسهم باردة أمام حرارة ضغط أوباما والأزمة السورية الراهنة. كما أنهم بحاجة إلى تذكر أن الشرارة تكفي وأكثر لإشعال حريق هائل.

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات