أوبرا لاترافياتا.. الجمهور يشارك في العرض

06:58 مساءً الثلاثاء 12 نوفمبر 2013
فاطمة الزهراء حسن

فاطمة الزهراء حسن

مخرجة تليفزيونية، وكاتبة من مصر، مستشار شبكة أخبار المستقبل (آسيا إن)

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

أوبرا لاترافياتا هي ملحمة رائعة تجسد معنى الحب والتضحية فهي واحدة من أفضل عشرة أعمال أوبرالية على مستوى العالم وقد أحدثت نقلة حقيقية في إمكانية أن تتناول العروض الأوبرالية موضوعات ترتبط بالواقع بعيدا عن الماضي والأحداث التي دارت في العصور السابقة كما جرى العرف آنذاك .
أوبرا لاترافياتا مستوحاة من رائعة ألكسندر دوماس الإبن (غادة الكاميليا) تلك الرواية التي نُشرت للمرة الأولى عام 1848, وقد تم تحويلها إلى مسرحية وعُرضت على المسرح في شهر فبراير/شباط عام 1852على مسرح فودفيل بباريس.

لاترافياتا مستوحاة من رواية (غادة الكاميليا)
ولما لاقت المسرحية نجاحا كبيرا لفتت انتباه الموسيقار الكبير فيردي وقرر تحويلها إلى عرض أوبرالي كتب كلماته (فرانشيسكو ماريا بيافي) وتم تقديمها للمرة الأولى في البندقية في شهر مارس/آذار 1853وكانت بعنوان (الحب والموت) ,كان العُرف السائد أن تقدم الأوبرا قصص من التاريخ فاعترضت الرقابة في البداية على تقديم العرض الأوبرالي وبعد إجراء عدة مراجعات على المدونة الموسيقية أخيرا وافقت الرقابة,إلا أن العرض الأول فشل فشلا ذريعا واستقبلها الجمهور بالاستخفاف والسخرية لاسيما في المشهد الأخير الي تفارق فيه بطلة العرض الحياة بعد مرضها بداء السل فكان الجمهور يستقبل هذا المشهد بالضحك لأن البطلة كانت قوية البنية مفعمة بالصحة ولا يمكنها أن تقنع الجمهور بأنها فتاة رقيقة تحتضر وظل الجميع يسخر من سعالها المستمر .. واستغرق الأمر أكثر من عام لإعادة تقديم الأوبرا مجددا على مسرح (سان بييرتيو) عام 1854 وتم الإستعانة بممثليين ومغنيين .. فحققت نجاحا منقطع النظير.
 
أوبرا لاترافياتا…. ملحمة رومانسية
تدور أحداث أوبرا لاترافياتا في العاصمة الفرنسية باريس في ثلاثة فصول حيث تظهر السيدة (فيوليتا فاليري) في الملهى الباريسي بين ضيوفها كالبارون (دوفول), الماركيز(دوبيني) , و(جاستون) الذي يعرفها بمعجب جديد هو (ألفريدو جيرمون) يعترف لها أفريدو بحبه الشديد ولكنها تخبره أن الحب لا يُمثل بالنسبة لها أي شئ ,لكنها تشعر بصدق مشاعره فتمنحه زهرة الكاميليا وتسمح له بزيارتها بعد أن تذبل الوردة.
وبعد عدة أشهر تنتقل بنا الأحداث إلى ريف فرنسا حيث تعيش فيوليتا مع الفريدو في منزل ريفي وتخيم عليهما السعادة التي تتلاشى سريعا عندما تخبر الخادمة الفريدو أن السيدة فيوليتا كانت تبيع مقتنياتها الخاصة لتسديد النفقات فيشعر الفريدو بالخزي والعارويتجه إلى المدينة في محاولة لتحمل نفقاتهما. تخرج فيوليتا للبحث عنه ولما تعود تجد دعوة من صديقتها (فلورا) لحضور حفلة صاخبة لكنها تضع الدعوة جانبا بعد أن تخلت عن حياتها السابقة ,يدخل والد الفريدو (جيرمون ) ويقنعها أن فضيحة علاقتها الغرامية مع ابنه تهدد اتمام خطبة شقيقة الفريدو وأن جمالها الشديد الذي سيزول مع السنين هو سر تعلق ابنه بها وأن عليها أن تبتعد عنه لمصلحته فتقرر أن تلبي دعوة فلورا وتحضر الحفل , تكتب رسالة وداع لألفريدو الذي يتصور أنها تركته من أجل حبيب جديد وأنها اشتاقت لحياتها الماضية .
يصل ألفريدو إلى الملهى الباريسي ويقامر بتهور متصورا أن هناك قصة غرامية بين فيوليتا وصديقها القديم البارون (دوفول) فيجن جنونه ويستدعي ضيوف الحفل ليشهدوا أنه أعاد إليها كل النقود التي أنفقتها عليه ..
يتمكن داء السل من فيوليتا ويخبر الطبيب الخادمة أن سيدتها ليس أمامها وقت كثير , ولما تستيقظ فيوليتا من نومها تعيد قراءة خطاب وصلها من جيرمون والد الفريدو يخبرها فيه أن ابنه اكتشف حقيقة تضحيتها وانه في طريقه إليها طلبا للصفح..يصل إليها جيرمون ومعه الطبيب كما يحضر الفريدو إليها فتمنحه صورة صغيرة لها وتطلب منه أن يقدمها للمرأة التي سيتزوجها .. تستجمع قواها وتحاول النهوض من فراشها إلا أنها تسقط وتفارق الحياة.
انعكاس المرايا يجعل الجمهور جزءا من العرض
حالة فريدة ومميزة من التفاعل والمشاركة تتحقق جليا في عرض (لاترافياتا) فالمرايا تنعكس على مختلف زوايا المسرح طوال العرض وهي تقنية تحتاج لقدرات هندسية كبيرة ويختتم الفصل الأخير من العرض بأن تنعكس المرايا على الجمهور ليصير جزءا من العرض لاسيما في المشهد الختامي .
المهندس التشيكي (جوزيف سفوبودا) فنان ومصمم مناظر هو من ابتكر هذه التقنية الهندسية في العرض وقد شغل منصب المصمم الرئيسي للمسرح الوطني التشيكي لأكثر من 30 عاما.
 
تُعتبر أوبرا لاترافياتا نقلة فنية ونوعية في تاريخ الأوبرا العالمية إذ أنها فتحت المجال لتقديم أوبرات هامة تعكس قضايا معاصرة بعد أن كانت مجرد استلهام من الماضي وبعيدة كل البعد عن هموم الجماهير.
 .

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات